تقرير كيسنجر السري يكشف دور تركيا في خطة سكانية

تقرير كيسنجر السري يكشف دور تركيا في خطة سكانية
تقرير كيسنجر السري يكشف دور تركيا في خطة سكانية

تقرير كيسنجر السري يكشف دور تركيا في خطة سكانية

في صيف عام 1974، وبعد الانتهاء الناجح لعملية السلام في قبرص بالنسبة لتركيا، وجّه الكونغرس الأمريكي إنذارًا حازمًا لوقف المساعدات العسكرية لتركيا في حال عدم التوصل إلى حلول بحلول 10 ديسمبر. ومع اقتراب هذا الموعد، كان على مكتب الرئيس فورد جدول أعمال مهم آخر، يتضمن تقريرًا سريًا للغاية يحمل اسم “مذكرة العمل للأمن القومي 200: تأثير زيادة السكان في العالم على الأمن والمصالح الأمريكية الخارجية” المعروف بـ تقرير Kissinger. التقرير الصادر عن مؤسسات مثل CIA ووزارة الخارجية وPentagon وUSAID، لم يكن يعلم به إلا عدد قليل من كبار المسؤولين.

يُحذّر التقرير من أن مناطق العالم ذات الموارد الطبيعية الغنية والنمو السكاني السريع، مثل تركيا، ستصبح غير مضمونة من الناحية الأمنية إذا استُنفدت مواردها، أو إذا امتد التأثير المضاد-الأمريكي عبر الشباب المعارض أو الانتشار الأيديولوجي. من بين توصياته: استخدام برامج “التوعية السكانية” والدعاية ووسائل التعليم الجنسي والتوجيه لخلق شعور تطوعي، مع تجنب المظاهر القسرية العلنية، وتوظيف المساعدات الدولية كأداة ضغط على الدول التي لا تنفذ سياسات تنظيم الأسرة.

تركيا كانت إحدى 13 دولة مستهدفة ضمن التقرير، إلى جانب دول مثل الهند وبنغلادش ونيجيريا ومصر والبرازيل. تقرير Kissinger لم يقتصر على توصيات نظرية، بل تضمن خطوات تنفيذية عبر برامج مشابهة لما يسمى “Turkey Contraceptive Social Marketing” التي شُغلت بتمويل جزئي أو كلي من USAID، حيث كانت مواد منع الحمل تُشرح وتوزع إلى المراكز الصحية والأحياء الريفية، وكان يُتوقع أن تقل أداؤها تدريجيًا إذا لم يُكمل النمو السكاني وفق الهدف.

ومع مرور الوقت، وتجدد الجدل السياسي والديني والثقافي، ارتُفعت الأصوات المعارضة لهذه السياسات، معتبرة أن بعض الإجراءات تخطّت دور التوعية لتلامس خيارات الأسرة والحياة الشخصية، وأنها استخدمت الشرائح الاجتماعية الضعيفة كمساحة تجريبية للممارسات الدولية. في تركيا وصل الأمر لانتقادات علنية بأن هذه السياسات ساهمت في تغييرات ثقافية وإعلامية تُفضّل الأسرة الصغيرة، كأنها مظهر من مظاهر الحداثة المفروضة، إلى الحد الذي تحوّل فيه موضوع الحجم الأسري إلى معيار للفئة الاجتماعية والطبقات.

اليوم، وعلى الرغم من أن التقرير قديم جدًا، فإن معدلات الخصوبة في تركيا تحت الإنذار، فالأرقام تشير إلى أن مستوى الخصوبة اللازمة لتجديد السكان (حوالي 2.1 طفل لكل امرأة) أصبح بعيدًا جدًا، في حين أن العديد من المدن تشهد انخفاضًا مضطردًا في عدد الولادات، وتأخرًا في سن الزواج، وتأخّرًا في إنجاب أول طفل. ويُنظر لتاريخ التقرير السيّئ السمعة كرصد مبكر لطبيعة التحديات التي قد تواجه الدول النامية التي تتداخل فيها السياسة، الثقافة، والديموغرافيا، وأن هذه التحديات لم تعد آنية فقط بل تؤثر على السياسات الراهنة، خاصة مع التغيرات الديموغرافية العالمية والضغوط على النظم الاجتماعية والرعاية الصحية.

 

مشاركة على: