في ذكرى وفاته الـ104.. تعرّف على السلطان العثماني الذي رفض بيع فلسطين

في ذكرى وفاته الـ104.. تعرّف على السلطان العثماني الذي رفض بيع فلسطين
في ذكرى وفاته الـ104.. تعرّف على السلطان العثماني الذي رفض بيع فلسطين

تقرير: في ذكرى وفاته الـ104.. تعرّف على السلطان العثماني الذي رفض بيع فلسطين

يحيي المسلمون اليوم الخميس، ذكرى وفاة أحد قادة الأمة الإسلامية وأخيارها، السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، آخر خليفة للمسلمين وأحد قلاع الدولة العثمانية العظيمة.

وتزامنا مع ذكرى رحيله الـ104، تصدّر اسم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، اليوم، محركات البحث ومؤشرات موقع "جوجل" للكلمات الأكثر تداولًا في تركيا.

حيث أحيا الأتراك ذكرى رحيل آخر خليفة للمسلمين وأحد قلاع الدولة العثمانية العظيمة، المصادفة لـ 10 شباط/فبراير 1918، وتصدر هاشتاغ #عبد الحميد الثاني، الترند التركي على موقع "تويتر"، وأقيمت العديد من الفعاليات الثقافية للتعريف بهذه الشخصية العظيمة، وتُليت آيات قرآنية في العديد من المساجد التركية على روحه الطاهرة، وراح الكثير يغرد متذكرًا مواقف ومناقب الرجل الذي جعلت اسمه خالدًا رغم مرور أكثر من مائة عام على رحيله.

وتم تداول سيرة هذا السلطان العظيم الذي تعتبره تركيا من أعظم رجالاتها وسلاطينها على مرّ العصور، لا سيما دفاعه المستميت عن القدس الشريف وحمايته المسلمين والمستضعفين في كلّ مكان.

حيث يعتبر الخليفة والسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، من أبرز الخلفاء الذين دافعوا عن أرض فلسطين، رافضا التفريط ولو في شبرٍ من تلك الأرض الطّيبة رغم مساوماته عليها من قبل القوى الكبرى في العالم آنذاك من أجل إقامة وطن للصهاينة، لكنه رفض جميع تلك المساومات من بينها عرض الصهاينة بسداد ديون الدولة العثمانية، معتبرًا القضية الفلسطينية قضية المسلمين جميعًا وليس من حقه التصرف فيها.

وُلد عبد الحميد الثاني في 21 أيلول/سبتمبر عام 1842 ب"قصر جراغان"، والده السلطان عبد المجيد الأول ووالدته السلطانة تيرمُجكان، ليكون السلطان الـ34 من سلاطين الدولة العثمانية.

تتلمذ عبد الحميد على يد أشهر معلمي الدولة حينها، فأتقن لغات عدّة منها العربية والفرنسية والفارسية، كما تمكّن من الأدب وبرع في الموسيقى، ودرس التاريخ، وتعمق في علم التصوف، ممّا ساهم في تكوين وصقل شخصية السلطان القادم.

لتأتي بعدها مرحلة حاسمة في حياة الشّاب الهادئ الخلوق، وهي اعتلاء عرش السلطنة في 31 آب/أغسطس عام 1876، ليعلن بعدها بأشهر قليلة عن أول دستور للدولة العثمانية الذي عُرِف باسم "القانون الأساسي" في 23 كانون الثاني/ديسمبر 1976.

واجه السلطان عبد الحميد الثاني، خلال فترة حكمه العديد من المشاكل والمكائد التي حِيكت ضده وضد الدولة العثمانية من أعدائها في الخارج من خلال إضعافها من الداخل بخلق مشاكل بين جيوشها، وشعبها من أجل هجرانها، ونجحت هذه الخطط العدائية، وبرز ذلك من خلال إعلان روسيا الحرب عليها في عام 1877.

وأمام الاضطرابات التي واجهت السلطان عبد الحميد، اضطر الأخير إلى البحث عن حلول لإنهاء الصّراعات الخارجية للتفرغ للمشاكل الداخلية، منها إبرام العديد من المعاهدات مع الأعداء، منها معاهدة تسليم إدارة قبرص بشكل مؤقت، وإنهاء الحرب مع روسيا وتعويضها.

