الدولة السلجوقية وآخر سلاطينها العظام

الدولة السلجوقية وآخر سلاطينها العظام
الدولة السلجوقية وآخر سلاطينها العظام

الدولة السلجوقية وآخر سلاطينها العظام

تعتبر الدولة السلجوقية واحدة من الدول الكبرى في تاريخ الإسلام، وتأسست على يد سلالة السّلاجقة، وهي سلالة تركية من قبيلة قنق، التي تنتمي إلى أتراك الأوغوز، قامت عام 1037م وانتهت عام 1157م عند مقتل آخر سلاطينها أحمد سنجر.

من أعظم سلاطينها جلال الدولة ملك شاه، ابن السلطان ألب أرسلان بن جفري بك السلجوقي التركي، ثالث السلاطين العظام في الدولة السلجوقية، وآخرهم، تولى السلطنة عام 1072 م، وفي عهده بلغت الدولة أقصى اتساعاتها حتى وصلت من تركستان "كاشغر" شرقًا إلى القدس غربًا، وظل قياصرة الروم يقدمون إليه الجزية المفروضة عليهم كل عام، دون إخلاف أو تأجيل.

تشير المصادر التركية، إلى أنّ ملك شاه، تولى الحكم بعد وفاة أبيه السلطان ألب أرسلان، أحد عظام سلاطين الدولة السلجوقية، والذي قاد معركة "ملاذ كرد" أهم المعارك في التاريخ الإسلامي وأكثرها تأثيرًا، شأنها شأن حطين وعين جالوت، التي كانت لها نتائج وتأثيرات استمرت لقرون عدة وحتى يومنا هذا، حيث في السادس والعشرين من أغسطس/آب من كل عام، يحتفل الأتراك خاصة والشعوب الإسلامية عامة بذكرى انتصار الأتراك السلاجقة على الإمبراطورية البيزنطية.

وبمجرد خلافة ملك شاه لأبيه ألب أرسلان، الذي قُتل عام 1072 بيد غادرة، حتى انصرف إلى إكمال ما بدأه السلطان الوالد من فتوحات، وبدأ ببسط نفوذ دولة السلاجقة حتى تشمل جميع أنحاء العالم الإسلامي، بداية ببلاد الشّام، بعد انتزاعها من الفاطميين، وأسند حكمها إلى اخيه تاج الدّين تتش عام 1077م.

وتميز ملك شاه برجاحة عقله وحسن سياسته، وعدله الذي وُصف بعدل الصّحابي الجليل، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فبعد تأمينه لبلاد الشّام، والبلاد التي فتحها السلاجقة في آسيا الصغرى، توجه إلى بغداد، ولزيادة قوة واستقرا ونفوذ دولته، وطد علاقة الصداقة مع الدولة العباسية، خاصة بعد زواج ابنته  من لخليفة العباسي المقتدي بأمر الله.

وبدأ في التوسع بإخضاع جزء من آسيا الوسطى، إلى إقليم كشغر "عاصمة تركستان الشرقية"، وبلغ ملك السلاجقة أقصى اتساعه، فامتد من حدود الهند شرقًا إلى البحر المتوسط غربًا، وفي عهده بلغت الدولة أقصى نفوذها وأصبح قياصرة الرّوم يقدمون الجزية المفروضة عليهم، بعد معركة "ملاذ كرد" المشهورة، كلّ عام دون إخلاف أو تأجيل.
وازدهرت الحركة الثقافية، في عهد ملك شاه، واستمر العصر الذّهبي للدولة السلجوقية بعد السلطان ألب أرسلان، وتم تنظيم كتاب عظيم "سياسة نامه" من قبل الوزير النابغة "نظام الملك"، الذي كان له الدور الكبير فيما شهدته الدول الإسلامية المتاخمة للروم، من حياة منتظمة على جميع الأصعدة، ما أكسب السلطان وعامة السّلاجقة احتراما وتقدير منقطعي النّظير من قبل المسلمين.

كما شجع الوزير النّابغة الذي منحه السلطان صلاحيات واسعة، على تعمير المدن وإصلاح البلاد، وتشييد المساجد والمدارس، وبنايات عظيمة في بغداد وأصفهان، وخُصصت مبالغ كبيرة لأصحاب المدارس والفقهاء، وخرجت هذه المدارس كبار أئمة العلم مثل: حجة الإسلام أبي حامد الغزالي صاحب كتاب "إحياء علوم الدّين"، إضافة إلى إقرار العدل والأمن والنّظام العام في جميع الدول التي كانت تحت حكم السلاجقة.

وُصِف ملك شاه، بـ “أعظم سلاطين السلاجقة وأحسنهم سيرة وأسخاهم يدًا وأعدل السلاطين حكما”، بذل جهود عظيمة وباستمرار على مدى عشرين عاما من حكمه، ودون ملل أو كلل، حتى بلغ بالدولة السلجوقية ذروة نفوذ القوّة والازدهار، وأصبحت إمبراطورية عظمى، يحسب لها ألف حساب، حتى توفي عام 1092 م، ليصبح ما بناه مجرد دويلات صغيرة متناحرة، مما أتاح الفرصة لنجاح الحملات الصليبية الأولى عام 1096 م.

مشاركة على: