هل تفتح الإمارات "شهية" الوطن العربي للتطبيع؟
قطعت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية والاحتلال الإسرائيلي، أشواطا كبيرة خلال خمسة أيّام فقط من إخراجها إلى العلن، واضفاء الطابع الرسمي عليها، وفاجأت مسؤولي ومواطني الاحتلال أنفسهم.
وعقب إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن تطبيع كامل للعلاقات بين الامارات والكيان الغاصب، خرج نتنياهو ليؤكد للعالم أنه يوم تاريخي، واعدا شعبه أنّ قضية الضّم ستستمر لآخر شبر من فلسطين، وما تحجج به الإماراتيون تحت بند "توقيف ضم مزيدا من آراضي الفلسطينيين" لا أساس له من الصحة ولا وجود له ضمن بنود الاتفاق.
وبالتزامن مع الإعلان الرسمي المذكور، حرصت دول عربية وسبقت العالم الغربي لتبارك الخطوة، وتقدم التهاني للطرفين، وأولها مصر والبحرين وسلطنة عمان، تلتها شخصيات إماراتية وعربية من إعلاميين ورجال دين مهنئة، وفي الوقت ذاته ”مشيطنة" الفلسطينيين وقضيتهم، وعلى رأس هؤلاء الشخصيات: الداعية وسيم يوسف، والإعلامي اللبناني مسؤول البرامج بقناة MBC، علي جابر، وغيرهم من الاعلاميين العرب.
والتزمت الصمت باقي الدول العربية خاصة دول شمال إفريقيا، والتي طالما تغنت بعدالة القضية الفلسطينية ورفضها القاطع لكل أشكال التطبيع، مع دولة الاحتلال الغاصب، خاصة الجزائر وتونس والمغرب، ولم يصدر عنها أي تعليق رسمي حتى اللحظة، فيما استنكرت شعوبها ما جرى في صور لم تخرج من مواقع التواصل الاجتماعي.
واختارت دولة الإمارات أن تفتتح علاقاتها العلنية مع الاحتلال، بتوقيع اتفاق تجاري بين شركة "أبيكس الوطنية للاستثمار" الإماراتية مع مجموعة "تيرا" التابعة لدولة الاحتلال، بهدف التعاون في مجال البحث والتطوير المرتبط بفيروس كورونا المستجد، وذلك يوم السبت الماضي.
وبعد يومين من إعلان الاتفاق، غادر السفير الفلسطيني، عصام مصالحة أبو ظبي، من دون رجعة، ليدخلها رئيس استخبارات الاحتلال "الموساد" يوسي كوهين، ضيفا عزيزا، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، وتوسيعه ليشمل التعاون في أهم المجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والطبية والثقافية.
وانطلقت بعدها الاتصالات الرسمية المكثفة بين البلدين، بداية من اتصال وزير الخارجية الإمارتي عبد الله بن زايد آل نهيان، ونظيره وزير خارجية الاحتلال غابي اشكنازي، يوم الأحد 16 أغسطس/آب الماضي.
من جهتها أكدت مديرة الاتصال الاستراتيجي في وزارة الخارجية الإماراتية، هند مانع العتيبة، عبر حسابها الرسمي على "تويتر"، أنه تمّ إزالة الحظر المفروض على خطوط الاتصالات الهاتفية بين البلدين، وكذا على المواقع الإلكترونية التابعة لدولة الاحتلال في دولة الإمارات العربية.
وأمس الاثنين، وجه رئيس دولة الاحتلال، رؤوفين ريفلين، دعوة رسمية لولي عهد الإمارات محمد بن زايد، إلى زيارة القدس الشريفة المحتلة، بعد يوم من ترحيب نائب قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان، بمواطني الاحتلال الذين سيزورون الإمارات، في منزله.
فيما استضافت قناة ""سكاي نيوز عربية" الإماراتية مساء أمس، رئيس وزراء الاحتلال في لقاء خاص، أعلن من خلاله أنّ بلاده تعمل حاليا على تنظيم رحلات جوية مباشرة، بين دبي وتل أبيب "القدس المحتلة"، وستمر في طريقها عبر الأجواء العربية السعودية.
وخلال أقل من أسبوع عن الإعلان المشؤوم، بدأت وسائل إعلام الاحتلال، تنشر تقارير خاصة لموظفين بوزارة الخارجية يقومون بتفقد المباني التي قد تضم سفارة الاحتلال في أبو ظبي.
كلّ هذه الخطوات المتسارعة جعلت حكومة الاحتلال، على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، تؤكد أنّ مبدأ "الأرض مقابل السّلام"، الذي اعتمدت عليه عملية التسوية السياسية التي انطلقت في قمة بيروت عام 2002، قد انتهى بدون رجعة، وأنّ الإمارات فتحت شهية الوطن العربي للتطبيع، وأنّ أكثر من أربع دول عربية قد هرولت لتحذو حذو أبوظبي.