حسرات السوريين تظهر في الإنتخابات التركية
لم تكن ويلات الحرب وتبعاتها وحدها سبباً في هجرة السوريين من بلادهم واختيارهم تركيا بلداً ثانياً طلبا للعيش الكريم والآمن .
ثمة أمور وقضايا استراتيجية أخرى ذات صلة وعلاقة مباشرة بمسألة ممارسة الحريات والتعبيرعن الرأي الذي تكفله حرية المعتقدات والإنتماءات السياسية تحت مظلة إحترام الوطن وتقديس ترابه دون المساس بأراضيه أو الخضوع لأجندة خارجية.
لقد تحول المشهد اليومي في الشارع التركي إلى معضلة حقيقية عند المواطن السوري اللاجىء وهو يسأل في قرارة نفسه كيف تجتمع خيم مؤيدي حزب العدالة والتنمية مع خيم الأحزاب المعارضة الأخرى وتكون جنبا لجنب في الساحات العامة والميادين بمختلف الولايات التركية في مناسبات وطنية وقومية أو في الإستحقاقات الدستورية وإنتخابات البلديات والمخاتير كما يحدث اليوم تحضيراً للانتخابات التي ستجري غداً دون حدوث أي هفوة أو مشكلات تؤثر في تلك التجمعات الشعبية الكبيرة أو تعيق حركة الدعاية للمترشحين مع أنصارهم .
هل هناك سر خفي في تلك الممارسة الديمقراطية أو توجهها محددا تفرضه قوة ما أو نفوذ على الأرض ؟ لو كان هذا الأمر حقيقيا لم تكن لترى الإحتفالات والمهرجانات تقام على مدار الساعة في اليوم، وربما كان الخوف مزروعاً في دواخلك يسبقك إلى حيث تريد للتعبير عن رأيك والإدلاء بصوتك وستكون مكبلا بسلاسل من حديد لا تريد أن تنفك عنها إن كنت تتوقع سوءا لمصيرك بعد الإعلان عن موقفك من هذا الحدث أو ذاك .
في بلد مثل تركيا لن تجد قوائم مقولبة ومصدرة من أجهزة الحكم والتحكم بك عن بعد.
ولن تشعر أن تلك القوائم التي لا تعرف المرشحين فيها ولم تسمع بالكثير منهم أنها قوائم فائزة لا محالة طالما هي بالأصل عن دوائر أصحاب القرار و هي قوائم أمنية حزبية بإمتياز .
ولن تجد المرشحين المستقلين يفوزون بجدارة إلا من كسب منهم ورقة التأييد و الموافقة من الجهات العليا لينصرف المرشح المستقل من دون داعم حقيقي له و يعود من حيث أتى يجر أذيال الخيبة حتى ترسخت لدى السوريين قاعدة المدعوم واللا مدعوم و لتذهب حرأية الرأي إلى الجحيم.
وفي الوقت الذي يتحسر فيه السوريون وهم يرون كل يوم مظاهر البهجة والحرية عند الشعب التركي في ممارسته الديمقراطية بكل مضامينها وأبعادها.
تجدهم يفقدون الأمل و تتلاشى أحلامهم تدريجيا بأن تكون لهم مساحة جديدة فيها كل أشكال الإحترام بعيداً عن سوط الجلاد.