أحلام الشباب بين فلافل غزة وجزر اليونان

أحلام الشباب بين فلافل غزة وجزر اليونان
أحلام الشباب بين فلافل غزة وجزر اليونان

أحلام الشباب بين فلافل غزة وجزر اليونان

تغنَّى الكثير من الشعراء والأدباء في جمالها، لكن أحدًا لم يستطع وصف زينة ثوبها، بقدر ما تُطرب وأنت تستمع من أهلها في مدح قوتها وصبرها رغم عُزلتها.

من أعلى شرفة تجد العاشقين ينظرون إلى الأزرق المتوسط الذي يميز مكانتها، مرهفين وهم يخططون كيف سيخرجون من ثوبها رغم عفتها.

الأحلام كثيرة وكبيرة هي التي تتمحور في أذهان نسائها ورجالها حول المستقبل الذي سوف يكون فيه حالها، أحلام تبدلت إلى مخاوف دفعت الآلاف للخروج من بين أحضانها مغادرين بعد رحلة عذاب كانوا يظنون فيها طريق السلامة للخلاصِ من كفرِ العباد في حق أهل البلاد العابسة هي الأخرى من حجم الصراعات بين الأحزاب المتناحرة لامتلاك السراب من الوطن البديل.

غزيون كثر من بين اللذين كانت قِبلتهم الأولى مدينة اسطنبول "حاضنة العرب" الفارين من ويلات الظلم وقسوة الجوع..

محمد، وسيم، رأفت، ميسون، ريما ورائد نماذج غزيٌة خرجوا من عُتمة الوطن إلى ما هو أشد وأقوى، كيف لا وجلُهم خرج دون معرفة مسبقة عن كيفية رحلتهم التي بالكاد استدانوا كُلفتها، ليبحث الواحد منهم عن فرصة تغيثه من فقر سنين الحصار الإسرائيلي من جهةٍ وتداعيات الانقسام الفلسطيني من جهةٍ أخرى.

شبابٌ يجلسون على رصيف "فلافل غزة" وسط مدينة اسطنبول التركية لسد جوعهم بوجبة طعام تحمي أجسادهم الضعيفة من السقوط تارةً، وبين متنزهات محطةِ "اكسراي" التركية ينتقلون بروايات حزينة لقضاء ما تبقى من يومهم دون فعل شيء تارة أخرى.

وبين تلك الحكايا وكثرة الراوين تلتقي الفكرة مع الهدف لدى الحالمين بركوب" البلم أو الجيت بوت" لعبور بحر "إيجا" من الجهة التركية مروراً إلى جزر اليونان، من أجل الوصول إلى العاصمة المؤقتة لمدينة غزة  بلجيكا"."

أساسية هي القدرة المادية هنا في تحديد وجهة وموعد الرحلة التي يأذن بها "الخال" وهو الوصف المستعار للمهرب الذي يسمح لمن استطاع إليه سبيلًا، خوض تجربة حظ عبور طريق الهجرة بنارها ومُرِها.

لبيك اللهم هجرةً فأنتم السابقون ونحن اللاحقون، هذا لسان حال اللذين يرقبون بشغفٍ فرصة الوصول غير متعظين من حادثة وفاة الشاب محمد أبو شملة الذي ارتقى إلى العلا بعد سقوطه من علوٍ أثناء ملاحقة الشرطة التركية للمهاجرين داخل فندق في مدينة أزمير المكتظة بأعداد المنتظرين إشارة تسمح لهم خوض تجربة الرحيل.

أبو شملة حدث مأساوي كبيرٌ، صدى قصته لخص جزء من معاناة وآلام الكثيرين، لكنه لم يستطع فتح باب الرحمة الذي قتل في محرابه الضمير.

وبالنظر إلى قصص المرهفين وبين معاني حكايا المعذبين تبقى الحرية والإنسانية وجهة نظر مجردة.

مشاركة على: