الطوابير علامة فارقة في الداخل السوري
بين توجيه الإتهامات للنظام السوري بأنه وراء ولادة أزمات إقتصادية و خدمية جديدة و خلق حركة تصحيحية معاكسة تلهي الشعب و تجبره على شل تفكيره و عدم قدرته على القيام بأي دور من شأنه تحسين أوضاعه ، و رد النظام أنه يواجه حصارا من الخارج ، يقع المواطن السوري بين سندان فقدان المواد الأساسية و مطرقة الغلاء الفاحش الذي أكل الأخضر و اليابس لتأتي الأسعار المضاعفة عشرات المرات على كل ما يمتلكه المواطن البسيط في حال وجود فرضية هذا الإدخار و هو توقع يدخل عالم المستحيلات السبعة .
في وسط تلك الأزمات و الضرب كفا بكف للبحث عن طوق نجاة ، برزت في المحافظات السورية ظاهرة الطوابير التي باتت تمثل مشهدا يوميا يستغرق عرضه مالا يقل عن إثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد حيث يضطر المواطن للوقوف في الطابور على أمل الحصول على المواد الأساسية التي يحتاجها مثل الغاز و المحروقات من مازوت و بنزين ناهيك عن أن مجيء الكهرباء و الماء لعدد محدود من الساعات في اليوم أصبح يمثل عند السوريين عيدا بحد ذاته .
طوابير الوقوف عند الكازيات لتعبئة البنزين للسيارات تحولت في منصات التواصل الإجتماعي على الإنترنت و المحطات التلفزيونية لمواد تندر دسمة و مجالا رحبا لتأليف حكايات ساخرة على مبدأ المضحك المبكي . البنزين و من قبله الغاز ، و ما ينقص المواطن السوري من ماء و كهرباء و خدمات أساسية تضاف إلى جملة الكوارث التي تحل فوق رؤوس أناس بسطاء من الطبقة المسحوقة من الشعب في ظل تنامي و إتساع فئة المتنفذين و المرتزقة دون أدنى رادع أخلاقي من هؤلاء ، ثم بقاء الشعارات الزائفة و المستهلكة منذ سنوات داخل الوسط الرسمي في القضاء على الفساد و محاسبة الفاسدين ، بقاؤها داخل الصندوق الأسود و حتى ينجلي ظلام الرد المناسب في الوقت و الزمان المناسبين ، كل ذلك يبقى قائما إلى أجل غير مسمى و معها تستمر المعاناة و تكبر مساحة اللعنة التي يتلفظ بها كل من خانته الظروف و لم تسعفه إمكانياته للهرب من جحيم الحرب و من سواد المعيشة .