سُنن عيد الأضحى المبارك
يحتفل العالم الإسلامي، غدًا السبت 10 ذي الحجة 1443ه الموافق لـ9 تموز/يوليو 2022م، بأول أيام عيد الأضحى المبارك، من خلال أداء سنة ذبح الأضحية اقتداءً برسول الله "صلى الله عليه و سلم"، و تقديساً لامتثال سيدنا “ إسماعيل عليه السلام “ لأمر أبيه أبو الأنبياء “ سيدنا إبراهيم”، عندما أرد أن يذبحه كما رأى في منامه فافتداه الله بذبح عظيم، و كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ”ذلك و من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب“ صدق الله العظيم.
وتعد الأضحية أحد شعائر الدّين الإسلامي، قُرَبةُ العبد إلى ربّه، بنوعٍ من بهيمة الأنعام، البَقَر، أو الغنم، أو المَعْز، أو الإبل، بنيّة التقرّب من الله -تعالى-.
حيث أجمع العلماء على مشروعيّة الأُضحية، وأنّها من أحبّ الأعمال إلى الله -تعالى-، وقد دلّ على مشروعيّتها ما ورد في السنّة النبويّة ممّا أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ واضِعًا قَدَمَهُ علَى صِفَاحِهِمَا، يُسَمِّي ويُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُما بيَدِهِ)، وتكمُن الحكمة من مشروعيّة الأُضحية باعتبارها سنّة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-، الدالّة على امتثاله لأمر ربّه، وانقياده لأوامره، كما أنّ في الأُضحية تعبيراً عن شُكْر الله على نِعَمِه التي لا تُحصى.
ويُستحسن بالمضحّي التحلّي بعددٍ من السُنَن المشروعة يوم النّحر، يُذكر منها:
1- ترك الأَخْذ من الشَّعَر، والأظافر، وذلك لِمَن نوى تقديم الأُضحية، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إذا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الحِجَّةِ، وأَرادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وأَظْفارِهِ)، وتكمُن الحكمة من ذلك، تعبيراً عن مشاركة الحجّاج والمُعتمرين في تلك الأيام الفضيلة، إذ إنّهم يمتنعون عن الأَخْذ من شَعْرهم وأظفارهم، وقيل بل ليشمل العِتْق كلّ الأجزاء، وذلك أكمل للمضحّي، كما يتحقّق له الثواب الأوفى، ورغم ذلك فإنّ الحِكمة الحقيقيّة تكمُن بامتثال أمر الله -تعالى-، وأمر رسوله -عليه الصلاة والسلام-، والأصل أن يمتثل المسلم أمر ربّه، وسنّة نبيّه، قال -تعالى-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّـهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
ويمتنع المضحّي عن الأَخْذ من شَعْره وأظفاره من حين ثبوت رؤية هلال شهر ذِي الحِجّة، أو من حين إتمام شهر ذِي القِعْدة ثلاثين يوماً، فإن ثبتت رؤية هلال ذي الحِجّة، امتنع المُضحّي عن الأَخْذ من شَعْره وأظافره من غروب شمس آخر يومٍ من أيّام ذِي القِعْدة.
2- تأجيل الذَّبْح لما بعد صلاة العيد، استدلالاً بما ورد من صحيح قَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَن فَعَلَهُ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنا، ومَن ذَبَحَ قَبْلُ، فإنَّما هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأهْلِهِ، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ).
3- أَكْل المضحّي من الأُضحية، وقد ورد عن الإمام القرطبيّ في ذلك: "ويستحبّ للرَّجل أن يأكل من هَدْيه، وأُضحيته، وأن يتصدّق بالأكثر".
4- التسمية عند ذَبْح الأُضحية، استدلالاً بقَوْله -تعالى-: (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ).
صَلاَةُ عِيدِ الأَْضْحَى: تعتبر صلاة العيد من السُنَن المؤكّدة عند المالكيّة، والشافعيّة، بينما هي واجبةٌ عند الحنفيّة، وفرضٌ على الكفاية عند الحنابلة، ويبدأ وقت صلاة العيد من بعد طلوع الشمس، وينتهي وقتها قُبيل زوال الشّمس، ويُقصد بزوال الشمس، مَيْلها عن منتصف السّماء، ويُسنّ للمُسلمين تعجيل أداء صلاة عيد الأضحى، ليتّسع الوقت لذَبْح الأضاحي، والأكل منها.
وممّا يُسنّ في حقّ المُسلم فِعْله يوم الأضحى، الذّهاب إلى مصلّى العيد مشياً، وترك الرُّكوب في ذهابه إلى المُصلّى، وإيابه منه، والحرص على مخالفة الطريق؛ فيكون الذّهاب إلى المُصلّى من طريقٍ، والعودة من طريقٍ آخرٍ، لثبوت ذلك من فَعْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
التكبير: يُسنّ للمسلم باتّفاق أصحاب المذاهب الأربعة أن يجهر بالتكبير عند خروجه إلى صلاة العيد يوم الأضحى، كما يُشرع في حقّه التكبير من فجر يوم عرفة، إلى عصر آخر يومٍ من أيّام التّشريق، وذلك بعد أداء كلّ صلاةٍ، ومن الصِّيَغ المشروعة في التكبير: قَوْل: (كان عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ يُكبِّرُ من صَلاةِ الفَجرِ يومَ عَرَفةَ إلى صلاةِ العَصرِ من يومِ النحْرِ يقولُ: اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ، لا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ وللهِ الحَمدُ).
والتكبير يوم الأضحى إمّا أن يكون تكبيراً مُطلقاً، حيث يُشرع في جميع أوقات اليوم، من ليلٍ، أو نهارٍ، كما يُشرع في جميع الأماكن التي يجوز فيها ذِكْر الله؛ من بيوتٍ، وأسواقٍ، ومساجد، وإمّا أن يكون التكبير مقيّداً؛ يُشرع عَقب الصلوات.
سُنَنٌ أخرى لعيد الأضحى: تُشرع العديد من السُنَن الأخرى في عيد الأضحى، يُذكر منها:
التجمّل يوم العيد، وقد ثبت ذلك من فَعْل الصحابة -رضي الله عنهم-، وقد أقرّ عليه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- دون أن يُنكر عليهم، فدلّ ذلك على الإباحة، وممّا يدلّ على ذلك ما أخرجه البخاريّ عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِن إسْتَبْرَقٍ تُباعُ في السُّوقِ، فأخَذَها، فأتَى بها رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هذِه تَجَمَّلْ بها لِلْعِيدِ والوُفُودِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّما هذِه لِباسُ مَن لا خَلاقَ له فَلَبِثَ عُمَرُ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أرْسَلَ إلَيْهِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بجُبَّةِ دِيباجٍ، فأقْبَلَ بها عُمَرُ، فأتَى بها رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ يا رَسولَ اللَّهِ: إنَّكَ قُلْتَ: إنَّما هذِه لِباسُ مَن لا خَلاقَ له وأَرْسَلْتَ إلَيَّ بهذِه الجُبَّةِ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تَبِيعُها أوْ تُصِيبُ بها حاجَتَكَ).
تبادل التهنئة بيوم العيد بين المُسلمين.
تأخير الأَكْل إلى ما بعد صلاة العيد، لِما ورد من فَعْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وحتى يأكل المُضحّي من أُضحيته.