تركيا تحيي ذكرى الملحمة التي سطرها شعبها خلال محاولة الإنقلاب الفاشل
يُحيي الشعب التركي، اليوم الخميس، الذكرى الخامسة لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد في 15 يوليو/تموز 2016، والتي نفّذَتها عناصر محدودة من الجيش تتبع تنظيم فتح الله غولن الإرهابي.
وأعلنت تركيا الخامس عشر من يوليو/تموز من كل عام يوماً للديمقراطية والوحدة الوطنية في تركيا، تخليداً لشهداء إفشال المحاولة الانقلابية.
وفي ومساء الخامس عشر من يوليو/تموز شهدت العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول محاولة انقلاب فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لتنظيم غولن الإرهابي، حاولوا خلالها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وقوبلت المحاولة الانقلابية باحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات، إذ توجه الأتراك بحشود غفيرة نحو مقرّي البرلمان ورئاسة الأركان في العاصمة، والمطار الدولي بمدينة إسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن.
وأجبر الموقف الشعبي آليات عسكرية كانت تنتشر حول تلك المقار على الانسحاب، ما ساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الانقلابي
ماذا حدث في مطار أتاتورك في 15 يوليو؟
وذكرت وسائل إعلام محلية تركية أن مطار أتاتورك كان أحد أهم النقاط في محاولة الانقلاب في 15 يوليو.
واستشهد شخصان وأصيب عدد كبير من المحاربين على أرض المطار، إليكم ما حدث في تلك الليلة في مطار أتاتورك، حيث قاد الرئيس أردوغان العملية.
أثناء محاولة الانقلاب التي نفذها غولن الإرهابية في 15 يوليو، كان مطار أتاتورك أحد الأهداف الحاسمة للخونة.
وفي الساعة 23:00، أغلقت المدرعات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين مداخل ومخارج المطار.
ودخل الانقلابيون، الذين جاءوا إلى برج مراقبة الحركة الجوية بالمطار، البرج الساعة 23.35 للسيطرة على الحركة الجوية.
وبدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان، بدأت الأمة في الاستيقاظ.
وفوجئ الخونة الذين قطعوا الطريق إلى مطار أتاتورك بإيمان وفطنة الحشد.
وأوضح أنور يافوز، مراقب الحركة الجوية، أن الأشخاص ذهبوا إلى ساحة الانتظار، إن الآليات العسكرية فتحت النار على الناس.
واصيب العشرات من الأشخاص بجروح من جراء الاسلحة النارية واستشهد ماهر ايابك وزكريا بيتميز 17 عاما في المطار.
وأتت المقاومة ثمارها، وأعادت شرطة العمليات الخاصة تأكيد سيطرتها عن طريق إزالة الانقلابيين من برج مراقبة الحركة الجوية.
أردوغان يرفض عرض "المأوى"
تحرك الرئيس رجب طيب أردوغان من مرماريس إلى إسطنبول وحذر موظفو البرج قائد طائرة ATA من أن أردوغان كان بداخلها.
باستخدام الرمز الرسمي للخطوط الجوية التركية، ضللت طائرة ATA الخونة ونجحت في الهبوط في مطار أتاتورك.
التقى الرئيس أردوغان بالآلاف الذين فاضوا إلى ساحة المعركة.
فور رفضه عرض "لنأخذك إلى الملجأ"، خرج أردوغان من دار الضيافة الحكومية بشكل متكرر وطلب عدم ترك الساحات فارغة.
تم استخدام القاعة الوسطى الكبيرة كمقر وكان أفراد عائلته معه أيضًا في هذا الوقت.
"تركيا فشلت محاولة الانقلاب هذه"
أُعلن في مطار أتاتورك أن الانقلاب انتهى بالفشل.
وقال نائب رئيس الأركان العامة الجنرال أوميت دوندار: "تركيا، التي عرضت مثالاً تاريخياً للتضامن، فشلت في هذه المحاولة الانقلابية. ولا ينبغي أن يكون لدى أمتنا أدنى شك في أن تركيا قد أغلقت فترة الانقلابات ولن يتم فتح المجالس العسكرية مرة أخرى"
في القضية المتعلقة باحتلال مطار أتاتورك، حكم على 10 متهمين بالسجن المؤبد المشدد و 43 بالسجن المؤبد.
