ماردين: قائمة المناطق التي توقفت عن منح الإقامة للأجانب
في خطوة جديدة تأتي ضمن السياسة العامة التي تتبعها وزارة الداخلية التركية لتنظيم وجود الأجانب داخل البلاد، أعلنت إدارة الهجرة بمحافظة ماردين عن وقف منح الإقامة في عدد من الأحياء داخل المدينة، وذلك بسبب وصول نسبة الأجانب فيها إلى الحد الأقصى المسموح به. هذا القرار يعتبر امتدادًا للسياسة التي أعلنت عنها الحكومة التركية منذ عام 2022 والتي تهدف إلى “خفض كثافة الأجانب في بعض الأحياء التي تجاوزت فيها النسبة 20%”، وهو الحد الذي حددته إدارة الهجرة لضمان التوازن السكاني وعدم تشكل تجمعات ذات طابع أجنبي مرتفع قد يؤثر على البنية الاجتماعية والخدمية في المناطق المعنية.
وتُعد مدينة ماردين واحدة من المدن التركية التي تتمتع بتركيبة اجتماعية حساسة ومتنوعة، تجمع بين الأتراك والعرب والأكراد والآشوريين، إضافة إلى تاريخ طويل من التنوع الثقافي والحضاري. ومع ذلك، أدى تزايد عدد الأجانب في بعض أحيائها إلى اتخاذ إجراءات خاصة لمنع اختلال التوازن الديمغرافي. وجاء القرار الجديد ليحسم ملف الإقامة في هذه المناطق ويضع ضوابط واضحة أمام الأجانب الراغبين في الإقامة داخل حدود المدينة.
أولاً: خلفية القرار — لماذا الإغلاق؟
منذ عام 2022، بدأت وزارة الداخلية التركية تطبيق سياسة جديدة تهدف إلى “تنظيم وجود الأجانب” في بعض المناطق بعد ارتفاع كثافتهم بشكل ملحوظ، خاصة في الولايات القريبة من الحدود السورية أو المدن التي شهدت تزايدًا سريعًا في أعداد اللاجئين والوافدين. ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد بلغ عدد الأحياء المغلقة أمام الأجانب في عموم تركيا أكثر من 1200 حي في 63 ولاية.
ماردين، كونها ولاية ذات حساسية ثقافية وقرب جغرافي كبير من الحدود، كانت من بين الولايات التي شهدت زيادة ملحوظة في أعداد الأجانب، وخاصة من سوريا والعراق، وهو ما دفع السلطات لتطبيق سياسة “الأحياء المغلقة” داخلها. الهدف الرئيسي من هذا الإجراء هو:
منع استمرار الزيادة السكانية غير المتوازنة.
تخفيف الضغط على الخدمات العامة.
ضمان عدم تحول بعض الأحياء إلى تجمعات سكانية ذات طابع واحد.
التحكم في سوق الإيجارات الذي شهد ارتفاعًا كبيرًا.
تنظيم عمليات التسجيل الإجباري للعناوين.
وقد أشارت إدارة الهجرة في ماردين عبر موقعها الرسمي إلى أنه لن يتم قبول أي طلب يتعلق بالإقامة، أو تغيير العنوان، أو لمّ الشمل، في الأحياء التي تم إغلاقها رسميًا.
ثانياً: الأحياء المغلقة في ماردين
بحسب إعلان إدارة الهجرة في ماردين، فإن الأحياء التي تم إغلاقها أمام معاملات الإقامة تشمل مناطق محددة، ويجري تحديثها بشكل دوري وفقًا لتغير النسبة السكانية.
حتى آخر تحديث رسمي، تشمل القائمة:
أحياء في مركز ماردين (Artuklu)
مناطق أخرى في الأقضية المتاخمة
أحياء ذات كثافة أجنبية مرتفعة
(ملاحظة: القائمة الكاملة يتم تحديثها من إدارة الهجرة نفسها، لأنها تتغير مع انتقال السكان وتجديد البيانات. في النسخة الرسمية، يتم إدراج اسم كل حي مع الكود الخاص به Mahalle Kodu.)
وتؤكد إدارة الهجرة أن أي حي يُدرج ضمن “القائمة المغلقة” يصبح:
مغلقًا أمام الإقامة الجديدة
مغلقًا أمام تغيير العنوان
مغلقًا أمام طلبات الاندماج العائلي
غير متاح لأي نوع من الإقامات بما فيها السياحية والتعليمية والعائلية
وهذا ينطبق على جميع الأجانب دون استثناء.
