نجاحات العرب في تركيا.. وطن آخر فتح أيديه لهم
تعتبر تركيا الوجهة المفضلة لدى أغلب العرب سواء للسياحة والاستجمام أو للعمل والاستثمار أو الدراسة...، وبذلك تعد تركيا الوطن الثاني بالنسبة لكثير من المواطنين العرب بعد وطنهم الأم. حيث اختار كثير من الجاليات العربية -العيش في تركيا- التي بلغ عددها أزيد من 5 ملايين شخص، خاصة السوريين الذين يعتبرون الجالية العربية الأولى الأكثر استقرارا في تركيا بنسبة تصل إلى ما يقارب 4 ملايين لاجئ، متبوعة بالجالية العراقية...
وقد ساهم الانفتاح الدبلوماسي التركي نحو الوطن العربي في تزايد عدد الجاليات العربية المقيمة في تركيا، والتي كان أغلبها من المستثمرين ورجال الأعمال الذين يتوجهون إلى هذا البلد للاستثمار، نظرا لما تتوفر عليه تركيا من بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، ناهيك عن الإمتيازات والتسهيلات الكثيرة التي تقدمها الحكومة التركية للمستثمرين الأجانب خاصة العرب، بالإضافة إلى سهولة فتح الشركات فيها وإقامة الأعمال التجارية...
وبذلك استطاع الكثير من المستثمرين العرب تحقيق مجموعة من الإنجازات داخل تركيا، حيث ساهموا بشكل كبير في إثراء المجتمع العربي والتركي بأعمالهم وخبراتهم...
ومن بين هذه النجاحات الكبيرة التي حققتها الجاليات العربية المقيمة داخل تركيا نجد، النجاح الباهر الذي حققته سلسلة مطاعم "غزة فلافل" لصاحبها "طلعت خطيب أوغلو" وهو رجل أعمال فلسطيني من قطاع غزة (المحاصر) ويحمل أيضا الجنسية التركية.
حيث استطاع طلعت خطيب أوغلو (53 عام) أن يفتتح مطعمه الذي يحمل اسم "غزة فلافل" لأول مرة في سنة 2016 في قلب مدينة إسطنبول بمنطقة أكسراي التي تشهد على طول اليوم رواجا سياحيا وتجاريا كبيرا.
بعدها بفترة قليلة، تمكن "طلعت خطيب أوغلو" من افتتاح فرعين آخرين ضمن سلسلة مطاعم "غزة فلافل"، واحد بمنطقة أسنيورت بساحة الميدان مقابل المسجد، والثاني بمنطقة شيرين إفلر مقابل شارع محمود بيه، نتيجة الثقة المهمة التي اكتسبها من قبل المواطنين الأتراك قبل نظراءهم من العرب.
وبالرغم من أن سلسلة مطاعم "غزة فلافل" الثلاثة تقدم الأكلات العربية التي يشتهر بها المطبخ الفلسطيني كالفلافل، والفول، والحمص، والكفتة...، إلا أن ذلك لم يمنع المواطنين الأتراك من أن يكونوا من الزوار الأكثر ولوجا إلى المطعم.
وهذا يؤكد على الثقة المهمة التي اكتسبتها سلسلة مطاعم "غزة فلافل" في عموم تركيا جميعا وليس في مدينة إسطنبول فقط، ويدل هذا أيضا على الأهمية الكبيرة التي توليها إدارة المطعم لزبناءها الأفياء الذين يرتادون المطعم بشكل مستمر.
حيث تسعى إدارة المطعم دائما على أن تقدم لزبناءها أجود الخدمات الشاملة، سواء من حيث جودة الطعام وطريقة التقديم والنظافة والتعقيم، والتي تضع الزبون ونسبة رضاه على رأس قائمة أولوياتها المطلقة والأساسية.
وتسهر إدارة سلسلة مطاعم "غزة فلافل" بشكل دائم ومستمر على أن تكون أسعار الأكلات التي تقدمها على قائمة الطعام بأسعار مناسبة وفي متناول الجميع.
وعن سر نجاح مطعم "غزة فلافل"، يقول صاحب المطعم (طلعت خطيب أوغلو)، "بأن سر النجاح في أي مشروع دائما يكمن في أن يعمل المرء بما يرضي الله أولا، ثم أن يتحقق قبل نومه ألا يكون قد أكل حق بني آدم"، مستدلا بالحديث النبوي الشريف "أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه".
ومن جانب الإعلام والصحافة، تعد تركيا الحضن الأول للصحافيين والإعلاميين من مختلف الدول العربية، خاصة بعد أحداث الربيع العربي الذي شهدته كثير من الدول العربية قبل 9 سنوات.
حيث باتت تركيا، ومدينة إسطنبول بالخصوص، عاصمة للإعلام العربي الرافض لسياسات القمع وتكميم الأفواه من طرف الأنظمة الديكتاتورية والمستبدة في الوطن العربي.
