في تركيا.. يمكنك أن تتبرع بدمك حتى في الشارع
كان أفيندار جيلان يهم بالدخول لأداء صلاة الظهر في جامع الفاتح بمدينة إسطنبول حين شدت خيمة التبرع بالدم التي أقامتها جمعية الهلال الأحمر التركي في فناء الجامع انتباهه، فقرر بلا تردد دخولها.
وخلال سنوات عمره الخمسين تلقى جيلان كثيرا من المعلومات عن فوائد التبرع بالدم للمتبرعين والمستقبلين له على السواء، بل إنه عاش التجربة ذاتها خمس مرات سابقا.
وقال جيلان للجزيرة نت إنه تبرع بالدم في كل مرة دون أن يصل إلى أي مستشفى لهذا الغرض، ففي كل الحالات كان يستجيب لمراكز التبرع الجوالة المؤقتة التي يصادفها في مدينته إسطنبول بين الحين والآخر.
وعندما تكون في تركيا فإنك لا تحتاج إلى التوجه للمستشفيات أو المراكز الصحية للتبرع بالدم، بل إن تلك المؤسسات هي التي تبادر بالوصول إليك، سواء كنت في حديقة الإطفائية أو ميدان أوكساري أو حتى في ساحة جامع الفاتح أو في غيرها من الأماكن العامة.
وتمثل رؤية زوايا التبرع بالدم والخيم الخاصة بذلك مشهدا مألوفا في العديد من أحياء مدينة إسطنبول وساحاتها وميادينها العامة.
وينظر جيلان للأمر من زاوية تبادل المنافع فيقول "من يدري يا بني، فربما نحتاج في يوم ما إلى من يتبرع لنا بدمه كما نتبرع نحن اليوم للناس".
دم واحد لثلاثة أرواح
عادة ما تستخدم المؤسسات الطبية التركية شعار "بير قان أوتش جان" ويعني بالعربية "دم واحد.. ثلاثة أرواح"، والذي يفسره الهلال الأحمر التركي بالقول إن وحدة دم يتبرع بها مريض واحد يمكن أن تنقذ أرواح ثلاثة أشخاص آخرين.
وتفسر الجمعية ذلك بالقول إن الدم ينقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة، هي الكريات الحمراء والكريات البيضاء والصفائح الدموية، وإن الوحدة الواحدة بعد فرزها بالطرد المركزي إلى هذه المكونات الثلاثة توزع على ثلاثة مستقبلين بحسب الحاجة لتنقذ أرواحهم.
شروط الأمان
وكل ما تحتاجه هذه العملية هو سيارة نقل الدم والأسرة التي يستلقي عليها المتبرعون، ومعدات السحب والتحريك، بالإضافة طبعا إلى المخبريين المختصين الذين يعملون على إتمام عملية التبرع ونقل وحدات الدم في ظروف معيارية ملائمة، كالتعقيم والتحريك وحفظ درجات الحرارة وسيولة النسيج وضمان سلامة المتبرعين والوحدات.
وتشير الطبيبة في بنك الدم بمخبر "مايفي حياة" بإسطنبول ديليك مصطفى إلى أن توفر كل تلك الظروف يجعل عملية سحب الدم في ذاتها عملية آمنة حتى لو تمت خارج المراكز الصحية.
لكن الطبيبة تشدد على ضرورة أن تتم العملية بإشراف مباشر ودقيق من الأطباء ومختصي المختبرات لضمان تلك الظروف، والتأكد من سير عملية التبرع في ظروف معقمة وبنظام محكم الإغلاق يمنع أي اتصال بين النسيج الدموي والبيئة الخارجية التي قد تكون عرضة للتلوث.
كما شددت على ضرورة التأكد من سلامة أكياس تخزين الدم وتعقيمها وتوفير الماكينات التي تقيس كمية الدم المسحوب وتضمن تحريكه وحفظه بدرجة الحرارة المناسبة خلال حفظه ونقله إلى بنوك الدم.
وتنبه الطبيبة إلى ضرورة توفير معالجين في مواقع التبرع لعلاج أي مضاعفات قد يتعرض لها المتبرعون، خاصة الذين يتبرعون للمرة الأولى والذين قد يتعرضون للصدمة والدوخة وفقدان الوعي في بعض الأحيان.
وتقول مصطفى للجزيرة نت إن انتشار مراكز جمع الدم في إسطنبول يهدف إلى توفير وحدات الدم للمشافي والمؤسسات الطبية، نظرا للحاجة الكبيرة لها داخل المستشفيات، بل إنها تعتبر انتشار هذه المراكز مطلبا طبيعيا في المدن الكبرى كإسطنبول.
حملات تشجيعية
تنشط العديد من البلديات المحلية والمؤسسات التركية في إقامة فعاليات التبرع بالدم، ومنها حملة التبرع التي نظمتها بلدية كاديكوي في مبنى البلدية الواقع في الجانب الآسيوي لمدينة إسطنبول.
فقد انخرطت البلدية في حملة "تبرعك بالدم يحيي الأرواح" التي جابت أحياء تركيا بمناسبة الأسبوع الدولي لخدمات الصليب الأحمر، حيث تقدمت طواقم البلدية ومسؤولوها قوائم المتبرعين بوحدات الدم والخلايا الجذعية في صالة البلدية.
وأوضحت دائرة الإعلام والعلاقات العامة في البلدية للجزيرة نت أن الحملة جمعت في يوم واحد 30 وحدة من الدم ووحدتين من الخلايا الجذعية، مؤكدة أن شخصيات محلية معروفة روجت للحملة لدعوة الناس للانخراط فيها.
وقال المدير الإداري للبلدية داود كابوشو إن الهدف من تنظيم حملات التبرع بالدم هو حاجة المجتمع بأكمله اليه، موضحا أنه يحرص منذ 10 سنوات على التبرع بالدم مرة كل 4 أشهر.
المصدر/ الجزيرة نت