تقرير: مميزات العيش في تركيا ونصائح للراغبين في الانتقال إليها
أضحت تركيا خلال العشر سنوات الأخيرة الوجهة المفضلة للعديد من العرب والأجانب، ليس للسياحة فقط بل للدراسة و العمل و الإقامة الدائمة والعيش في مدنها العريقة، نظرًا للتقدم الفكري والاقتصادي والاجتماعي، الذي يتمتع به هذا البلد المؤمن بمبادئ الاحترام والحرية والتعايش وتعدد الأفكار، وهي مبادئ قلّما نجدها مجتمعة في بلدٍ آخر.
وفي هذا السياق، يتساءل العديد من الراغبين في الانتقال للعيش في تركيا، عن طبيعة الحياة في هذا البلد (مميزاتها وتكاليفها)، وكيفية التأقلم السريع مع أفراده، لذا حاولنا في وكالة “نيو ترك بوست” نجمع بعض المعلومات والنّصائح حول الحياة في تركيا.
تتميز الحياة في تركيا بالسهولة والمرونة مقارنة بالبلدان المتقدمة الأخرى، حيث أدت سياسة الانفتاح التي انتهجتها الحكومة الحالية بقيادة حزب “العدالة والتنمية”، بعد غياب وعزلة طويلة عاشها الأتراك، إلى تغير قسم كبير من المجتمع التركي، وأصبح يتمتع بالاحترام والمحافظة على قواعد الجوار، والإيمان بالحرية وتعدد الأفكار، وهذا ما يُشعِر المقيم أو المستثمر بتلك الطمأنينة، وهذا ما يبحث عنه كل متطلع للعيش فيها.
فإذا كنت من الراغبين للانتقال إلى بلاد الأناضول، أول خطوة لتحقيق هذه الرغبة، تكمن في التقدم إلى السفارة أو القنصلية التركية الموجودة في بلدك للحصول على تأشيرة، وبعد الحصول عليها، والقدوم إلى تركيا حينها اختار الإقامة المناسبة لممارسة حياتك بشكل طبيعي على الأراضي التركية.
وفي هذا السياق، توفر تركيا إقامات متعددة، أبرزها الإقامة العقارية والمقترنة بشراء عقار والتي تجدّد كل سنة وتحق كذلك للزّوجة والأولاد ممن هم دون الثامنة عشرة بوصفهم مرافقين، كما أن هناك إقامة قصيرة الأمد، وتعرف أيضاً باسم الإقامة السياحية وتتراوح مدة سريانها بين 6 أشهر وسنة، وهناك الإقامة طويلة الأمد(الإقامة الدائمة في تركيا) حيث تُمنح للمُقيم فوق الأراضي التركيّة بشكل متواصل دون انقطاع لمدة ثماني سنوات وفقاً لشروط محددة، وهناك إقامة العمل وتُمنح للأجانب الموظّفين في شركات تركيّة، وإقامة الطالب وتمنح للطّلبة الذين يحضرون إلى تركيا للدّراسة في الجامعات التّركيّة، كما أن هناك الإقامة العائلية في حال زواج الرجل من تركيّة، أو زواج المرأة من تركي، ويحقّ لصاحبها التّقدّم إلى الجنسيّة التّركيّة بعد ثلاث سنوات، كما يمكن الحصول على الإقامة العائلية لأفراد أسرة الموظف الحاصل على إقامة العمل.
وبالنسبة لهاجس الاندماج في المجتمع التركي، فإن أهم ميزات العيش في تركيا ظاهرة البساطة والخلو من التعقيد، وهذا ما لمسه أغلب المقيمين الأجانب، إذ يشتهر الشعب التركي بمظاهر البساطة في حياته وطبيعة نظامه المعيشي، وسرعان ما انتقلت هذه المظاهر إلى دوائرهم الرسمية وتُرجمتْ في المنشآت الصحية والتعليمية والخدمية بشكل ملحوظ، حتى في مطعمهم ومشربهم، فلا وجود لتلك الفوارق الطبقية الهائلة.
كما توفر تركيا خدمات تقنية عالية، فهناك تطبيقات بين يدي كل مقيم، يستطيع من خلالها استخراج أوراقه الرسمية، حيث تعد من الدول الرائدة في مجال التسويق الإلكتروني، فكل ما تحتاج إليه تجده في تلك التطبيقات، ويصل في سرعة مذهلة إلى باب بيتك.
ومن النّصائح المقدمة للراغبين في القدوم للعيش في تركيا، لا تحتاج إلى نقل الكثير من الأشياء عند قدومك، حيث يمكنك أن تجد كل شيء في هذا البلد الأوروبي الآسيوي المتقدم.
يفضّل الأتراك التواصل بلغتهم، لذلك يجب أن يتعلم الراغب في العيش بينهم لغتهم، وهي الطريقة المناسبة للتعامل مع هذا المجتمع السهل الممتنع، حيث يعد تعلم اللغة التركية من الأولويات التي توفر الراحة للمقيم الأجنبي، ويجدر بنا الإشارة إلى أن معرفتك باللغة الإنجليزية من الممكن أن يكون كافيًا للتواصل مع المثقفين فقط، أما عامة الشعب التركي، فمن الضروري أن يكون لديك معرفة باللغة التركية للتواصل معهم والاختلاط بهم.
وهناك طرق عديدة لتعلم اللغة التركية، سواء من دروس وقنوات اليوتيوب، أو التسجيل في المعاهد والمدارس المتعددة الموجودة في تركيا، أبرزها معهد “يونس إمره”، وغيرها.
ومن الجدير بالذكر أن تركيا منفتحة جداً على الثقافات الأخرى والأديان وأساليب الحياة، فقد قبلت الثقافات والمعتقدات الأخرى، ورحبت بالأجانب من كافة أنحاء العالم، كما يمكن للمقيم الأجنبي خاصة الطالب أن ينضم إلى الجمعيات التركية التي تضم نشاطات متعددة للأتراك والدوليين، هذه النشاطات مثل، الرحلات إلى المواقع التاريخية، دروس اللغة الإنجليزية، فضلًا عن ندوات الشعر والأدب وجلسات القهوة الصباحية، وحفلات العشاء تعتبر ملتقى مهم ومناسب جدًا للطلاب للتعرف على الشعب التركي والتأقلم.
تختلف تكاليف السكن على نطاق واسع، لذلك يُنصح أن يتجول الفرد ويستطلع الأمر قبل أن يقرر ويختار مكان مناسب للإقامة، ففي تركيا، يوجد العديد من المجمعات السكنية، التي يفضلها الكثير من الأجانب وبأسعار مناسبة يوجد فيها الغالي والمتوسط والمعقول، كما توجد سكنات في الأحياء الشعبية، وتختلف تكلفة التملك أو الإيجار من منطقة إلى أخرى ومن ولاية إلى أخرى.
وما يميز العيش في تركيا عموماً، توفير جميع التسهيلات والمتطلبات التي يحتاجها الفرد من مواصلات وبجميع أنواعها “حافلات مترو أنفاق، مترو باص، سيارات أجرة، سفن وغيرها”، وكذلك أسواق ومحال تجارية ومرافق رياضية وأخرى ثقافية وعلمية وغيرها من المرافق الضرورية.
أمّا بالنسبة لتكاليف المعيشة في تركيا بصفة عامة، فهي لا تدخل في حيز التكلفة العالية، ولاسيما إن قورنت بغيرها من دول العالم التي تحمل خصائص تحضرها ورقيها وتمدنها، فالمعاش الأصغر، أو الحد الأدنى للأجور مما يلبي حاجة الإنسان في حياة كريمة متوسطة التكاليف، كما أن هذا الأمر نسبيٌّ، نسبة إلى كل شخص ومقدراته المالية واحتياجاته الحياتية.
وبخصوص فرص العمل في تركيا، يستطيع الأجنبي أن يجد فرصة عمل بشكل رسمي عقب الحصول على “تصريح العمل” من الجهات الرسمية، خاصة إذا كان يجيد اللغة التركية، ومن فرص العمل المتوفرة نجد مجال الترجمة الواسع، أيضا مجال السياحة بكل أنواعها خاصة الطبية منها، والفنادق والمطاعم بصفتها من أبرز الدول السياحية على مستوى العالم، كذلك العمل في المصانع والمنشآت وورش البناء، إضافة إلى الفرص التي يمكن أن توفرها العديد من الشركات العامة والخاصة، للأجانب وفقًا للخبرة والشروط التي تضعها.
وتعد تركيا من أكثر البلاد المتقدمة التي توفر تسهيلات كثيرة للمستثمرين الأجانب، حيث توفر فرص استثمار غير موجودة في أي بلد آخر، مثل الاستثمار العقاري، والأعمال الحرة مثل فتح محلات تجارية صغيرة وكذا التّجارة الخارجية، والخدمات الطّبية والتعليمية والسياحية.
وأمام كل هذه التسهيلات والميزات تتمتع تركيا بموقع جغرافي ممتاز، ومناخ مناسب، وتتوزع على مساحة كبيرة، تضم 81 ولاية، في كلّ منها مئات المعالم الطبيعية والتاريخية والمنشآت السياحية والحدائق العامة، كما أنها تطل على بحارٍ أربعة، البحر الأسود في شمالها، وبحر إيجه، وبحر مرمرة الذي يربط البحر الأسود ببحر إيجه ويفصل الجزء الآسيوي لتركيا عن جزئها الأوروبي، إضافة إلى البحر الأبيض المتوسط، كما تخترقها أنهار عديدة، وتتزين أغلب محافظاتها بمساحات خضراء تعلوها جبال شامخة تضفي على جمالها جمالاً، ممّا يجعلها جنّة الله على الأرض.