قيمة الإنسان أم قيمة المال أيهما أقوى؟

قيمة الإنسان أم قيمة المال أيهما أقوى؟
قيمة الإنسان أم قيمة المال أيهما أقوى؟

قيمة الإنسان أم قيمة المال أيهما أقوى؟

بعد أن شهدت الساحة الكثير من التغيرات وكانت هذه الحقبة أشد عصفاً على جميع الأصعدة من كل الحقب، إنخفضت قيماً بفعل هذه التغيرات وأرتفعت أخرى وبين ما أنخفض وأرتفع ضاع الإنسان، وبضياعِهِ أصبحت قيمتهُ تنحدر شيئا فشيئاً، حتى وصل به الحال إلى  أنه أعتبر مجرد رقم على ورقة متلفة فضاعت حقوقه بذلك، أو ورقةُ على جثةٍ تحمل عنوان مجهول الهوية أو خط على جبينه كلمة بالإنكليزية (Im sorry) بعد العديد من الإهانات والإساءة لكرامته أو ربما موته فضاع بذلك كيانه،أو إنسان مشرد في العراء، يطلب المؤونات ويشحذ همم الغيارى بعد أن فقد سكنه حين أستهدف بشكل عشوائي بحجة القضاء على الإرهاب بعدها أجبر على العيش معدماً ويستبدل خيمة بأخرى كي يوفر لنفسهِ عيشاً كريماً ويطلب المساعدات لتوفير لقمة العيش له، أو أسم في قائمة المفقودين حينها فقد وجودهُ بسبب حجةُ غير مبرره دوافعها التصعيد الإقتتالي،أو رمزية صفراء تشير إلى تهم باطلة عند إرتدائها وضع على طاولة التفاوض والمساومة لإستعادة حريته، أو مغرر به في الجيش للتضحية لحسابات خارجية لا شأن لها بالوطنية ويكون بذلك فقد إنتماءه عندما زج بنفسه بهذه الدوامة وهو يعتقد أنه سيحمل شهيداً بحب الوطن لكن النتيجة كانت عكسيه وموته كان لأغراض ومصالح خارجية لا تعود للوطن بالنفع ولم يكن لإقدامه أي جدوى سوى أن أرضه أحتضنته لا أكثر، أو جثة  تحت الإنقاض متعفنه بفعل مرور الزمن أو عدم إكتراث المسؤولين لذلك هنا فقد حياته حين مات وكان السبب صفقات ومعارك إستراتيجية وجودية على بقعة معينة، أو جثة مدفونه بمقابر جماعية دون ذنب أو جريرة فقد بذلك الإنسان كنهه الحقيقي كإنسان حين قتل بشكل جمعي مشابه لذبح الخراف بدافع العنصرية والعرق والمذهب، أو أنه أستُهدِف لمجرد خلافات وصفقات سياسية عن طريق أدوات التفخيخ والكواتم وبذلك تتناثر أشلائه ويختلط دمه بالدم فيصبح عدم دون قيمة وجودية أو حتى لم يكلف موته إستنكاراً من السلطات،فهو هنا يموت ببراءة تامة ورغم ذلك موته يشكل مقابلاً مادياً لأحدهم.

بعد كل الأحداث التي مر بها الإنسان نجده الخاسر والضحية الأكبر في عصر كهذا، فهو يعيش اليوم بين مد الخوف وجزر القلق، تحمله أمواج التعب على سواحل التيه، فوحشية العصر أهلكت بني أدم من أجل قيمة وضمانه مادية زائلة على المدى القريب والبعيد، فلو أدرك صاحب النفوذ ومن يرتكب هذه الأساليب البوليسية يوماً ما سيؤل مصيره لذات المصير ولربما أبشع لكنه منغمس بشهوانيته الحيوانيه بحب المال والسلطه والجاه والكثير من التسهيلات التي تقدم له مقابل أيدلوجيته الفكرية الرخيصة.

