 
            ارتفاع تكاليف المعيشة في تركيا يضغط على المقيمين العرب
إسطنبول – نيو ترك بوست
تعيش تركيا منذ بداية عام 2025 موجة جديدة من الارتفاع في تكاليف المعيشة شملت مختلف القطاعات، بدءًا من الإيجارات والمواصلات، مرورًا بأسعار المواد الغذائية، وصولًا إلى الخدمات الطبية والتعليمية، مما زاد الضغط على المقيمين العرب الذين يشكّلون نسبة كبيرة من الأجانب داخل البلاد.
وتشير بيانات هيئة الإحصاء التركية (TÜİK) إلى أن مؤشر الأسعار العام ارتفع بنسبة 68% على أساس سنوي حتى نهاية الربع الثالث من العام، في حين تجاوزت نسب الزيادة في بعض السلع الأساسية حاجز 100%.
🏠 الإيجارات في المقدمة
تُعد أزمة السكن في المدن الكبرى مثل إسطنبول، أنقرة، وإزمير أبرز ما يثقل كاهل المقيمين.
فقد ارتفع متوسط إيجار الشقق الصغيرة (2+1) في إسطنبول إلى ما بين 22 و30 ألف ليرة تركية شهريًا في المناطق المتوسطة، بينما تتجاوز الأسعار 50 ألف ليرة في الأحياء المركزية مثل شيشلي وبشكتاش وكاديكوي.
ويقول محمد.ع (مقيم سوري في منطقة الفاتح منذ 7 سنوات):
“كنا ندفع 6 آلاف ليرة عام 2021، واليوم الإيجار نفسه أصبح 25 ألفًا. حتى العروض القديمة لم تعد متاحة، وأصحاب العقارات يطلبون الدفع مقدمًا لعدة أشهر.”
🛒 السلع الغذائية والاحتياجات اليومية
تشهد الأسواق التركية تقلبات شبه أسبوعية في أسعار المواد الغذائية، خصوصًا الزيت، السكر، والأرز.
بحسب تقرير اتحاد غرف التجار الأتراك (TESK)، فإن متوسط كلفة السلة الغذائية لعائلة مكوّنة من 4 أفراد ارتفع إلى 19 ألف ليرة شهريًا، بعد أن كان 11 ألفًا فقط في العام الماضي.
اللافت أن سلاسل المتاجر الكبرى باتت تلجأ إلى تخفيضات موسمية محدودة جدًا، بينما تواصل المتاجر الصغيرة رفع الأسعار بسبب تكاليف النقل والطاقة.
🚍 النقل والمواصلات
لم تسلم وسائل النقل من الزيادة.
فقد أعلنت بلدية إسطنبول الكبرى (İBB) عن تعديل جديد لتعرفة النقل العام في سبتمبر الماضي، حيث ارتفع سعر تذكرة المترو والترام إلى 19.7 ليرة، وتذكرة الميني باص إلى 25 ليرة.
في المقابل، يشتكي المقيمون من بطء خدمات المترو الجديدة وتزايد الازدحام، خاصة في المناطق الغربية من المدينة.
وتقول مها.أ، مقيمة أردنية في منطقة بيليك دوزو:
“أقضي ساعة ونصف كل صباح للوصول إلى عملي في وسط المدينة، والازدحام أصبح لا يُطاق رغم ارتفاع التكاليف اليومية.”
⚡ الفواتير والخدمات
شهدت فواتير الكهرباء والماء والغاز زيادات متكررة منذ منتصف العام الجاري.
بحسب البيانات الحكومية، فإن متوسط فاتورة الكهرباء المنزلية ارتفع بنسبة 45% مقارنة بعام 2024، بينما قفزت فواتير الغاز الطبيعي بنسبة 60% في بعض الولايات الباردة مثل إرضروم ووان.
أمّا خدمات الإنترنت والاتصالات فقد شهدت ارتفاعًا بمعدل 25% على الأقل، مع بقاء جودة الخدمة متفاوتة بين الشركات.
📈 كيف يتعامل العرب مع الغلاء؟
تنوّعت أساليب التأقلم بين الجاليات العربية المقيمة في تركيا:
بعض العائلات انتقلت إلى ولايات أرخص مثل قونية وطرابزون ومرسين.
آخرون لجأوا إلى المشاركة في السكن لتخفيف الأعباء.
وبدأت فئة من الشباب العربي التفكير جديًا في الهجرة إلى أوروبا أو كندا بحثًا عن استقرار اقتصادي.
وفي المقابل، أطلقت بعض البلديات التركية برامج دعم رمزية مثل “بطاقة المعيشة” و“السلة الاجتماعية”، لكن الاستفادة منها تبقى محدودة للأجانب.
🧭 رؤية نيو ترك بوست
تحذر نيو ترك بوست من أن استمرار الارتفاع في الأسعار دون تدخلات فعالة قد يؤدي إلى موجة نزوح داخلي جديدة بين المقيمين الأجانب نحو المدن الصغيرة، كما قد يؤثر على فرص تجديد الإقامات المستقبلية في المناطق ذات الكثافة العالية.
وتؤكد الوكالة أن متابعة المؤشرات الاقتصادية ومراقبة قرارات البلديات المحلية أصبح ضرورة لكل مقيم عربي لضمان استقراره المالي والمعيشي داخل تركيا.
تواصل نيو ترك بوست تغطية تطورات تكاليف المعيشة في تركيا عبر تقارير أسبوعية تحليلية ترصد وضع الأسعار والسكن والخدمات بشكل دوري.
 
          