واستطاع السلطان أن يعيد ترميم الدولة العثمانية من الداخل، خاصة بعد إنهاء معظم المشاكل والنّزاعات الخارجية، وبدأ في إصلاح الإدارة وأجهزة الحكم، أهمها تأسيس أجهزة قوية كـ "جهاز يلدز للاستخبارات" في قصر يلدز بإسطنبول، للسيطرة على الأيادي الخارجية الممتدة إلى قلب السلطنة بغرض إضعافها وإنهائها مستخدمة بعض عملائها، كما عني بإعادة تكوين جيش قوّي بسلاح أقوى.

وحاول عبد الحميد توفير حياة كريمة لمواطني الدولة العثمانية، من خلال دعم خزينة الدولة من ماله الخاص، كما عمل على تخفيض مصاريف القصر إلى الحد الأدنى، وتحسين الاقتصاد الوطني من خلال "إدارة الدين العام العثماني"، كما أقام الكليات والمدارس، وبنى غواصة من ماله الخاص أيضا في ذلك الوقت الذي لم تكن إنجلترا تمتلك مثلها.

وخارجيا ركّز على تحسين السياسة الخارجية لبلاده من خلال دفع الديون الخارجية، وعلى مستوى العالم الإسلامي عمل على تدعيم أواصر الأخوة بين مسلمي الصين والهند وأفريقيا تحت لواء "الجامعة الإسلامية"، من خلال بذل جهواً كبيرة من أجل تعزيز الروابط الإسلامية بين المسلمين وشرع في بناء سكك الخطوط الحديدية، أبرزها مشروع سكة حديد الحجاز، وربط مدن الدولة ببعضها من خلالها.

وفي هذا السّياق نشر شعاره المعروف "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وأنشأ مدرسة للدعاة المسلمين سرعان ما انتشر خريجوها في كل أنحاء العالم الإسلامي الذي لقي منه السلطان كل القبول والتعاطف والتأييد لتلك الدعوة، ولكن قوى الغرب قامت لمناهضة تلك الدعوة ومهاجمتها .

حكم عبد الحميد الثّاني لمدة ثلاثين عامًا، قضاها في خدمة الأمة الإسلامية على الرغم من ضعف الدولة العثمانية في عهودها الأخيرة وتكالب الأعداء عليها من جميع الجهات، وتفوق على ما قام به أقرانه من السلاطين من خلال ما قدّمه للدولة العثمانية والعالم الإسلامي عمومًا.

ورغم مرور 104 أعوام على رحيله لا يزال اسمه لامعًا ليس في تركيا فحسب بل في جميع أرجاء العالم الإسلامي متذكرين مواقفه التاريخية إضافة إلى دفاعه المستميت عن أرض فلسطين، وتقريبه لرجال العلم المسلمين واتّخاذهم بطانة له والاستماع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم.

قاد دولته وفق مبادئ وتعاليم الشريعة الإسلامية، من بينها تنظيم المحاكم والعمل في "مجلة الأحكام العدلية".

قام ببعض الإصلاحات العظيمة مثل القضاء على معظم الإقطاعات الكبيرة المنتشرة في كثير من أجزاء الدولة، و القضاء على الرشوة وفساد الإدارة.

كما لا ينسى له التاريخ معاملته الحسنة بعدل وإنصاف للأقليات والأجناس غير التركية، بهدف القضاء على ظاهرة العصبية.

وكذا حرصه الشّديد على إتمام مشروع خط السّكة الحديدية التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة لِمَا كان يراه من أن هذا المشروع فيه تقوية للرابطة بين المسلمين بهدف مجابهة الاستعمار.

توفي السلطان العثماني وآخر خليفة للمسلمين في العاشر من شباط/فبراير من عام 1918، وتم دفنه بعد يوم من وفاته في مقبرة السلطان محمود الثاني في مدينة إسطنبول، بعد إقامة مراسم تأبين خاصة بالسلاطين.

من المقولات الخالدة للسلطان عبد الحميد الثاني:

قوله: "أنصحوا الدكتور هرتزل بألّا يتّخذ خطوات جدّية في هذا الموضوع(إقامة دولة للصهاينة) فإنّي لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حيّ فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة".

وقال أيضا -رحمه الله-: "يجب تقوية روابطنا ببقية المسلمين في كل مكان، يجب أن نقترب من بعضنا البعض أكثر وأكثر، فلا أمل في المستقبل إلا بهذه الوحدة، ووقتها لم يحن بعد، لكنه سيأتي اليوم الذي يتحد فيه كل المؤمنين وينهضون نهضة واحدة ويقومون قومة رجل واحد يحطمون رقبة الكفار ".

 

 

 

 

مشاركة على: