هل التجربة التركية الحل الأمثل لإيران
في محيط مضطرب سياسياً و اجتماعياً وأمنياً وجدت إيران نفسها من حيث تدري أو لا تدري وعلى حين غرة، أنها منزلقة باتجاه هذه الدوامة التي ضربت من قبل دولاً عدة بسبب الظروف الاقتصادية والإجتماعية السيئة، وبغض النظر عن مقدار هذا الإنزلاق أو حجم الاحتجاجات التي خرجت في مختلف المدن الإيرانية إلا أن الثابت هو أن مطالب المحتجين لجميع هذه الدول تكاد تكون متطابقة
الحكومة الإيرانية بإمكانها أن تسيطر على تلك الاحتجاجات الشعبية عبر مؤسساتها الأمنية أو عبر مناصريها من الفئات الشعبية الأخرى إلا أن ذلك لا ينهي المشكلة في إيران، فالأزمة الاقتصادية والتدهور المعيشي السيء و الزيادة في البطالة و الغلاء وسوء الإدارة وتوزيع موارد الدولة المالية، كل تلك المشاكل إن لم تستطع الحكومة أن تجد لها حلاً جذرياً، فالسيطرة الأمنية مجرد ذر رماد في العيون، فنار الاحتجاجات قد تخبو لفترة وجيزة ولكن سرعان ما تعود من جديد، وعليه فإن على الحكومة الإيرانية أولا إيجاد حلول اقتصادية لهذه التجمعات الساخطة على الوضع الاقتصادي الرديء والتي ترى (أي الحشود) أنه انعكاس لسياسة حكومتها الخارجية المُستنزفة لموارد البلاد والتي بدورها تمنعها من التنمية المرجاة من قبل الشعب الإيراني، علاوة على بعض الأخطاء في السياسة الداخلية وجمودها رغم تطورها وتغيرها في أغلب دول الجوار إلا أن طهران لم تواكب هذا التطور، وهذه أحدى نقاط ضعف النظام السياسي في طهران
وبعيدا عن الخلاف السياسي بين مكونات الشعب الإيراني (وهذا أمرٌ طبيعي في جميع دول وشعوب العالم) فإن التفاوت الاقتصادي بين مكونات الشعب ليس أمراً طبيعياً فالأمن الاقتصادي مرهون بالأمن السياسي فإهمال أحدهما على حساب الأخر يجعل من المستحيل انطلاق تلك الدولة نحو التقدم والتنمية ولا يخفى على أحد أن التدخل الخارجي متربص بأي دولة يتخللها أضطرابات فتلك الدول لا تفوت فرصة إضعاف أي كيان سياسي أو اقتصادي تعده خصماً لها
تركيا الدولة الجارة لإيران وصاحبة المعجزة الاقتصادية كما وصفها كثير من خبراء الاقتصاد العالميين يمكن لها أن تكون حذوة يقتدى بها أقله للوصول لبر الانتعاش الاقتصادي الداخلي لإيران فتركيا تكاد تكون قبلة الكثيرين من أسيا وافريقيا وأوروبا الشرقية، وما كان لها هذا لو لم يكن اقتصادها قائم على أسس متينة وقانونية، فاستقطاب الاستثمارات الخارجية يحتاج إلى أمرين أساسيين، قانون يحميها وحرية التعامل التجاري، فالاقتصاد المفتوح الذي تتبعه تركيا وسن القوانين الخاصة للمستثمرين الكفيلة لهم بحرية الحركة وتسهيل المعاملات المالية إضافة إلى شفافية التعامل في جميع الدوائر المالية وعلى رأسها الميزانية العامة ومكافحة الفساد وتخفيف الإجراءات الروتينية والأمنية واستقلالية القطاع المالي بشكل تام عن التحزب السياسي والعمل الدؤوب وفق خطط استراتيجية ممنهجة جعل منها (تركيا) قوة اقتصادية عالمية، لتحتل المرتبة السادسة عشرة في جدول الاقتصاديات العالمية رغم أنها لا تصدر نفطاً ولا غازاً.
واستطاعت خلال عقد من الزمن أن ترفع الدخل القومي ثلاثة أضعاف والدخل الفردي كذلك حتى باتت المواطنة التركية مطلب الكثيرين من شعوب العالم، فهذا الانتعاش الاقتصادي تحول الأن إلى الرفاهية الاقتصادية حيث أصبح المواطن التركي أكثر إنضباطاً وأكثر مهنية في أموره الحياتية وأكثر نضجاً في الأمور السياسية ومعالجة مشاكلها وهذا ينعكس إيجابياً على جميع مؤسسات الدولة مما يساهم بشكل كبير في التنمية و التطور.
الرئيس الإيراني حسن روحاني قال بإن التظاهر حق مشروع للشعب الإيراني وان كثير من تلك المطالب مشروعة وأن على الحكومة الاستماع لتلك المطالب وتلبيتها وهذه التصريحات لاقت دعماً كبيراً من تركيا والتي تعتبرها إيران بأنها دولة شقيقة وجارة، والمثل يقول الجار للجار فلا ضير أن يطلب الجار من جاره ما يحتاج إليه.