كيف خلدت تركيا ليلة الانقلاب الفاشل؟
والعام الماضي تنوعت جهود التوثيق بدايةً من إعلان الـ15 من يوليو/تموز من كل عام يومًا للديمقراطية والوحدة الوطنية في تركيا، ونهايةً بإنشاء عدد من المتاحف والأفلام الوثائقية، على اعتبار أن أحداث تلك الليلة "أمانة مباركة يجب نقلها من جيل إلى جيل"، كما صرح أردوغان سابقًا، ومؤكدًا ضرورة وأهمية عدم نسيان هذه الأحداث الدامية، معتبرًا مهمة تذكرها مسؤولية مشتركة بين جميع الفنانين والسينمائيين والمعلمين والطلاب والأكاديميين
وفي هذا الإطار قال رئيس جمعية "15 تموز"، عبد الرحمن طارق شبيك :"في منتصف يوليو تموز الماضي ،افتتح أردوغان متحف "الذاكرة 15 تموز" في الجانب الآسيوي من إسطنبول، وتحديدًا في مدخل جسر "شهداء 15 تموز"
ويظهر المتحف مدى وحشية الانقلاب الغادر والدفاع الأسطوري الذي أظهره الشعب التركي ضد الانقلابيين دفاعًا عن قيم الديمقراطية
وتم إقامة المتحف على مساحة ألف و500 متر مربع بجانب نصب لشهداء 15 تموز، ومكتوب في مدخله كلمة (لا تنسى)، ويضم أسماء الشهداء الذين ارتقوا خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، وأغراض تخلد ذكرى الشهداء والمصابين في تلك الليلة، إضافة إلى وثائق عن تاريخ الانقلابات في العالم والتاريخ الاستعماري".
و تضم المعروضات حربة وعمرة (بيريه) ضابط الصف عمر خالص دمير الذي تمكن من إطلاق النار على أحد قادة الانقلاب العميد سميح ترزي ليرديه قتيلًا قبل استشهاده، إضافة إلى هاتف خليوي للمذيعة التركية هاندة فرات، الذي استطاع الرئيس أردوغان من خلاله مخاطبة الشعب التركي عبر شاشات التلفزة، وشحذ هممهم للتصدي لمحاولة الانقلاب الغادرة".
ويضم أيضاً معلومات عن أهم القادة العالميين الذين ناضلوا ضد الاستعمار وأبرزهم مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك والسلطان العثماني عبد الحميد الثاني والزعيم البوسني علي عزت بيغوفيتش والزعيم الهندي المهاتما غاندي.
على صعيد آخر تخلد تركيا ذكريات هذه الليلة في متحف آخر بالعاصمة أنقرة، ويسمى "متحف الشهداء والديمقراطية"، بُني على مساحة حوالي 3600 متر مربع، بتكلفة نحو 17 مليون ليرة تركية، يضم أيضًا قاعة مؤتمرات تتسع لـ340 مقعدًا، وقاعة للمعارض الدائمة والمؤقتة، إلى جانب أماكن مخصصة لإقامة ورش عمل للأطفال.
تضم ممراته أيضًا ذكريات 251 شهيدًا فقدوا حياتهم مقابل الحفاظ على قيم الديمقراطية من الانقلابيين، وتشمل معروضاته مقاطع مصورة قصيرة وصورًا فوتوغرافية التقطت ليلة الانقلاب الفاشل، وتحتوي على ممتلكات شخصية لضحايا الانقلاب.
أقامت وزارة الثقافة والسياحة المتحف في حي "قهرمان قازان" الذي كان يُعرف سابقًا باسم "قازان"، إشارة إلى بطولة وتضحية تسعة أشخاص استشهدوا بعد أن فتح الانقلابيون النار عليهم بشكل عشوائي، ويعني اسمه باللغة العربية "البطل".
وهي المنطقة التي تقع فيها قاعدة آكينجي الجوية التي توافدت إليها الحشود لوقف الانقلابيين بعد أن استخدموها كمركز لإطلاق وقيادة عملياتهم، حيث أشعل بعض السكان المحليين محاصيلهم في الحقول المحيطة بالقاعدة الجوية بغرض تصاعد الدخان وإعاقة رؤية الطائرات الحربية التي كانت تقلع من القاعدة لضرب مواقع معينة.