تقرير: مولانا.. العالم الاسلامي الفلسفي الذي خاطب جميع الحضارات بالحب
يحيي الأتراك يوم 17 كانون الأول/ديسمبر من كل عام، ذكرى وفاة العالم الاسلامي المتصوف جلال الدّين الرومي، الملقب بـ"مولانا".
ففي مثل هذا اليوم من عام 1273 رحل العالم المتصوف الزاهد "مولانا" عن عالمنا، تاركًا خلفه عشرات آلاف الرسائل والأشعار، والملايين من مريديه وعشاق طريقته المولوية.
وتحرص تركيا في كل عام على إحياء المناسبة التي مرّ عليها 747 عامًا، في ولاية قونيا حيث عاش وتوفي ودُفن الرومي، وذلك من خلال تنظيم فعاليات وبرامج تتضمن حفلات للموسيقى الصوفية، وعروضا للرقصة المولوية "السّماح"، إلى جانب معارض وندوات ومؤتمرات ومسرحيات تحاكي تاريخ وسيرة "الرومي".
ولأن المناسبة تزامنت هذه السنة مع القيود التي فرضها فيروس كورونا المستجد، فقد قررت السلطات المحلية إحياء الذكرى بالاقتصار على فعاليات محدودة جدّا وحضور محدود، على عكس السنوات الماضية حيث كانت تحتضن قونيا عشرات الآلاف من الزوار من داخل وخارج تركيا المتلهفين على فكر الرومي المتشبع بالمحبة والسّلام.
ولد الرومي في مدينة في مدينة بلخ التي تقع اليوم في أفغانستان، في 30 أيلول/سبتمبر 1207.
اشتغل الرومي بالفتوى والتدريس، فأقبل عليه التلاميذ واستمال الناس بعلمه وزهده حتى لقبوه ب"إمام الدين" و"عماد الشريعة"، وبلغ عندهم مرتبة من سعة العلوم والمعارف دعوه بسببها "سلطان العارفين".
اقرأ أيضا رسالة في الذكرى الـ747 لوفاة مولانا..أردوغان: نمد يد العون للبشرية جمعاء دون تمييز
استقر في قونيا حتى وفاته، في 17 كانون الأول/ديسمبر 1273، بعد أن تنقل طالبا للعلم في عدد من المدن أهمها دمشق.
أنشأ طريقة صوفية عرفت بالمولوية، وأسس المذهب المثنوي في الشعر، إضافة إلى كتابته مئات آلاف أبيات الشعر عن العشق الإلهي والفلسفة.
حُظيت أشعاره الصوفية برواج كبير في العالم بعد أن ترجمت لعديد من اللغات، ولقيت استحسانا من المسلمين وغير المسلمين، شكل الرومي مثالا عظيما للتسامح، متّبعا تعاليم الدين الإسلامي.
وبعد مرور 747 عامًا على رحيله، يبقى العالم جلال الدين الرومي، أهم شعراء وأعلام التصوف الفلسفي في التاريخ الإسلامي، وأكثرهم تأثيرا على مر العصور، ومثالا عظيما للتسامح، حيث وصف أنه العالم ذو الرؤية الرسالية العالمية التي تخاطب كافة حضارات العالم باعتبارها مصدر الهام لكل الناس.
"فيما مضى كُنت أحاول أن أُغير العالم، أمّا الآن وقد لامستني الحكمة، فلا أحاول أن أُغير شيئاً سوى نفسي".