تقرير: قبل يوم من ذكرى وفاتها..أردوغان يستذكر أيقونة النّضال في تركيا
تصادف غدا السبت، الذكرى الأولى لرحيل إحدى أبرز الشخصيات النّسائية المناضلة في تركيا، إنّها أيقونة النّضال من أجل الحجاب الكاتبة والمؤلفة التركية، شعلة يوكسال شينلار.
وقبل يوم من حلول الذكرى، استذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، مناقب شينلار ونشر عبر حسابه الرسمي على "تويتر" و"فيسبوك"، تغريدة ومنشور ترحم من خلالهما على أيقونة الحجاب وإحدى ملهمات نساء وشباب تركيا، والمرأة التي جمعته بشريكة حياته أمنة.
فمن هي شعلة يوكسال شينلار؟
ولدت يوكسال شينلار بمدينة قيصري وسط تركيا، عام 1938، ثم انتقلت للعيش في إسطنبول، وأمام ظروف إفلاس عائلتها ومرض والدتها اضطرت لاتخاذ قرار مصيري وصعب جدّا، حيث تركت مقاعد المدرسة في المتوسط، من أجل العمل كمساعدة لخياط من أصل أرميني، لتساعد أسرتها التي كانت بحاجة إليها.
لكن توقفها عن الدراسة لم يطفئ فيها شغف حب العلم والكتابة، حيث وفي سن الرابعة عشرة نشرت مجلة "Yelpaze" التركية، مجموعة من القصص التي كانت تكتبها، ومن هنا اختارت إسم "شعلة" ليكون اسمها الأول الذي يرافقها طوال حياتها ومسيرتها الغنية جدا.
استمرت شعلة في رعاية والدتها وعملها بالخياطة، كما اهتمت بالفنون حيث حضرت دروس تعلم العزف على الناي والقانون، إلى جانب إعطائها اهتماما واسعا بالقراءة، وبسن ال21 أصبحت كاتبة مشهورة، إسمها يزاحم أسماء كبار كتاب تركيا في ذلك الوقت.
تأثرت شعلة في بداية حياتها بكتاب "ريسال"، لرجل الدين المعروف سعيد النورسي، وبسببه لبست الحجاب وهي في سن ال27، والتزمت بأداء فروض الشريعة الاسلامية، وأصبحت الشابة الأكثر تدينا بين قريناتها.
ولم تتوقف شعلة عند نشر المقالات في الكثير من الصحف والمجلات المعروفة، من أجل إحداث تغيير في الأفكار التي يحملها شباب جيلها، بل أصبحت تنتقل من مدينة إلى أخرى بدون كلل ولا ملل من أجل إقامة ندوات ومحاضرات، مركزة على أهم المواضيع التي تمس المرأة المسلمة والعقيدة في المجتمع التركي، كما أصبحت تقيم محاضرات لتشجيع الفتيات على ارتداء الحجاب.
لكن نشاطها الدؤوب هذا عرضها لمجموعة من المسائلات القانونية، ومع ذلك استمرت في طريقها الذي اختارته، وبدأت بتصميم حجاب خاص بها، خاصة وأنها امتلكت تجربة كبيرة في مجال الخياطة، وفي فترة وجيزة انتشر تصميمها وصار نموذجا تبحث عنه فتيات ونسوة تركيا، وهو الحجاب المنتشر اليوم بين التركيات، بل وتبحث عنه نساء العالم الإسلامي تحت مسمى "الحجاب التركي".
وفي عام 1969، أصبحت مسؤولة عن قسم المرأة في إحدى المجلات التركية، إلى جانب شقيقها، مما سهل عليها أكثر مهمة نشر دعوتها، وتوعية بنات ونساء مجتمعها بأهمية الحجاب، وذلك من خلال القصائد والمقالات التي كانت تنشرها.
في عام 1970، تحولت إحدى أشهر رواياتها "زقاق السّلام" إلى فيلم سينمائي، ومن ثم إلى مسلسل تلفزيوني، وتم بيع آلاف النسخ من روايتها المكتوبة، لكن فرحتها لم تتم وبعام 1971 سُجنت شعلة بتهم كثيرة، أهمها إهانة الرئيس، وبقيت في السّجن ثمانية أشهر، بعد مقالتها "ابكوا يا إخواني المسلمين"، والتي عبّرت من خلالها عن حزنها الشديد من حفاوة الاستقبال التي لقيها بابا الفاتيكان، في زيارة له إلى بلادها، كما أظهرت في كتاباتها التنازلات التي قدمتها حينذاك الدولة.
وبعد مسيرة حافلة من العطاء والنّضال، ودعت مدينة إسطنبول، في ال29 أغسطس/آب 2019، أيقونتها وشعلة تركيا عامة، في جنازة مهيبة بمسجد السلطان أيوب، حضرتها شخصيات كبيرة في الدولة يتقدمها الرئيس رجب طيب أردوغان، وزوجته أمينة، رثتها أغلب الشخصيات التركية لما صنعته من إلهام للأجيال من خلال كفاحها الطويل.
رحلت شعلة بعمر ال81 عاما، وتركت وراءها ارثا سيبقى يتذكرها من خلاله الأتراك جيلا بعد جيل، فبالإضافة إلى آلاف المقالات والقصائد، خلفت أيضا كتب قيمة منها: الهداية و ماذا حدث لنا، والمرأة في الإسلام، والمرأة اليوم، وكل شيء من أجل الإسلام، ودموع الحضارة، وفتاة وزهرة، واليد اليمنى، وغيرها.
وقيل أنها كانت السبب في اجتماع الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان بزوجته آمنة، ممّا جعلها تأخذ مكانة مميزة بين أسرة الرئيس وعقيلته.