ثالثاً: كيف يؤثر القرار على الأجانب المقيمين في ماردين؟
يمس القرار شريحة واسعة من المقيمين العرب في ماردين، وخاصة السوريين والعراقيين واليمنيين الذين اختاروا المدينة كمكان للاستقرار والعيش. ويتضمن القرار مجموعة من الآثار المباشرة على الموجودين حاليًا أو الراغبين في الانتقال إليها:
1. الإقامة الجديدة
لن يتمكن الأجانب من الحصول على إقامة جديدة في الأحياء المغلقة مهما كان نوع الإقامة.
2. تغيير العنوان
إذا كنت مقيمًا بالفعل في ماردين وتعيش في حي مغلق:
لن يتم قبول تسجيل عنوان جديد داخل هذا الحي.
إن كنت مقيمًا في حي آخر وتريد الانتقال إلى حي مغلق، فلن يُسمح لك بإتمام هذا الإجراء.
3. تجديد الإقامة
إذا كانت إقامتك الحالية مرتبطة بعنوان داخل أحد الأحياء المغلقة، فلن تتمكن من تجديد الإقامة دون تغيير العنوان إلى حي مفتوح.
4. لمّ الشمل
جميع معاملات لمّ الشمل (Evlilik, Aile Birleşimi) تكون مرفوضة داخل هذه الأحياء.
5. الطلاب
حتى الطلاب الأجانب لن يحصلوا على إقامة طالب إذا كان عنوان السكن يقع داخل حي مغلق.
6. عقود الإيجار
لن يُقبل أي عقد إيجار يكون عنوانه داخل حي مغلق، حتى لو كان موثقًا لدى الكاتب العدل.
رابعاً: لماذا ماردين تحديداً؟
تتميز ماردين بطابعها التاريخي الفريد، وتنوّعها العرقي والثقافي، وموقعها الجغرافي القريب من سوريا والعراق، مما جعلها نقطة جذب لعدد من الجاليات العربية على مر السنين. ومع ذلك، فإن هذا التنوع نفسه يجعل من الضروري الحفاظ على توازن ديمغرافي دقيق، خاصة في أحياء معينة شهدت ارتفاعًا كبيرًا في نسبة الأجانب مقارنة بالسكان المحليين.
إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع أعداد الأجانب في بعض المناطق كان له تأثير مباشر على:
أسعار الإيجار
البنية التحتية
الخدمات الصحية
المدارس
الأسواق
مكاتب البلدية
وقد دفع ذلك السلطات للتحرك بهدف منع تكرار نماذج الكثافة السكانية المرتفعة التي شهدتها ولايات أخرى مثل غازي عنتاب وهاتاي وأورفا وإسطنبول.
خامساً: هل يمكن إلغاء الإغلاق مستقبلاً؟
نعم، بحسب وزارة الداخلية، هناك مراجعة دورية لقوائم الأحياء المغلقة.
ففي حال انخفاض نسبة الأجانب في حي معين إلى ما دون الحد القانوني (20%)، يمكن إعادة فتحه مرة أخرى.
لكن عملية إعادة الفتح ليست تلقائية، بل تتم عبر:
تقييم شامل للتركيبة السكانية
مراجعة العقود والعناوين المسجّلة
التنسيق مع البلديات
إصدار قرار جديد ونشره ضمن تحديثات Göç İdaresi
سادساً: ماذا يفعل المقيم الآن؟
1. تحقق من عنوانك
على كل مقيم عربي في ماردين التأكد مما إذا كان عنوانه ضمن أحياء “الحد الأقصى”.
2. تجنب توقيع عقود إيجار جديدة داخل الأحياء المغلقة
3. عند تجديد الإقامة
إذا كان عنوانك مغلقاً، يجب الانتقال لحي مفتوح قبل تقديم الطلب.
4. استشر إدارة الهجرة مباشرة
لأن القوائم تتغير باستمرار.
5. احتفظ بوثائقك
وخاصة:
عقد الإيجار
إثبات السكن
سند السكن من النفوس
سابعاً: ماردين ودور الجالية العربية
رغم قرارات الإغلاق، لا تزال ماردين واحدة من المدن التي تحتفظ بعلاقات ثقافية قوية مع العالم العربي.
وجود العرب فيها ليس ظاهرة جديدة، بل يعود لقرون طويلة.
لكن السياسات الجديدة لا تستهدف العرب تحديداً، بل تهدف إلى:
تنظيم الهجرة
منع الضغط الخدمي
الحفاظ على التوازن الاجتماعي
منع “التجمعات المغلقة” التي قد تؤثر على النسيج الحضاري للمدينة