اسطنبول تجمع شمل المغتربين العرب على المائدة الفلسطينية
على الرغم من الثقافات المتعددة في تركيا، التي أتاحت فرصا ومساحات للكثير من العرب، وجدت بعض النساء الفلسطينيات المقيمات في اسطنبول أرضية خصبة للإعلان عن قدراتهن واستعدادهن لطهي الطعام الفلسطيني، وهو ما لاقى إقبال بعض العائلات والطلبة.
تحاول النساء الفلسطينيات في اسطنبول، ممن لا يجدن سهولة التأقلم مع المجتمع التركي وصعوبة في دراسة اللغة والتحرك بين منطقة وأخرى لكبر المساحة، استثمار أوقاتهن بتوفير أطعمة فلسطينية مقابل عائد مادي معقول، لا يقارن بأسعار ما تنتجه المطاعم، حتى أصبح" المفتول إلى جانب الفسيخ"، أكثر الأصناف إنتاجا وطلبا.
" قدس برس" حاورت واحدة من النساء الفلسطينيات المقيمات على الأراضي التركية، منذ ثلاث سنوات، بعد أن استثمرت وجودها بصحبة أسرتها، لاسيما أبناءها، الذين يكملون دراستهم الجامعية، للتعرف على آلية إعداد الطعام ومدى نجاح فكرتها، في ظل الانتشار الواسع للمطاعم العربية، وخاصة السورية.
لم يكن الإعجاب بأطباق الطعام التي تطهيها "أم العز" بين مناسبة وأخرى لصديقاتها، محض صدفة، إلا بعد أن عرضن عليها إمكانية افتتاح مطعم للمأكولات العربية، خاصة الفلسطينية المشهورة بجودتها وطعمها في اسطنبول، بالتزامن مع كثرة الطلب على الطعام العربي.
تحدثت الأربعينية، وهي أم لستة أولاد، عن بدايات فكرة مشروعها الصغير، والذي يحاول قدر المستطاع المساهمة في توفير تكاليف العيش المرتفعة بين فترة وأخرى، قائلة: "بدأت الفكرة بتشجيع الأصدقاء لي بفتح مطبخ فلسطيني، بعد أن تطوعت بالمساعدة لإعداد أطعمة في المناسبات والحفلات، وبعدها بدأت الطلبات تتوافد إلى بيتي من الأصدقاء".
في تلك الفترة، أصبحت "أم العز" ربة بيت عاملة منتجة، تتلقى أعمالها إعجاب الآخرين، وهو ما ولد لديها إصرارا وعزيمة لإثبات وجودها وتقديم المزيد من وجبات الطعام التي يصعب على البعض إنتاجها، مثل "المفتول، والفسيخ" وغيرها.
طابع تراثي
آلية التواصل بين أبناء الجالية الفلسطينية من الأراضي المحتلة، واللاجئين من دول سوريا ولبنان والأردن وغيرها، ليست صعبة، في ظل سهولة الوصول إلى ما تريده عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الواتساب والفيس بوك)، وهو ما سهل وصول العديد من الزبائن المقيمين إليها، لإعداد أطعمة بنكهة فلسطينية خاصة.
وأضافت: "حاليا أقدم الأكلات الفلسطينية ذات الطابع التراثي، والتي يصعب طبخها على النساء حديثات الزواج مثل المقلوبة الفلسطينية"، وبالتالي العديد من الطلبة الفلسطينيين ممن يشدهم الحنين إلى وطنهم وطعام ذويهم يتواصلون معي.
سمعة جيدة
من خلال تجربتها خلال السنوات القليلة الماضية، ترى "أم العز" أن بعضا من العائلات في اسطنبول تفضل المطابخ المنزلية عن المطاعم سواء تركية أو عربية لسببين، أولهما طعمها ونكهتها، والثانية، لأنها أكثر توفيرا لهم من الناحية الاقتصادية، خاصة في حال العائلات الكبيرة.
واستدركت حديثها: "الكثير من الجاليات العربية الموجودة في اسطنبول على احتكاك مع الفلسطينيين في بلدانهم الأصلية، وهو ما جعل سمعة المطبخ الفلسطيني معروفة للكثير منهم، حتى أن بعض العرب من دول مختلفة بدأوا يطلبون الطعام الفلسطيني لمعرفته المسبقة بنكهته".
وعلى الرغم من اتساع حلم الفلسطينية التي غادرت قطاع غزة، بإنشاء مطعم خاص بالمأكولات الفلسطينية التراثية، والوصول إلى عدد أكبر للجالية الفلسطينية والعربية، إلا أن بعضا من المعوقات تواجهها خلال مسيرة إعداد الأطعمة وهي التوصيل إلى المنازل، نظرا لحجم اسطنبول الكبير مساحة وسكانا.
في الآونة الأخيرة، ومع بدء الإجراءات من قبل الحكومة التركية، لمنع تفشي جائحة كورونا، وفرض حظر التجوال في بعض الأيام، ازدادت كميات الطلب على الأطعمة التي تطهيها " أم العز"، وهو ما رسخ لديها فكرة مواصلة المشروع إلى أن يتوسع بإنشاء مطعم، معتمدة بذلك على ثقتها العالية في إعداد الأكلات بنكهة خاصة، وتشجيع الزبائن لها.
المصدر/ قدس برس