تركيا تجري مباحثات لتصوير عمل تاريخي ضخم في الجزائر
كشفت سفيرة تركيا لدى الجزائر، ماهينورأوزدمير كوكطاش، الخميس، عن إجراء مباحثات مع الجانب الجزائري من أجل تصوير أجزاء من عمل درامي تاريخي ضخم حول القائد "خير الدّين بربروس"، في البلد الذي حقق فيه أمير بحارة العثمانيين انتصارات عظيمة .
جاء ذلك في تصريحاته لكوكتاش، مع قناة "الشروق نيوز" الجزائرية.
وأشارت السفيرة إلى أنّ تركيا والجزائر يربطهما مورث ثقافي وتاريخي طويل، وثري، انطلق عام 1516 مع قدوم "الإخوة بربروس"، داعية إلى إحياء وتطوير هذا الموروث من خلال أعمال فنية وسينمائية مشتركة.
ويعتبر خير الدين بربروس باشا، أول قائد للأسطول البحري العثماني، لا يزال يُصنّف حتى اليوم أحد أبرز القادة البحريين، وأحد الرموز التي ساهمت في تأسيس الإمبراطورية العثمانية، وُلد عام 1478، في ميديللي التي استقر فيها والده صباحي يعقوب آغا، بعد فتحه للجزيرة.
اسمه الأصلي هو خضر بن يعقوب، وقد منحه السلطان ياوز سليم، لاحقا اسم "خير الدين"، ولقب الأوروبيون شقيقه الأكبر عروج بـ"باربروسا"، وذلك بسبب ميل لحيته إلى اللون الأحمر أو البرتقالي، عند وفاة شقيقه اتخذ خير الدين باشا نفس الاسم الذي يقابله في اللغة العثمانية مصطلح "بربروس".
في العام 1502، بدأ وشقيقه عروج بمحاولات فرض السيطرة على البحر المتوسط، حيث اكتسبا شهرة كبيرة في تلك الفترة بفضل الانتصارات التي حققاها في إسبانيا، وجنوة (جنوبي إيطاليا حاليا)، وفرنسا.
وفي العام 1516، أرسل الشقيقان قسما كبيرا من الغنائم البحرية التي استوليا عليها إلى السلطان ياوز سليم، كهدايا وبدآ بعد تلقيهما الدعم من الدولة العثمانية عقب ذلك، بفرض السيطرة على بعض الأراضي في شمال إفريقيا.
ولما أحكما السيطرة على الجزائر بين عامي 1516- 1517، بعد سلسلة من المعارك ضد الغزاة الإسبان والجنويين، لكن وبعد تحالف الإسبان مع السكان المحليين، شن والي تلمسان الذي لجأ سابقا إلى إسبانيا، هجوما مضادا على الجزائر عام 1518، استشهد خلاله شقيقا خير الدين باشا، إسحق وعروج.
بعد وفاة شقيقيه، استمر خير الدين باشا في حكم الجزائر لفترة، قبل أن يتخذ قرارا مصيريا، ويرسل بوفد إلى السلطان العثماني ياوز سليم، لعرض دخول الجزائر في حكم الدولة العثمانية.
ولاقى العرض قبولا من السلطان، وأمر بصك النقود باسمه، والخطبة له في المساجد، وعيّن خير الدين باشا واليا على البلاد.
كما أرسل السلطان العثماني إلى بربروس قوة من سلاح المدفعية وفرقة من قوات الإنكشارية قوامها ألفي جندي، لتدخل بذلك الجزائر تحت حكم الدولة العثمانية، قبل أن يمنح السلطان اسم "خير الدين" باشا، لـ"الريس" خضر.
وبعد ذلك، ساهم خير الدين باشا في إنقاذ الآلاف من مسلمي الأندلس من ظلم محاكم التفتيش الإسبانية، حيث قام بنقلهم بواسطة السفن التركية إلى السواحل الإفريقية، واستقر حوالي 70 ألفا منهم في الجزائر.
كما حقق بربروس باشا انتصارات كبيرة تحت راية الدولة العثمانية، في شمال إفريقيا، ومياه المتوسط، ضد كل من إسبانيا وجنوة وفرنسا.
وبعد وفاة السلطان ياوز سليم، استمر خير الدين بتحقيق الانتصارات البحرية تحت راية السلطان سليمان القانوني، حيث استدعاه الأخير إلى إسطنبول عام 1534، وعينه قائدا بحريا، لصد هجمات البحارة المسيحيين على شبه جزيرة مورا.
وبعد تحقيق الدولة العثمانية المزيد من الانتصارات في مياه المتوسط بفضل بربروس باشا، أعدت كلا من الباباوية والبندقية وجنوة ومالطا، وإسبانيا، والبرتغال، أسطولا صليبيا ضخما، بهدف مواجهة الأسطول العثماني، حيث التقيا في خليج أمبراسيان، في معركة بروزة البحرية، والتي تعد من أكبر المعارك البحرية حتى ذلك التاريخ.
وبلغ تعداد الأسطول الصليبي في معركة بروزة، أكثر من 600 سفينة، و60 ألف جندي، في حين وصل عدد السفن العثمانية إلى 122 سفينة، وحوالي 20 ألف جندي.
وحقق خير الدين بربروس باشا في هذه المعركة انتصارا عظيما، حيث دمر 128 سفينة صليبية، واستولى على 29 سفينة، دون أن يفقد أسطوله أي سفينة، واستشهد في المعركة حوالي 400 جنديا عثمانيا.
وعقب ذلك النصر، عززت الإمبراطورية العثمانية من سيطرتها على مياه البحر المتوسط، و سعى الملك الإسباني شارلكان للانتقام وشن حملة مضادة ضد الجزائر، إلا أنها باءت بالفشل.
وحسب مصادر تاريخية، فإن بربروس باشا كان يتقن لغات عدد من دول حوض المتوسط، مثل الرومية، والعربية، والإسبانية، والإيطالية، والفرنسية، ورغم مضي معظم حياته في البحار، إلا أنه بنى جامعا، ومدرستين في إسطنبول.
وتوفي خير الدين بربروس باشا في 4 يوليو/ تموز عام 1546، عن عمر ناهز الـ 76 عاما، في منطقة بيشكتاش بإسطنبول، ودُفن بالقرب من مدرسة أنشأها هناك.
اقرأ أيضا حفيد قائد الأسطول البحري العثماني يستقبل السفير الجزائري في بيته