
هل تنقل «الأمم المتحدة» مقرّها إلى إسطنبول
في تطور يُثير اهتمام الدبلوماسيين وصنّاع القرار، يتجدّد الحديث حول احتمال نقل مقر الأمم المتحدة من نيويورك إلى إسطنبول، بعد أن تواجه المنظمة ضغوطًا مالية كبيرة نتيجة توقف بعض الدول الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة، عن دفع مساهماتها. هذا الطرح أثار حديثًا إعلاميًّا ودبلوماسيًّا واسعًا، خاصة مع إعلان تركيا دعمها الرسمي، واقتراح الرئيس رجب طيب أردوغان أن تحتل إسطنبول موقعًا مرشحًا كمركز بديل.
التقارير الإعلامية تشير إلى أن قطع المساهمات الأمريكية، التي شكّلت أحد أبرز مصادر تمويل الأمم المتحدة، أدّت إلى ضائقة مالية داخل المنظمة، ما دفعها إلى البحث عن بدائل لمقراتها التقليدية، أو فرض إصلاحات هيكلية واسعة. في هذا السياق، ظهرت عدة مدن حول العالم كمرشحة لاحتضان مقر بديل أو فروع إقليمية، منها إسطنبول بفضل موقعها الجغرافي الجاذب بين آسيا وأوروبا، والبنية التحتية القوية، وسوابقها في استضافة المنظمات الدولية. (مستند إلى مقالات تفسيرية عامة)
وفقًا للتغطية الإعلامية، فإن اقتراح أردوغان يأتي مدعومًا من بعض الدبلوماسيين في أنقرة، الذين يشيرون إلى أن إسطنبول تتميّز بأنها جسر بين الشرق والغرب، ما يجعلها موقعًا استراتيجيًا مناسبًا لاستضافة مؤسسة عالمية. وقد صرّح المتحدثون بأن المدينة تحتوي بالفعل بعض المكاتب الإقليمية للأمم المتحدة، كما أن المرافق الدبلوماسية في المدينة عالية المستوى وتُسهم في تعزيز الاعتقاد بأنها قد تستوعب جزءًا من العمليات الإدارية. (مستند إلى تفسير الخبر المقتبس من الصحف التركية)
غير أن هذه الفكرة ليست حديثة؛ فقد تم طرحها في مناسبات سابقة، لكن لم تتقدّم إلى مراحل جدية بسبب الالتزامات القانونية الدولية، الاتفاقيات الراسخة، والاعتبارات السياسية التي تجعل من تغيير المقر عملية معقّدة جدًا. وعدم رغبة بعض الدول بأن يُشار إلى أن الولايات المتحدة لم تعد الموقع الحصري لمثل هذا المقر الدولي يُعدّ عائقًا كبيرًا أيضًا.
الحديث اليوم يُركّز على أن الأزمة التي تواجهها الأمم المتحدة بسبب تمويلها قد تسرّع التفكير في مثل هذه الخطوات، لكن الأمر يتطلب موافقة شاملة من الأعضاء وانتقالًا تدريجيّا. من الناحية القانونية، المقرّ الرسمي للأمم المتحدة مُحدَّد بعقود دولية واتفاقات بين الدول؛ أي تغيير يتطلب تعديل تلك الاتفاقات وموافقات متبادلة، إضافة إلى تكلفة بنية تحتية ضخمة لنقل الأرشيف، الموظفين، الأمن، الاتصالات، وغيرها من المرافق الحيوية.
في تركيا، دعم الحكومة لهذا الاقتراح يُعدّ خطوة رمزية قوية أمام المجتمع الدولي بأنها تسعى لتعزيز دورها العالمي، وتسعى لوضع نفسها كمركز إداري دولي بين القارات، خصوصًا في ظل التوترات الجيو-سياسية وتراجع الدور الأمريكي في بعض الملفات العالمية.
لكن ردود الفعل الدولية قد تكون متفاوتة: الدول التي تستفيد من موقع المقر الحالي قد تعارض تغييرًا جذريًا، كما أن بعض الجهات الفنية داخل الأمم المتحدة قد ترى أن استمرارية البنية تحت الأرض في نيويورك، والتأسيس العقاري والتشغيلي هناك، تجعل من النقل خيارًا مكلفًا وربما غير عملي.
في الخلاصة، فكرة نقل مقر الأمم المتحدة إلى إسطنبول تُطرح مجدّدًا في أوقات اختبارات مالية وسياسية، وتُظهر كيف أن موازين القوى الدولية قد تُحرّك مؤسسات الأمم المتحدة التي طالما اعتُبرت مستقرة في مواقعها. لكن التنفيذ الفعلي لهذه الفكرة سيواجه تحديات قانونية، لوجستية، سياسية، وربما رفضًا من بعض الأطراف الدولية.