تقرير: ومن الحب.. شيد لابنته برجا يحميها من الموت
يعتبر إحدى أهم الآثار السياحية في تركيا عامة، وأشهر معالم مدينة إسطنبول خاصة، البرج الأصغر في تاريخ المدينة العريقة، وأكبر معلم لما حمله من أساطير وحكايات وقصص.
يطلق عليه بالتركية"Kız Kulesi"، وبالعربية "برج الفتاة"، على جزيرة صغيرة عند المدخل الجنوبي لمضيق البوسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، يبعد نحو 200 متر عن ساحل أسكودار في الجانب الآسيوي لمدينة إسطنبول.لا توجد معلومات دقيقة حول سنة تشييده، وأكثر المعلومات تشير إلى أكثر من 300 أو 250 عام قبل الميلاد.
برج الفتاة ويتميز بشُرفة تحيط بقمته وهي ذات إطلالة فريدة، تزداد سحراً بوجود طيور النورس التي يصدح صوتها بالمكان وتحلق فوقه وبالقرب منه بأعداد كبيرة. pic.twitter.com/ihYfhUCYri
— وكالة نيو ترك بوست (@newturkpost) September 22, 2020
قيل عن سبب بنائه الكثير والكثير من الروايات والأساطير التي امتزجت بين الحب والعشق والنهايات المأسوية، والتي جعلته محل جذب آلاف الزوار من سياح أجانب وأتراك، وأصبح الوجهة المفضلة لحبيبين أو عروسين من أجل أخذ مجموعة صور تذكارية في أحد طوابقه السّت، التي يبلغ ارتفاعها 23 مترا، أو في شرفته ذات الإطلالة الفريدة، والتي تزداد جمالا وسحرا بوجود أسراب طيور النورس التي لا تفارق المكان.
ومن أشهر الأساطير التي رويت عن سبب تشييده، أنه كان هناك سلطانا يحب ابنته حبا جمّا، وفي إحدى الليالي راوده حلم مزعج، مفاده أنه في عيد ميلاد محبوبته الثامن عشر، سوف تلدغها أفعى وتودي بحياتها.
استيقظ السلطان على الحلم الكابوس، ممّا جعله يفكر في طريقة لحماية إبنته من الأفعى القاتلة، حتى اهتدى إلى فكرة إبعاد ابنته عن اليابسة، قام بردم جزءا من مضيق البوسفور، وبنى لها برجا صغيرا على جزيرة صغيرة في محاولة منه لإبعادها عن أية أذية أو مكروه.
وبعد أيام من نقل فتاة أبيها المحبوبة إلى قصرها الجديد المحصن، أرسل لها سلة مليئة بالفواكه، لكن ثعبان كان يختبئ فيها، وقبل أن تتهنى الفتاة بفواكه أبيها، تلقت لدغة سامة أردتها قتيلة.
حزن السلطان حزنا شديدا على فقدان فلذة كبده محبوبته، وأطلق على البرج إسم "برج الفتاة" لتبقى ذكرى لدى كل زائر للمكان، وعبرة بأنه "لا مفر من قضاء الله".
ومن الروايات أيضا التي يتداولها الأتراك، حول برج الفتاة، وهي أن الجزيرة الصغيرة استخدمت معبدا للرهبان للتفرغ للعبادة بعيدا عن كل مشاغل الحياة، وكان بينهم راهبة شابة اسمها هيرو، وفي أحد جولاتها خارج الجزيرة التقت بشاب اسمه لياندور، ووقعا في الحب من أول نظرة، ولأن الحب كان محرما على الرهبان حتى لا ينشغلوا عن العبادة، ما دفع الحبيبان إلى الالتقاء سرّا كل ما سنحت لهما الفرصة.
وكان لياندرو يقطع المسافة سباحة ليلتقي بهيرو في جزيرتها المعزولة، وفي أحد الليالي الماطرة وقبل وصوله إلى حبيبته جرفته المياه ومات غرقا، فلما عرفت هيرو أصابها الحزن الشديد، ولم تطيق العيش بعده، فأقدمت على وضع حد لحياتها، ليصل الخبر فيما بعد إلى كل أرجاء المدينة وتشتهر قصتهما، وتبقى الجزيرة التي جمعت وفرقت عاشقين، أحد أهم معالم إسطنبول الساحرة.
وتشير الروايات التركية القديمة، أن الجزيرة استخدمت محطة للسفن أثناء الحكم البيزنطي للقسطنطينية، وبعد الفتح العثماني من قبل السلطان محمد الفاتح، عام 1453، قام رئيس المعماريين في الدولة آنذاك إبراهيم باشا، ببناء برج صلب وبنى له قبة، كما تم بناء برج مراقبة لاستخدامه أثناء الحرب.
واستُخدِم البرج مع تأسيس الجمهورية التركية الجديدة، كمكان للحجر الصّحي للمصابين بالأمراض المعدية، وفيما بعد بثت منه أوّل إذاعة في المدينة.
في العام 2000 وفي إطار الخطة التي وضعتها الدولة للنهوض بالسياحة، فتح برج الفتاة ليكون مطعما كونه معلما أثريا، لجلب أكبر عدد من السياح، ليصبح لاحقا الوجهة المفضلة لأغلب الزوار، والذهاب إليه لا يكون إلا بالحجز المسبق، ويتميز بخدماته الراقية، وتقديمه الطعام العثماني بشكل فاخر وجذاب.
ويمكن الوصول للبرج بطريقة سهلة، وذلك من ساحل أسكودار على الضفة الشرقية لمضيق البوسفور، حيث توجد قوارب صغيرة تنقل إلى برج الفتاة.