مساجد إسطنبول تتحضر لاستقبال "سلطان الشهور الأحد عشر"

مساجد إسطنبول تتحضر لاستقبال "سلطان الشهور الأحد عشر"
مساجد إسطنبول تتحضر لاستقبال "سلطان الشهور الأحد عشر"

مساجد إسطنبول تتحضر لاستقبال "سلطان الشهور الأحد عشر"

 

بدأت مساجد إسطنبول، بتعليق لافتات "المحيا" استمراراً للتقليد المتبع منذ عهد الدولة العثمانية، استعداداً لاستقبال شهر رمضان المبارك، الذي يصفه الأتراك بـ"سلطان الشهور الأحد عشر".

فمن العادات التي توارثها الأتراك عن أجدادهم العثمانيين، ولا يزالون يحافظون عليها، عادات تزيين مآذن المساجد في شهر رمضان الكريم بأضواء الزينة، كنوع من أنواع الترحيب بالشهر الكريم، حيث يتم تعليق هذ الأضواء بين مأذنتين متقابلتين في المسجد، تسمى هذه العادة “بالمحيا” هذه الكلمة مأخوذة من كلمة “حياة” والتي تعني حسب القاموس التركي “شهر الحياة” حيث يتم تزيين المآذن برمضان لتصوير هذا الشهر كشهر الحياة المبارك.

 

ويعتبر الهدف الرئيسي من تزين المآذن هو توجيه الناس نحو الاحسان والثواب وايصال رسائل لهم تدعو للخير، كما تذكرهم بضرورة شكر الله على نعمه وإحسانه، ويطلق على الشخص الذي يكتب هذه العبارات ويجهز الزينة المضيئة ويعلقها على المآذن اسم “المحياجي”.

كانت “المحايا” في الماضي حينما ظهرت، تزين بمصابيح الكاز وتعلق على الحبال، وكان “المحياجي” يرسم التصميم الذي يريد إظهاره بين المآذنتين على الورق أولا، حيث كان يحدد أماكن توزع المصابيح لتشكل العبارة التي يرغب بكتابتها، وبعد ذلك يبدأ بتطبيقها على الحبال الممدودة بين المآذن.

وفي الماضي كان يتوجب على “المحياجي” أن يعمل طوال اليوم من أجل إنتاج المحيا الخاصة به، وكان المحياجيون القدامى يعرضون مساء كل يوم المحيا التي عملو بها طوال النهار.

وكانت المحايا في ذلك الوقت متينة ومقاومة للرياح، وكان المادة المستخدمة لإضاءة المصابيح المعلقة على المحيا هي زيت الزيتون والشمع، ولأن متوسط فترة إضاءة تلك المحايا القديمة لم تكن تتجاوز الثلاث ساعات فقد كان من الصعب رؤية جميع مآذن المساجد وقد أضيئت في الوقت نفسه، ويعتقد بأن تاريخ تصميم المحيا يعود إلى النصف الثاني من القرن السادس عشر.

ومنذ العهد العثماني والى يومنا هذا لا تزال المحايا التي تعلق فوق جوامع السلاطين خلال النصف الأول من شهر رمضان تحوي على أدعية وأحاديث شريفة وأحيانا قد تضم أقوالا مأثورة، وبعد مضي 15 يوما أي مع بدء النصف الثاني لشهر رمضان تعلق على المآذن تصاميم تزيينية متحركة ومختلفة عن بعضها البعض.



كان عمل المحيا قديما يعتبر عملا شاقا جدا ويحتاج الى كم كبير من الوقت والعمل، وكان موضع اهتمام كبير لدى المواطنين العثمانيين خاصة الأطفال منهم، وكان “المحياجيون” يزيدون من فضول وتشوق الناس عن طريق إخفائهم لما سيتم عرضه مساءا من محايا مختلفة، وكان العامة يحاولون طوال النهار تخمين ما سيتم عرضه في المساء.

ومن الأمثلة على الأدعية والأحاديث والأقوال المأثورة التي كانت تستعمل في المحيا خلال النصف الأول من شهر رمضان المبارك: “يا غني، يا معبود، يا كافي”، “يا شهر رمضان يا كريم”، “بسم الله” ، “الحمدلله”، “شهر الغفران”، “الوداع يا شهر رمضان“.

وعن بداية انتشار هذه الظاهرة في المدن التركية فقد كانت بدايته في إسطنبول، وتؤكد بعض المصادر التاريخية بأن هذه الظاهرة قد كانت موجودة في مدينة “إدرنة” أيضا، حيث كانت تزين فيها المساجد التي يوجد فيها مئذنتان متقابلتان.

ويبقى شكل المحيا ورونقها الرمضاني الخاص ذكرى جميلة للشهر الفضيل، حيث ما إن يذكر شهر رمضان الكريم في تركيا، إلا وتتبادر المحيا إلى العقول بجمالها الفتان.

 

 

مشاركة على: