فن الخزف.. إرث عثماني يحييه فنان تركي ويورّثه لابنه
أكثر ما يميزالعديد من الآثار التاريخية التي ترجع للعهد العثماني ، الخزف الملون ، المرسوم والمزخرف، حتى أن أحد أشهر معالم إسطنبول “مسجد السلطان أحمد”، يحمل لقبا مستوحى من اللون الغالب على نقوشاته “المسجد الأزرق”.
وإذا كانت الألحان موسيقى الأذن فإن “الخزف موسيقى العين، التي تكتبها أزهار التوليب والقرنفل والورود والزنابق”، كما يحلو لفنان الخزف التركي محمد غورساي (66 عاما)، أن يصف الفن الذي حصل من اليونسكو على جائزة “الكنوز البشرية الحية” عام 2009، بسبب الجهود التي يبذلها لإحيائه.
حيث أنه فنان خزف محترف منذ 40 عاما، اعتبر هذا الفن إرثا وتذكارا تركه العثمانيون، من الواجب الحفاظ عليه، ويرى أن فن الخزف يتميز بقدرته على منح الناس طاقة إيجابية من خلال لمسه والنظر إليه، وهو ما جعله يزين جدران المساجد، والمنازل، وأماكن الترفيه في العهد العثماني.
ويشرح “غورساي” دلالات الأزهار التي تظهر بكثرة في الرسم على الخزف، قائلا إن زهور التوليب ترمز إلى الله عز وجل، وبالتالي فإن أزهار التوليب المرسومة على الخزف الذي يزين جدران المنازل والقصور والمساجد العثمانية، تلهج بذكر الله، في حين أن أزهار القرنفل ترمز إلى الدراويش.
ويؤكد قائلا أن ، “الله جميل يحب الجمال، ونحن نرسم ونلون الجمال الذي خلقه الخالق "
وأشار في حديثه، أن الاهتمام بفن الخزف وصل إلى ذروته في الدولة العثمانية في القرن السادس عشر، قبل أن يخبو رويدا رويدا مع توقف الدعم الذي كان يحصل عليه من البلاط العثماني.
ويفخر “غورساي” بالجهود التي يقوم بها من أجل إعادة نشر فن الخزف، حيث ينتج القطع الفنية من الخزف، ويقدم دروسا في الرسم عليه في ورشته التي تقع في إحدى المناطق التاريخية في مدينة كوتاهية غربي الأناضول التركي، التي اشتهرت بفن الخزف منذ العهد العثماني.
وقال “عندما تسلمت جائزة اليونسكو فكرت فيمن سيقوم بإكمال مسيرتي، والآن أعرف إجابة هذا التساؤل، إذ أن ابني الذي تخرج من كلية الفنون الجميلة، سيكمل المسيرة، ويسلم الراية لأبنائه من بعده، لن نسمح باندثار فن الخزف”.