
كيف تؤثر الأطعمة التي نتناولها على نفسيتنا؟
كل لقمة نأكلها لا تشكل جسدنا فقط بل روحنا أيضًا، في حين أن الأكل الصحي يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق، فإن استهلاك الطعام دون وعي يهدد نفسيتنا أيضًا.
وفي هذه المقالة نرصد العلاقة المذهلة بين الغذاء والصحة العقلية…
بداية هل شعرت يومًا بالسعادة بعد تناول شريحة من الشوكولاتة الداكنة؟ هل شعرت يومًا بالتعب والانزعاج بعد يوم طويل من تناول الأطعمة المصنعة؟ يقول العلماء أن التغذية تؤثر بشكل كبير ليس فقط على صحتنا الجسدية، بل أيضًا على حالتنا العقلية، إذن، ما هي الأطعمة التي تؤثر على نفسيتنا وكيف؟
وفي هذا السياق، أجاب على هذه الأسئلة البرفسور.نيفرا كوتش الدكتور في جامعة العلوم الصحية قسم التغذية والحميات بجامعة جولهان المحاضر بقسم علوم التغذية وقال:"النظام الغذائي المتوسطي يقلل من خطر القلق والاكتئاب".

وبدأ البروفيسور حديثه بالتأكيد على أن التغذية تلعب دورًا مهمًا في الصحة العقلية.
وقال:"وإن الأبحاث التي أُجريت في السنوات الأخيرة أظهرت كيفية تأثير عادات الأكل على حالتنا النفسية ووظائفنا الإدراكية.
وتشير التقارير إلى أن التغييرات في التغذية تؤثر على الصحة النفسية للأفراد.
وحول كيفية تأثير عادات الأكل على مزاجنا قال كوتش:"إن النظام الغذائي المتوسطي، الذي يتميز باستهلاك كميات أكبر من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبذور الزيتية والأسماك، يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق".
وأكد البروفيسور أن النظام الغذائي المتوسطي يوفر الأحماض الدهنية الأساسية والفيتامينات ومضادات الأكسدة التي تساهم في الوظيفة العصبية وتنظيم التوتر.
ويقول كوتش: "يُقال إن اتباع النظام الغذائي المتوسطي يمكن أن يقلل بشكل كبير من ضمور الدماغ المرتبط بالعمر".
ومن ناحية أخرى، فإن النظام الغذائي الغني بالأطعمة المصنعة والسكريات المكررة والدهون المتحولة والمشبعة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة باضطرابات المزاج.
ويقول كوتش: "هذا يشير إلى أن الالتزام بنظام غذائي صحي يحتوي على كمية كافية ومتوازنة من العناصر الغذائية قد يكون له تأثيرات وقائية على الصحة العقلية".
و تلعب الأطعمة دورًا مهمًا في الحفاظ على الصحة العقلية و تساهم فيتامينات ب، وخاصة حمض الفوليك وفيتامين ب12، في تخليق النواقل العصبية ودعم تنظيم المزاج".
و يرتبط انخفاض مستويات هذه الفيتامينات بزيادة خطر الإصابة باضطرابات الاكتئاب. يُعدّ المغنيسيوم، الموجود في الخضراوات الورقية الخضراء والمكسرات، معدنًا مهمًا في استثارة الخلايا العصبية والاستجابة للتوتر، لذا فإن نقصه قد يؤدي إلى سلوكيات تُشبه القلق.
ومن المعروف منذ فترة طويلة أن الإفراط في تناول السكريات المكررة يؤثر سلبًا على الصحة العقلية.
و يمكن أن تُسبب الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر تقلبات في مستويات السكر في الدم، مما قد يؤدي إلى تقلبات مزاجية وتهيج وإرهاق.
كما يرتبط تناول السكر بزيادة الالتهابات والإجهاد التأكسدي، اللذين يلعبان دورًا في الاكتئاب واضطرابات القلق. وقد ربطت الدراسات أيضًا بين تناول كميات كبيرة من السكر وارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب.

وتشير الدراسات إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالبروبيوتيك والبريبايوتيك يمكن أن تعمل على تحسين صحة الأمعاء وحتى تحسين أعراض الاكتئاب.
ويشير كوتش إلى أن استهلاك الأطعمة المخمرة مهم من حيث البكتيريا المفيدة التي تدعم الصحة العقلية، ويقول: "على النقيض من ذلك، يرتبط خلل التوازن في ميكروبات الأمعاء بزيادة استجابات التوتر وزيادة خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية".
وأشار البروفيسور إلى أن العلاقة بين التغذية والصحة العقلية أصبحت مفهومة بشكل أفضل مع تزايد الأبحاث العلمية في السنوات الأخيرة.
ويختتم كوتش كلامه قائلاً: "قد يكون دمج العادات الغذائية في عمليات الاستشارة والعلاج النفسي مستقبلاً نهجاً مهماً لتعزيز الصحة النفسية.
في هذا السياق، قد يقدم خبراء التغذية، الذين يقدمون إرشادات صحية نفسية قائمة على التغذية، استراتيجيات فعّالة للوقاية من الاضطرابات النفسية وإدارتها".