السؤال الذي يطرح نفسه بأي ثمن يقاس الإنسان كي يباع بهذه الطريقة؟ ولماذا الإنسان بالذات من يدفع هذا الثمن؟ وإذا ضاعت قيمة الإنسان بمبلغ مادي بماذا سيستردها؟

وبعد ما أنخفض قيمة الإنسان بهذه الشكل المنحدر والمنحط، ظهر لنا شكل وهيكل جديد من أشكال الرأسمالية بحجة إستعادة قيمته، فيها أصبح الإنسان مجرد سلعه يستثمر نفسه برخص تام كون مقومات الخبرات والكفاءة إزدادت معاييرها، فأصبح هو إستثمار وسلعة في ذات الوقت وحتى ما يتعلق به كإنسان أيضاً  وضع على طاولة السلع أسمه في ذلك خير مثال،فاليوم المشاهير يستغلون ذلك كونهم يملكون قواعد جماهيرية قويه فيختزلون أنفسهم أحيان كثيرة في خانة الإعلانات، ليجذب الكثير من المحبين والمتابعين المهووسين بإتباعه وتقليده حتى أنهم مستعدين أن يتحولون لزبائن للماركة التي يرتديها، بذلك ترتبط قيمة الإنسان بالمقابل المادي والمعيار الرقمي الذي يحصل عليه مقابل الإعلان، وهذا الأمر لو نظرنا فيه بدقة وعمق فهو يضع من قيمة الشخصية المعروفة فكرياً وثقافياً ومعرفياً فقيمة الإنسان بهذا المعنى السامي بالعلم والمعرفة ومايقدمه من محتوى مفيد ويحمل رسالة هادفة لا بمقابله المادي، فهذا الإنطباع غير سليم ويحط من قيمة الشخص في نظر الناس، لأن قيمة الإنسان معنوية تتحسس عن طريق مواقفه، أفعاله، أهدافه، شخصيته، ثقافته، كيانه،وكنهه، ورسالته، لكن في هذه الأونة حطت من قيمته بشكل مبتذل ورخيص فأصبح يرتفع بقيمته المادية ويموت بقيمة مادية وهذا المفهوم بخس وقسمة ضيزى، لأن في كلتا الحالتين الخاسر والضحية هو الإنسان لأن ما يسيطر عليه هو النفوذ والمال والسلطة لا العلم والمعرفة والثقافة .

 

لكن السؤال الذي يدور في الأفق كيف نعيد السلطة المادية لحجمها الطبيعي؟ كقيمة مقايضة متوازنه مفصوله عن قيمة الإنسان لكن في ذات الوقت غير ملغية فمن غير المعقول أن نلغيها بعد كل هذا الهوس واللهث حولها، لكن قيمة محددة ومقننة غير خيالية وجامحة.

وماهو المعيار الحقيقي لهذه السلطة للحد من سيطرتها بشكل كامل على العالم؟
وخفض مركزية الإعتماد عليها في حقبة يغزوها الهوس المادي بشكل مخيف على الرغم من أن الإنسان يستطيع العيش ملك بالموارد الطبيعية التي سخرها الله لخدمته وذللها له لتوفر له كل مستلزمات المعيشة المترفة وقيمة المال في ذات  الوقت لديه محددة ومعينة.

 

وفق هذا السياق وبما أن الإنسان ترتفع قيمته بالمادة وتنخفض بذلك، هل ستجد البشرية بديل عن سلطة المال في أمور كثيرة، لكي تعيد للإنسان قيمته ولا تضمحل بهذه الطريقة المشينة، لأن ما نعيشه واقع مأساوي بشكل لا يصدق أحدث فجوات بين أفراد المجتمع وأصحاب النفوذ وعلى كل الأصعدة والسبب في ذلك هي سيطرة السلطة المادية،برأيي لو يخفف الإنسان من مطامعه وجشعه، ويفعل طريق القناعة والقبول، ويرى قيمته بأفكاره وثقافته وعلمه ومعرفته، سيسود الإنسان بقيمة تضاهي قيمة المال، ويعلو شأنه وكفته لا كفة الماديات هنا نعيش المعنى السامي للحياة أن يعود الإنسان مكرم كما خلقه الله وكرمه عن باقي المخلوقات.

مشاركة على: