نشأة وتطور العلاقات التركية المصرية خلال حقبة أتاتورك
تشهد العلاقات التركية المصرية خطى سريعة تتمثل في تصريحات واتصالات في محاولة لترميم العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الإطار سلط موقع TRT عربي في تقرير خاص الضوء حول نشأة العلاقات التركية المصرية في حقبة أتاتورك وسنوات الجمهورية الأولى.
والخميس خرجت تصريحات لوزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو في مؤتمر صحفي عقده عقب مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي "الناتو" في العاصمة البلجيكية بروكسل، قال فيها:" إن بلاده ستقدم قريباً على خطوات بخصوص تطبيع العلاقات مع جمهورية مصر العربية.
وأضاف قائلاً: "أقدمنا على عدد من الخطوات في إطار تطبيع العلاقات مع مصر، وخلال الأيام المقبلة سنقدِم على خطوات أخرى في هذا الخصوص".
علاقات تاريخية
الجدير ذكره في هذا المقام أن تركيا ومصر ترتبطان بعلاقات دينية وثقافية وتاريخية قوية ومتجذرة، فمنذ ضم مصر لمظلة الحكم العثماني على يد السلطان العثماني سليم الأول عام 1516، بقيت مصر جزءاً من الإمبراطورية العثمانية إلى أن دخلت تحت الحكم البريطاني عام 1883.
وتحت الحماية البريطانية في بداية الحرب العالمية الأولى. لم تتمكن مصر، التي لم تكن ممثلة في مؤتمر باريس للسلام الذي انعقد عام 1919، من تطوير علاقات دافئة مع تركيا بين عامي 1922 و1925 رغم أن تركيا كانت قد وافقت على التنازل عن حقوقها في مصر بموجب معاهدة لوزان.
وبين الأعوام 1922-1925 لم تستطع العلاقات الدبلوماسية التركية المصرية أن تكتسب عمقاً كبيراً. وظلت العلاقات بين البلدين، مثل علاقات تركيا مع العالم العربي بأسره الذي لم يتقبل قرار إلغاء الخلافة في 3 مارس/آذار 1924.
خصائص عديدة مشتركة
إلى جانب الدين والتاريخ وخصائص المجتمع، تتمتع تركيا ومصر بموقع استراتيجي مميز يطل على نوافذ مائية وبرية مهمة، فبينما تربط تركيا آسيا بأوروبا وتتحكم بالبوسفور الذي يربط البحر الأسود بالأبيض، تربط مصر إفريقيا بآسيا وتسيطر على قناة السويس التي تربط البحرين الأبيض والأحمر، ما يعني أن البلدين يسيطران على خطوط التجارة الدولية.
وسبقت تركيا العالم العربي بتأسيس دولتها الحديثة في عام 1923. وبينما كانت تجربة الدولة التركية الحديثة تنضجُ مع الأيام، بدأت موجات القومية العربية تعصف بالعالم العربي بحثاً عن الحرية والاستقلال من مشاريع الاستعمار الغربي.
وكان القرن الأخير شاهداً على بناء الجمهوريتين التركية، ولاحقاً المصرية، على يد الحركات الثورية المناهضة للاستعمار الغربي، بقيادة ضباط من الجيش، مثل مصطفى كمال أتاتورك في حالة تركيا وجمال عبد الناصر في مصر.
العلاقات الدبلوماسية خلال حقبة أتاتورك
استطاع أتاتورك، أن يتوقع اندلاع حرب عالمية جديدة قبل وقوعها بسنوات طويلة، في وقت كان فيه الحزب النازي يتولى مقاليد الحكم في ألمانيا، وتحاول فيه إيطاليا السعي إلى التوسع في منطقة البحر المتوسط مهددةً بذلك المصالح والسيادة التركية والمصرية على حد سواء.
وعليه سارع أتاتورك الخطى نحو إقامة التعاون الإقليمي مع الدول المجاورة وعلى رأسها المملكة المصرية التي تتشارك المصالح والتهديدات مع الجمهورية التركية فيما يتعلق بأمن البحر الأبيض المتوسط. الأمر الذي دفع العلاقات بين البلدين إلى المزيد من التقارب وتوقيع معاهدة الصداقة والسلام وحسن الجوار والدفاع المتبادل عن مصالح البلدين يوم 7 أبريل/نيسان 1937 (قبل وفاة أتاتورك بعام واحد).
وعلى الرغم من أن التهديد الإيطالي للبحر الأبيض المتوسط وإفريقيا أدى إلى توقيع معاهدة الصداقة مع مصر، إلا أن العلاقات بين البلدين لم تتمكن من الوصول إلى الطابع المؤسسي، حيث لم ترد مصر زيارة الوفد التركي لها، ورفضت الانضمام إلى حلف سد آباد.
وبقيت العلاقات الدبلوماسية التي أقامتها تركيا مع مصر في عام 1925 على مستوى القائم بالأعمال، حتى رفعت مهمتها في القاهرة إلى مستوى السفراء في عام 1948.
المصدر: TRT عربي