السيدة سارة.. أجمل نساء الكون كانت عاقرًا فأصبحت أم الأنبياء
سنوات طويلة من الانتظار لم تسفر عن شيء شعرت فيها المرأة التي وصفت بأنها أجمل نساء الأرض بالحزن والقلق لأنها لم تنجب ابنًا يكون سندًا لها ولزوجها ويدخل السرور إلى قلبه، وفكرت رغم المحبة الكبيرة في قلبها لزوجها أو ربما بسببها، في حلٍ كي لا يحرم زوجها نبي الله إبراهيم -عليه السلام- الذرية الصالحة، ترددت كثيرًا وهى تنظر إلى هاجر وتفكر بها زوجة لزوجها بعد أن عرفا عنها حسن الأخلاق والأدب الشديد منذ وهبها لها فرعون لتكون في خدمتها.
ورغم أنها أجمل نساء الأرض التي فُتِن فرعون بجمالها، كانت غيرتها تجعلها تتراجع كأي امرأة، وتخشى أن يهجرها إلى الزوجة الجديدة وينصرف عن محبتها إليها، لكنها قست على قلبها وأخرست وساوسها وطرحت على زوجها الفكرة بعد أن غادرها الأمل في أن تكون أمًا يومًا ما.
إلا أن السيدة سارة العاشقة التي كانت أول من آمن بدعوته والزوجة الوفية التي هاجرت معه لينشر دعوته في بلاد الله لم تتمكن من إسكات غيرتها طويلاً، وما إن ظهرت معالم الحمل على السيدة هاجر حتى تجددت غيرتها فلما وضعت طفلها النّبي إسماعيل -عليه السلام-، طلبت سارة من سيدنا إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأن الله يرى ويعلم ما بقلب سارة أمر سيدنا إبراهيم بأن يذهب بالسيدة هاجر إلى مكة ويتركها هناك، ولبى إبراهيم أمر ربه، ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ إبراهيم 37.
ومضت السنوات حتى تخطت السيدة سارة التسعين من العمر وقد ارتضت بنصيبها من الدنيا ونست حلمها بالأمومة، إلا أن الله لم ينس تلك الأمنية التي استقرت طويلاً بقلبها وبشرت رسل الله إبراهيم، بأنها ستنجب ولدًا اسمه إسحاق ولما سمعت السيدة سارة حديث الرسل اندهشت كيف تنجب وهى عجوز عقيم، ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بالبُشرى قَالُوا سَلَامًا ۖ قَالَ سَلَامٌ ۖ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ • فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً ۚ قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ • وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾ سورة هود 69، 70،71، ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ سورة الذاريات 29، ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيءٌ عَجِيبٌ • قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾ سورة هود 72، 73.
إلا أن الله لم يحقق أمنيتها وحسب وإنما جعلها أم الأنبياء وجعل أكثر الأنبياء في ذرية إبراهيم منها، وبعد أن كانت عجوزا عقيما يئست من الأمومة والإنجاب أصبحت أمًا للأنبياء، زوجة النبي إبراهيم وأم النبي إسحاق أبو النبي يعقوب الذى ينحدر من نسله أنبياء بنى إسرائيل عليها وعليهم جميعا السّلام.