نساء حول الرسول.. السيدة مارية القبطية
مارية بنت شمعون القبطية، آخر زوجات الرسول محمد بن عبد الله -عليه الصلاة والسلام-، أنجبت للرسول ثالث أبنائه إبراهيم الذي توفي وهو طفل صغير، وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-.
وكلمة “قبط” كان يقصد بها أهل مصر، وكان أبوها شمعون عظيم من عظماء القبط، وقد أهداها وأختها "سيرين" إلى المقوقس حاكم مصر.
وأرسل الرسول الكريم رسالة إلى حاكم مصر مع حاطب بن أبي بلتعه يدعوه فيها للإسلام ورد الرسالة إلى الرسول، وقال في رسالته: "إلى محمد بن عبدالله من عظيم القبط سلام عليك، لقد أكرمت رسولك وقرأت كتابكم وفهمت ما فيه وأرسل لكم هدايا فيها الجارتين ماريا وسيرين مع بعض الهدايا الأخرى".
وكان ذلك عام 7 هـ وفي طريقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرض حاطب الإسلام على الفتاتين فأسلمت مارية وأختها، وفي المدينة أختار الرسول مارية زوجة له بعد حسن إسلامها، ووهب أختها سيرين لشاعرهِ حسان بن ثابت الأنصاري.
وما لا يعرفه الكثيرون أن السيدة مارية منياوية من قرية "الشيخ عبادة" بمركز ملوي محافظة المنيا، وقرية الشيخ عبادة من أعظم المناطق الأثرية وبها منزل السيدة مارية وتعتبر من أكثر المدن التي تم تغير اسمها، كما جاء في مجلة "أخر ساعة" في 26 يونيو 1963.
ولمارية شأن كبير عند النبي محمد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بأهل مصر خيرًا، فإن لهم نسبًا وصهرًا"، والنسب من جهة هاجر أم إسماعيل، والصهر من جهة مارية القبطية.
وكانت مارية بيضاء جميلة الطلعة وقد أثار قدومها الغيرة في نفس أمنا عائشة -رضي الله عنهما-، فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله بها، وقالت أمنا عائشة: "ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية".
عاشت السيدة مارية -رضي الله عنها- ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في شهر محرم من السنة السادسة عشر، ودعا سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الناس وجمعهم للصلاة عليها، فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مارية القبطية، ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي وإلى جانب ابنها إبراهيم، عليهم جميعا السلام.