تقرير: ماذا يفعل "أرطغرل" في جامعات غزّة؟
قال عنه رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان: "يعلم شبابنا الأخلاق والثقافة والتاريخ الإسلامي"، ونصحت ملكة ماليزيا، عزيزة أمينة ميمونة إسكندرية، بمشاهدته لأنه يعالج قضايا إسلامية مهمة، وفي الجامعة الإسلامية بغزة جنوبي غرب دولة فلسطين المحتلة، اختارت خمس طالبات أن يكون عنوان مذكرة تخرجهن "مسلسل قيامة أرطغرل ودوره في تعزيز القيم التربوية والجهادية".
وحول اختيار مشروع التخرج في الجامعة الإسلامية بغزة، بقسم الدعوة والإعلام، يقول مشرف البحث الأستاذ الدكتور يحيى علي الدجني، في تصريح خاص ل"وكالة نيوترك بوست": الأمر أشعرنا بسعادة، لقناعتنا بأنّ بضع حلقات من مسلسل هادف ومؤثر تفوق تأثير مئات الخطب من فوق المنابر رغم تأثيرها".
وأوضح الدجني، أن الجامعات الفلسطينية عموما تهتم بالكتابة في مثل هذه المواضيع التربوية الهادفة، حيث سبق مناقشة مذكرة تخرج حول المسلسل التلفزيوني الفلسطيني "الفدائي" الذي بثته فضائية الأقصى، ومع بروز الدراما التركية بثوبها الجديد الذي جذب كثيرا من الشباب والمتابعين، اتجهت أقلام بعض الباحثين وطلبة العلم للكتابة حول تأثيرها.
وأضاف أنه قد تم سابقا إنجاز دراسة شاملة من قبل طلبة باحثين في الكلية الجامعية حول أثر المسلسل التركي "قيامة أرطغرل" في تعزيز الانتماء الوطني لطلبة الجامعات بغزة "الكلية الجامعية نموذجا"، متحدثا عن تجربته في الإشراف سابقا على مشروع مماثل، حول مسلسل الروح الفلسطيني ومدى تأثيره على تعزيز الفكر المقاوم.
وأشار الدجني، أنه لا أحد ينكر عظيم تأثير الدراما التاريخية وقدرتها على جذب المشاهد خاصة لما تحمل رسالة توجهها إلى الشعوب لمخاطبة مشاعرهم وعقولهم، بطريقة إخراجية قوية، وبما يتوافق وذوقهم العام.
ولفت الدجني إلى "أن المسلسل عليه بعض المآخذ الشرعية التي كان من السهل تجاوزها لو عُرِض على لجنة شرعية، ولكان للعمل تأثيرا فاق تأثيره الحالي" مضيفا " لكن ذلك لا ينفي أنّه استطاع إخراج شبابنا من حالة الإحباط واليأس في زمن الخيانة الذي نعيشه، ورفع معنوياتهم من خلال الانتصارات التي يشاهدونها ولو على التلفاز".
أمّا صاحبات المشروع، الطالبات نور جواد جاد الحقّ، وأمل مجدي صالحة، وتسنيم محمد صابر أبو عودة، وسجود محمد الشنطي ونور الهدى معتز أبو حصيرة، فأكدن أن "فكرة اختيار الموضوع جاءت نتيجة الاستحسان الكبير الذي لاقاه المسلسل لدى الجمهور الفلسطيني في غزّة، وما حمله المسلسل من المبادئ والقيم الأقرب للتشريع الإسلامي".
وأضاف الطالبات أن "هناك تأثير كبير لمسناه في مجتمعنا بسبب المسلسل، من خلال تطبيع شخصياته على الدّفاتر والملابس لدى الصّغار، في حين يضع الكبار موسيقى التتر كنغمة لهواتفهم"، موضحة أنه " صحيح فكرة الدراما التاريخية ليست بالجديدة لكن الحرفية التي صُور بها وجودته، والمشاهد المؤثرة جعلته يُشتهر في تركيا وفي العالم الإسلامي ككل"، كل هذه الملاحظات عززت لديهن فكرة اختيار الموضوع.
ولفتت أنّ من خلال البحث "أدركنا أنّ التأثير الحقيقي للدراما ببعديها الفكري والمجتمعي، يساهم في صناعة الوعي وقولبة الفكر، وأنّ الفن هو أنجح عملية للحفر المعرفي وثقب الذاكرة"، وأضافت " إنّ أهم ما في هذا العمل المتميز أنه يعيد قراءة التاريخ برؤيا درامية مشوقة تنمي روح الكبرياء لدى الأجيال".
وتابعت: "المسلسل أظهر دور العلماء في نشر الدّين الاسلامي والدعوة إلى الله وغرس القيم الحميدة وأساس التنشئة والتربية السليمة".
وختمت الطالبات حديثهن بتقديم توصيات لجميع المنتجين والقائمين على الأعمال الدرامية في العالم العربي والاسلامي، أن يتقوا الله ويكونوا بناة لمجتمعاتهم لا معاول هدم لقيمها وأخلاقها ومبادئها، وعلى رواد العمل الاسلامي أن يساهموا في تشجيع الأعمال الدرامية الهادفة وبالمعايير الاسلامية فكرا وعقيدة وسلوكا، والتوسع مستقبلا في دراسة هذه المواضيع.
يُذكر أنّ الجامعة الإسلامية بغزة، تأسست عام 1978 م، ولم يكن فيها سوى ثلاث كليات، وحاليا تضم 11كلية من العلوم والمعارف الشرعية والإنسانية والعلوم التطبيقية كالطب والهندسة وغيرها، وتمتاز بفلسفتها الإسلامية في مناهجها، كما تُعنى بمواكبة التطورات وفتح مختلف التخصصات الجديدة ومن بينها قسم الدعوة والإعلام الذي افتتح في عام 2016 م ، والذي يُعنى بتخريج إعلاميين بخلفية شرعية، ومدرسين ودعاة لخدمة العملية التعليمية والدعوية في مجتمعهم.
و"قيامة أرطغرل" مسلسل تركي تاريخي، تقع أحداثه في القرن ال13 الميلادي، ويتناول سيرة حياة الغازي أرطغرل بن سلمان شاه، والد عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية، تم عرض خمسة مواسم كاملة من العمل بداية من عام 2014، فاز بعشرات الجوائز المحلية والدولية، عُرض في 85 دولة وب 25 لغة، وشاهده إلى الآن نحو 4 مليارات حول العالم.