دراسة: الماء يتكوّن تلقائيًا أثناء نشأة الكواكب
كشفت دراسة علمية حديثة عن اكتشاف مذهل قد يغيّر المفاهيم الراسخة حول أصل المياه في الكواكب، إذ توصل فريق من الباحثين إلى أن الماء يمكن أن يتكوّن تلقائيًا أثناء عملية نشوء الكواكب، وليس بالضرورة أن يأتي من الكويكبات أو المذنبات كما كان يُعتقد سابقًا.
وبحسب ما تم نشره نقلًا عن نتائج الدراسة الصادرة عن معهد كارنيغي للعلوم (Carnegie Institution for Science) في الولايات المتحدة، فإن الباحثين تمكنوا من محاكاة الظروف الفيزيائية والكيميائية التي تتشكل فيها الكواكب في مراحلها الأولى، وتوصلوا إلى نتيجة مدهشة مفادها أن تفاعل الصخور المنصهرة مع غاز الهيدروجين يمكن أن يولّد الماء بشكل طبيعي.
وأُجريت التجربة بقيادة العالمة أنات شاهار (Anat Shahar)، التي أكدت أن فريقها قام بإنشاء بيئة مخبرية بدرجات حرارة وضغوط مرتفعة تحاكي ما يحدث في أثناء تكوين الكواكب داخل السُدم الكوكبية. وأظهرت النتائج أن التفاعلات الكيميائية بين الصخور والصهارة وغاز الهيدروجين تؤدي إلى تشكل جزيئات الماء (H₂O) في وقت مبكر من عملية التكوين الكوكبي.
وبحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature العلمية بتاريخ 30 أكتوبر 2024، فإن هذا الاكتشاف يُشير إلى أن الماء قد يكون مكونًا طبيعيًا في معظم الكواكب الصخرية في الكون، بما في ذلك تلك التي تقع خارج المجموعة الشمسية.
وقالت شاهار إن النتائج الجديدة “تغيّر الصورة التقليدية” التي تفترض أن الماء على الأرض جاء نتيجة اصطدامات لاحقة من الكويكبات أو المذنبات الغنية بالجليد. وأضافت:
“تشير بياناتنا إلى أن الماء يمكن أن يُنتج تلقائيًا أثناء تشكّل الكواكب نفسها، ما يعني أن وجود الماء في الكواكب قد يكون أكثر شيوعًا مما كنا نتصور.”
ويوضح الباحثون أن هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لفهم أصل الحياة في الكون، إذ إن الماء يُعدّ عنصرًا أساسيًا لكل أشكال الحياة المعروفة، وبالتالي فإن انتشار تكوينه في أثناء نشوء الكواكب يزيد من احتمالية وجود كواكب صالحة للحياة خارج الأرض.
وتشير الدراسة إلى أن هذه العملية قد تكون مسؤولة أيضًا عن وجود كميات كبيرة من المياه في كواكب أخرى مثل المريخ والزهرة وربما في الكواكب الخارجية البعيدة، مما يعزز فكرة أن الماء ليس عنصرًا نادرًا بل مكونًا طبيعيًا من مكونات الكواكب الصخرية.
ورغم أن الدراسة لا تزال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث الميدانية والفلكية لتأكيدها من خلال الملاحظات المباشرة، فإنها تُعد خطوة مهمة نحو إعادة صياغة نظرية نشأة الكواكب وتطورها.
ويرى العلماء أن هذه النتائج قد تساعد مستقبلًا في توجيه مهام البحث الفضائي نحو الكواكب التي تتوافر فيها ظروف مماثلة لتلك التي تم اختبارها في التجربة، ما قد يقود إلى اكتشافات جديدة حول تكوين الماء والحياة في الفضاء.