واستطاعت تركيا أن تستقطب العديد من الصحافيين والإعلاميين العرب، حيث وجدوا ضالتهم داخل تركيا، سواء حرية الصحافة والبنية التحتية والخدمات ذات الجودة العالية، بالإضافة إلى غياب التدخلات الأمنية والإملاءات السياسية، وكذا الترحيب الذي لقوه في تركيا حكومة وشعبا.
وبعد ثورات الربيع العربي هاجر الكثير من المواطنين العرب إلى تركيا بحثا عن بلد آمن وهربا من الأنظمة القمعية التي تحكم الوطن العربي، واستقبلت تركيا الملايين من المهاجرين العرب بلغ عددهم أزيد من 4 ملايين شخص معظمهم من الجالية السورية والعراقية واليمنية والفلسطينية...
حيث يتواجد داخل تركيا ما يزيد عن 3 ألاف إعلامي عربي، يعملون مع عشرات المواقع الإخبارية والقنوات التلفزية والفضائية والمحطات الإذاعية الناطقة باللغة العربية. حيث تهتم غالبا بآخر التطورات في الوطن العربي وتطورات الربيع العربي والقضية الفلسطينية....
ويأتي الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين على رأس القائمة بعدد يصل إلى أزيد من 950 إعلامي، من إجمالي عدد الصحافيين العرب، متبوعين بالمصريين والسوريين والعراقيين ثم اليمنيين، وآخرين من دول شمال أفريقيا.
وتبث من إسطنبول العشرات من القنوات الفضائية العربية، كقناة "مكملين" وقنوات "الشرق" وتلفزيون "وطن" وكلها قنوات مصرية تهتم بالشأن المصري ومعارضة للنظام المصري.
تليها قنوات المعارضة السورية ك "تلفيزيون سوريا" وقناة "الجسر"، متبوعة بالقنوات الليبية كقناة "أحرار ليبيا"، قناة "فبراير"، وقناة "نبأ الليبية"، وهي قنوات ليبية تهتم بالشأن الليبي وتواكب تطورات الثورة الليبية بعد الإطاحة بنظام القذافي..
دون أن ننسى القنوات الفضائية اليمنية كقناة "بلقيس"..، وقناة "الرافدين" العراقية...، كما أن العديد من القنوات الفضائية الأخرى التي تتخذ من خارج تركيا مقرا رئيسيا لها مثل قناة "العربي" وقناة "الحوار"، توجد لها استوديوهات خاصة بها في مدينة إسطنبول...
هذا بالإضافة إلى العديد من المواقع الإخبارية الالكترونية التي تتخذ من مدينة إسطنبول مقرا لها، كوكالة "نيو ترك بوست الإخبارية"، و"عربي 21"، "رصد"، "فلسطين بوست"، "إذاعة مسك"، "ساسة بوست" إلى غير ذلك.
وأبرز العديد من الصحافيين العرب الموجودين داخل تركيا أن هذه الأخيرة تعد أرضا خصبة للإعلام العربي الحر، وذلك بفضل حرية الصحافة وحرية التعبير المكفولة قانونيا داخل تركيا، مشيرين إلى أن تركيا أصبحت في الآونة الأخيرة ملاذا آمنا للمضطهدين حول العالم خاصة العرب.
وتقدم السلطات التركية العديد من الامتيازات والتسهيلات الكبيرة للمواطنين والمقيمين العرب داخل الأراضي التركية، الإعلاميين والصحفيين على وجه التحديد، حيث ترفض السلطات التركية دائما تسليم المعارضين للأنظمة القمعية في الوطن العربي، وهذا هو الذي شجع الكثير من الصحفيين العرب على تغيير وجهتهم صوب تركيا التي يرون فيها المنجى الوحيد من القتل أو السجن تحث التعذيب، خاصة الذين فشلت محاولاتهم في الوصول إلى الديار الأوروبية والأمريكية..
كما تقدم الحكومة التركية تسهيلات وامتيازات أخرى تتجلى في سهولة وسرعة حصول المواطنين العرب على تأشيرات الدخول والخروج من وإلى الأراضي التركية، بالإضافة إلى تسهيل بعض المسائل القانونية المتعلقة بتراخيص الإقامة التي يصطلح ب "الكملك"، وإجراءات الحصول على الجنسية التركية كجنسية ثانية أو ثالثة، كما حصل الألياف من الجالية السورية والعراقية واليمنية والفلسطينية على الجنسية التركية بسهولة تامة، عبر إجراءات غير معقدة.
كما تحتل الجاليات العربية المقيمة في تركيا المرتبة الأولى من حيث شراء الأجانب للعقارات في تركيا، خاصة في مدينة إسطنبول، التي تعتبر المدينة الأكثر إيواءً للجاليات العربية.
وبهذا أصبحت تركيا الملاذ الآمن لعدد كبير من الجاليات العربية، التي أصبحت تفضل العيش في تركيا على أن تعيش في الدول الغربية بعد تركها لأوطانها الأصلية، بحيث أن تركيا حققت لهم ما لم تحققه لهم دولهم الأم والتي يحملون جنسيتها.