يحتفل نحو 44 مليون جزائري، عبر كامل أنحاء البلاد وخارجها، يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، بحدث هام يعد نقطة تحول في تاريخ الجزائر، ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة، التي دامت 7 أعوام ضد احتلال فرنسي همجي دام ما يقارب 132 عاما، من 5 تموز/يوليو 1830 حتى 5تموز/يوليو 1962 تاريخ">

الجزائريون يحيون ذكرى ثورتهم التي قضت على أحلام الفرنسيين

الجزائريون يحيون ذكرى ثورتهم التي قضت على أحلام الفرنسيين
الجزائريون يحيون ذكرى ثورتهم التي قضت على أحلام الفرنسيين

تقرير: الجزائريون يحيون ذكرى ثورتهم التي قضت على أحلام الفرنسيين

يحتفل نحو 44 مليون جزائري، عبر كامل أنحاء البلاد وخارجها، يوم 1 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، بحدث هام يعد نقطة تحول في تاريخ الجزائر، ذكرى اندلاع الثورة التحريرية المباركة، التي دامت 7 أعوام ضد احتلال فرنسي همجي دام ما يقارب 132 عاما، من 5 تموز/يوليو 1830 حتى 5تموز/يوليو 1962 تاريخ استقلال الجمهورية الجزائرية.

تحيي الجزائر اليوم الأحد الذكرى السنوية ال66 لاندلاع ثورة التحرير ضد المحتل الفرنسي، التي اندلعت في مثل هذا اليوم من عام 1954، قدم فيها الجزائريون من أجل حريتهم أكثر من مليون ونصف مليون شهيد ومئات الآلاف من المفقودين والمهجرين والمعطوبين، خلال سبع سنوات نضال، لتكون شاهدة على جزء بسيط من حقيقة ما فعلته فرنسا الاستعمارية من جرائم لا تزال أثارها إلى يومنا هذا.

انطلقت الثورة التحريرية بمشاركة نحو 1200 مجاهد لا يملكون سوى 400 قطعة سلاح وبضع قنابل يدوية، في وجه إحدى أقوى جيوش العالم (الفرنسية)، لكن سلاحهم الأقوى كان الإيمان بعدالة القضية وحب الوطن حسب ما يتداوله الأبناء عن الآباء والأحفاد عن الأجداد، ممن صنعوا تلك الملحمة التي أصبحت رمزا للنضال ليس في المنطقة العربية فحسب بل ألهمت الثوار والأحرار عبر مختلف أنحاء العالم لقيادة حركاتهم التحريرية ورفضهم للعبودية ضد جميع أنواع الاستعمار.

أُعلن عن اندلاع  ثورة "نوفمبر المباركة" كما يطلق عليها، بعد جرائم ومجاز عديدة تفننت فرنسا في ارتكابها على مدار قرن من الزمن، أبرزها سياسة الإبادة الجماعية، والأرض المحروقة (1830-1847) التي اتبعها الاحتلال لمواجهة المقاومة الشعبية وذلك للقضاء على مصادر تمويلها وتموينها.

وستبقى جماجم 32 من رموز المقاومة الشعبية، ممن أعدمهم جيش الاستعمار ونكّل بجثمانهم، وترحيل رؤوسهم إلى متحف "التاريخ الطبيعي" بالعاصمة الفرنسية باريس، بدعوى عمل عليهم دراسات أنثروبولوجية، شاهدة على تاريخ فرنسا الأسود في الجزائر، فيما استقبل الجزائريون في مثل هذا اليوم من العام الماضي رفاة 24 شهيدا منهم.

كما تعتبر أحداث 8 أيار/مايو 1945، من الأيام الأليمة الراسخة في ذاكرة الجزائريين، والتي راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد، أثناء خروجهم في مظاهرات سلمية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مطالبين بالاستقلال لتقابلهم القوات الفرنسية بوحشية عسكرية قلّ نظيرها.

كما استخدمت فرنسا الاستعمارية جميع أشكال التعذيب والتنكيل، ضد الجزائريين وكل من يساند قضيتهم العادلة، من بينهم الفرنسي موريس أودان، والذي قام الجنود الفرنسيين بتعذيبه أقصى أنواع العذاب حتى الموت لأنه كان ضد سياسة بلاده في الجزائر حينها، حسب ما كشفت عنه السلطات الفرنسية في عام 2019 لزوجته.

استمرت الثورة التحريرية رغم ردة فعل المحتل الوحشية، وصمم الجزائريون على المضي قدما حتى التحرير رغم فقدانهم الكثير من الأرواح، ففي 1957 اختطفت سلطات الاحتلال أكثر من 8 آلاف جزائري ووضعتهم داخل قوالب إسمنتية وتركتهم حتى جفّ الإسمنت على أرجلهم وأيديهم وبعدها حملتهم بطائرات مروحية، ليتم رميهم في عرض البحر أحياء.

Image

وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 1961، قابلت فرنسا أكثر من 60 ألف جزائري متظاهر أثناء خروجهم في باريس للمطالبة بالاستقلال برصاص حي، فقتلت منهم ألف و500 شخص، فيما قامت بإغراق الآلاف منهم في نهر السين، واعتقال الباقين، حسب ما اعترف به الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، واصفا إيّاه ب"قمعا دمويا".

ولم تدع فرنسا أسلوب قمع وتنكيل إلا وفعلته ضد الجزائريين، من أجل أن يتحقق حلمها في أن تصبح "الجزائر مقاطعة فرنسية"، ففي العام 1961 قامت بتفجير قنبلة في الصحراء الجزائرية، فاقت قوتها قوة هيروشيما ب 3 مرات، أتبعتها ب 17 تفجيرا نوويا، تسببت التفجيرات في سقوط 42 ألف شهيد، وأدت الإشعاعات النووية إلى ظهور آلاف الإصابات السرطانية، ولا تزال منطقة "رقان" في الجنوب الجزائري إلى يومنا هذا غير صالحة للحياة نتيجة هذه التجارب، لتكون شاهدة على إجرام ووحشية فرنسا الاستعمارية.

ينتظر الجزائريون سنويا، الساعة 00:00 من الفاتح من نوفمبر وهي الدقيقة التي خرجت فيها أول رصاصة لتعلن عن اندلاع الثورة التحريرية، للوقوف دقيقة صمت على أرواح مليون ونصف مليون شهيد ممن سقطوا خلال الثورة، وملايين آخرين ممن استشهدوا خلال 132 عاما من الاستعمار، وترديد النشيد الوطني الذي يتضمن أبيات تذكر فرنسا بأن وقت العتاب قد طوي كما يطوى الكتاب، أمام النصب التذكارية لقادة الثورة، وداخل المؤسسات الحكومية والغير حكومية، فيما تنطلق فعاليات للتذكير بتاريخ الأجداد، من خلال محاضرات في الجامعات ودور الثقافة، وعرض أفلام وثائقية لترسيخ معاني الثورة المباركة التي ألهمت أحرار العالم وحررت القارة السّمراء في ذاكرة الأجيال القادمة.

 

 

 

مشاركة على: