تركيا تشدّد قانون الإنترنت: مسؤوليات المنصات وعقوبات جديدة

تركيا تشدّد قانون الإنترنت: مسؤوليات المنصات وعقوبات جديدة
تركيا تشدّد قانون الإنترنت: مسؤوليات المنصات وعقوبات جديدة

تركيا تشدّد قانون الإنترنت: مسؤوليات المنصات وعقوبات جديدة

أعلنت الحكومة التركية في عام 2025 عن سلسلة من التعديلات القانونية المهمة على قانون الإنترنت رقم 5651، والتي تهدف إلى توسيع مسؤوليات المنصات الرقمية، زيادة العقوبات الإدارية، وتعزيز الإشراف على المحتوى الرقمي. هذه التعديلات تأتي في ظل ضغوط متزايدة لضبط المحتوى غير القانوني، الكراهية، التضليل، والمحتوى الذي يُعدّ تهديدًا للأمن العام أو القيم المجتمعية. المنصات التي تصل إلى مليون مستخدم يوميًا ستكون ملزمة بتعيين ممثّل قانوني داخل تركيا، وتخزين بيانات المستخدمين داخل البلاد، وإقامة نظام للإشعارات والمراجعة عند تلقي شكاوى المحتوى. في حالة صدور حكم قضائي لإزالة محتوى معين، يُطلب من المنصة تنفيذه سريعًا، وإلا فقد تُواجه غرامات مالية كبيرة، أو تُقيّد سرعتها، أو تُمنع من عرض الإعلانات.

من بين المسؤوليات الجديدة أيضًا أن تتضمّن الإعلانات والمحتوى المدعوم تصريحًا واضحًا يدل على أن المحتوى ممول، وتتبع سياسات الشفافية في كيف تُدار البيانات والخوارزميات التي تُستخدم لتصفية المحتوى وتحديد ما إذا كان خاضعًا للإشراف القانوني. وتحديدًا، يُشترط أن تُقدَّم المنصات تقارير شفافية نصف سنوية للجهات المنظمة تلخّص فيها كيف تعاملت مع الشكاوى، أي قرارات اتخذتها بشأن المحتوى، وإذا كان هناك إزالة أو حجب، وكم من الإعلانات المدفوعة تمّت وكيف تُدار سياسات تتبّع المستخدم والتأثير الإعلاني.

كما أن السلطات المعنية مثل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (BTK) والهيئة لحماية البيانات الشخصية (KVKK) ستحصل على صلاحيات أوسع لفرض العقوبات، والتي قد تشمل غرامات مالية كبيرة، حظر الإعلانات الخاصة بالمنصة، خفض سرعة الباندويث، وحتى فرض قيود تشغيلية على المنصات التي لا تلتزم بالقوانين الجديدة. المنصات الأجنبية التي لا تلتزم بتعيين ممثل قانوني داخل تركيا أو بتخزين بيانات المستخدمين داخل البلاد قد تواجه حظرًا مؤقتًا أو دائمًا أو عقوبات مشابهة بعد إنذار إداري.

التعديلات الجديدة تُلزم أيضا المنصات بتأسيس قنوات للتظلم من المستخدمين، حيث إذا تم تقديم شكوى من مستخدم حول محتوى غير قانوني، يجب على المنصة التعامل معها ضمن إطار زمني محدد والإبلاغ للجهات المختصة إذا لم يتم الحل. هذه السياسات تهدف إلى تقليل المحتوى الضار، وتعزيز الرقابة الذاتية للمنصات أو ما يُعرف بالمودريشن، بحيث لا تقتصر المسؤولية على المضيف فقط، بل تشمل أيضًا كيف تُدار المنصة نفسها من حيث السياسات الداخلية، الخوارزميات، بيانات المستخدمين، والمحتوى الناتج عن المستخدمين.

بعض حقوق المستخدمين قد تتأثر، مثل الحق في الخصوصية، الحق في حرية التعبير، والحق في أن لا يُساء استخدام البيانات، خاصةً إذا تم تخزين البيانات داخل تركيا وخضوعها للإجراءات القانونية التركية. كما أن المستخدمين قد يرون تغييرات في شروط الاستخدام، في كيفية تعامل المنصة مع المحتوى المثير للجدل، أو أنه قد يكون هناك حظر أسرع للمحتوى الذي تبلغ عنه الجهات الرسمية.

من الناحية التنفيذية، ستبدأ بعض هذه القوانين في التطبيق التدريجي فور صدورها، مع إعفاءات لبعض المنصات الصغيرة التي لا تصل إلى حد المستخدمين الكبير أو التي لا تستضيف محتوى كبير من طرف ثالث، وذلك لإعطائها فرصة للتكيّف التقني والقانوني.

ختامًا، هذه التعديلات تمثل تحولًا في كيفية إدارة الإنترنت في تركيا، حيث تتجه المنصات الرقمية إلى التقيّد بمعايير قانونية أشد، مع مزيد من الشفافية والمساءلة، لكن التطبيق العملي سيكون الاختبار الحقيقي، ومدى قدرة المنصات على التكيف مع هذه المسؤوليات الجديدة.

مشاركة على: