“انخفاض مبيعات العقارات بتركيا”

“انخفاض مبيعات العقارات بتركيا”
“انخفاض مبيعات العقارات بتركيا”

“انخفاض مبيعات العقارات بتركيا”

سجّل سوق العقارات في تركيا تطورًا مهمًا خلال شهر أكتوبر 2025، حيث أظهرت بيانات المعهد الإحصائي التركي (TÜİK) انخفاضًا طفيفًا في حجم المبيعات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبينما يبدو التراجع في نسبته محدودًا — لا يتجاوز 0.5% — إلا أنه يحمل في طياته مؤشرات اقتصادية واجتماعية تستحق الوقوف عندها، خصوصًا في ظل استمرار التقلبات الاقتصادية العالمية، وتغيّر أنماط الطلب على السكن، وارتفاع أسعار التمويل العقاري.

ويعدّ سوق العقارات واحدًا من أهم القطاعات في تركيا، نظرًا لدوره في تحريك الاقتصاد المحلي، وتوفير فرص العمل، وجذبه للمستثمرين سواء من داخل تركيا أو من خارجها. ومن هذا المنطلق، فإن أي تغيير ولو بسيط في حجم المبيعات يُعدّ مؤشرًا يستحق المتابعة والتحليل. وفي هذا التقرير الموسع، نقدم قراءة شاملة للبيانات الرسمية، ونتناول الأسباب المحتملة للتراجع، ونستعرض توزيع المبيعات بين المدن، ودور التمويل العقاري، إضافة إلى توقعات الخبراء لما سيحدث خلال الأشهر المقبلة.

الفصل الأول: قراءة أولية في أرقام TÜİK

وفقًا للتقرير الصادر عن المعهد الإحصائي التركي، بلغ عدد المساكن المباعة في تركيا خلال شهر أكتوبر 164,306 وحدة سكنية، مسجلًا تراجعًا بنسبة 0.5% مقارنة بأكتوبر من العام الماضي. ورغم أن نسبة التراجع محدودة جدًا، إلا أنها تأتي في سياق عام اتسم بتذبذب المبيعات بين شهر وآخر، حيث شهدت بعض الأشهر ارتفاعات ملحوظة بينما شهدت أخرى استقرارًا أو تراجعًا بسيطًا.

ما يستحق الانتباه هو أن إجمالي المبيعات في الفترة بين يناير وأكتوبر 2025 ارتفع بنسبة 16.2%، ما يعني أن السوق لا يزال يحتفظ بحيويته رغم التراجع الشهري البسيط. وهذا يعكس الطلب المستمر على السكن، سواء من أجل الاستثمار، أو للمعيشة، أو بهدف تأمين عقار طويل الأجل.

الفصل الثاني: إسطنبول تتصدر… كعادتها

كما هو متوقع، تواصل إسطنبول — العاصمة الاقتصادية لتركيا — تصدر قائمة المدن الأكثر بيعًا للمساكن، حيث تم تسجيل 26,305 عملية بيع خلال أكتوبر، وهو ما يعادل نحو 16% من إجمالي مبيعات تركيا.

لماذا تحتفظ إسطنبول بالصدارة دائمًا؟

تنوع المشاريع العقارية: من الفاخرة إلى الاقتصادية.

فرص العمل الكثيفة: الطلب على السكن في تزايد.

مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل قناة إسطنبول ومطار إسطنبول.

كونها مركز الاستثمار العقاري الأجنبي بنسبة كبيرة مقارنة بالمدن الأخرى.

تلي إسطنبول كل من:

أنقرة: 14,681 وحدة سكنية

إزمير: 8,678 وحدة

وهذا الترتيب هو نفسه تقريبًا ترتيب السنوات الأخيرة، ما يعكس استقرار أنماط الطلب في السوق التركي.

الفصل الثالث: مبيعات العقارات للأجانب

شهدت مبيعات المساكن للأجانب تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.8% في أكتوبر، حيث بلغ عدد الوحدات المباعة لهم 2,106 وحدة فقط. ورغم أن هذا الرقم لا يمثل حصة كبيرة من إجمالي المبيعات، إلا أن تراجع الطلب الأجنبي يؤثر على بعض المناطق التي تعتمد بشكل كبير على استثمارات الأجانب، مثل أنطاليا، إسطنبول، يلوا، بورصة.

أسباب تراجع المستثمرين الأجانب:

تغييرات قوانين الإقامة والجنسية عبر الاستثمار.

ارتفاع الأسعار في المناطق السياحية.

تراجع عملات أجنبية مقابل الليرة وتأثيره على القدرة الشرائية.

تنافس دول أخرى في المنطقة عبر منح تسهيلات أكبر للمستثمرين.

 

الفصل الرابع: التمويل العقاري… ارتفاع واضح

من بين أبرز الأرقام التي صدرت في تقرير TÜİK ارتفاع مبيعات القروض العقارية (المنازل المرهونة) بنسبة 11.5% مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 23,527 وحدة سكنية.

هذا الارتفاع يعكس اعتماد شريحة كبيرة من الأتراك على التمويل البنكي لشراء السكن، نتيجة:

ارتفاع أسعار العقارات مقارنة بالدخل.

ندرة السكن بأسعار متوسطة في المدن الكبرى.

زيادة مدة القروض العقارية إلى 10–20 سنة.

وجود حملات تمويلية من البنوك.

لكن الأمر يحمل وجهًا آخر:

مخاطر زيادة الاعتماد على القروض:

ارتفاع احتمالية التعثر إذا ارتفعت الفائدة.

زيادة الضغط على الأسر ذات الدخل المتوسط.

تأثيره على سوق الإيجارات.

تراجع القدرة الشرائية على المدى الطويل.

 

الفصل الخامس: سبب التراجع… ما وراء الأرقام

التراجع الطفيف في المبيعات ليس عشوائيًا، بل يعكس مجموعة عوامل اقتصادية واجتماعية، من أهمها:

1. التضخم وارتفاع الأسعار

تركيا شهدت مؤخرًا ارتفاعًا في تكاليف البناء، ومواد التشطيب، وأسعار الأراضي، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المساكن.

2. ارتفاع أسعار الفائدة

رفع الفائدة أكثر من مرة جعل القروض العقارية أكثر كلفة.

3. انتظار المشترين

الكثير من الأسر أو المستثمرين يفضّلون الانتظار أملاً في:

انخفاض أسعار الفائدة

ظهور برامج دعم حكومية جديدة

بدء مشاريع إسكان بأسعار أقل

4. عدم استقرار بعض القطاعات الاقتصادية

هذا الأمر ينعكس على قدرة المواطنين على اتخاذ قرارات شراء طويلة الأجل مثل شراء منزل جديد.

الفصل السادس: مقارنة سنوية موسعة

بالعودة إلى السنوات الخمس الأخيرة، نلاحظ:

السنةالمبيعات في أكتوبرنسبة التغيير
2021137 ألف↑ ارتفاع
2022102 ألف↓ انخفاض
2023179 ألف↑ ارتفاع كبير
2024165 ألف↓ انخفاض بسيط
2025164 ألف↓ 0.5%

يتضح أن العام 2025 يُعدّ عامًا مستقرًا نسبيًا مقارنة بتقلبات السنوات السابقة.

الفصل السابع: توصيات الخبراء

للمشترين:

لا تتسرع… تابع العروض الجديدة.

راقب الفائدة العقارية.

لا تعتمد على القروض بنسبة كبيرة من دخلك.

تحقق من سمعة الشركة المطورة وجودة البناء.

للمستثمرين:

ركّز على إسطنبول وأنقرة وإزمير.

المشاريع القريبة من المواصلات تحقق عوائد أعلى.

الشقق الصغيرة والمتوسطة مطلوبة أكثر حاليًا.

للمطورين العقاريين:

تقديم عروض تسهيلات جديدة.

التركيز على بناء مساكن بأسعار معقولة.

الاستثمار في تقنيات البناء الحديثة لتقليل التكاليف.

للحكومة:

دعم مشاريع الإسكان الاجتماعي.

مراقبة أسعار الإيجارات.

معالجة فجوة العرض والطلب.

تقديم حوافز لجذب المستثمرين الأجانب مجددًا.

الفصل الثامن: ماذا يعني هذا للمستقبل؟

السيناريو الأول: عودة النمو

إذا انخفضت الفائدة أو زادت برامج الدعم… قد يرتفع الطلب من جديد.

السيناريو الثاني: استمرار التراجع

إذا استمرت التكاليف في الارتفاع… قد نرى تراجعًا أعلى في نهاية 2025.

السيناريو الثالث: استقرار السوق

وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا… استمرار التذبذب الطفيف شهريًا مع ارتفاع سنوي عام.

الخلاصه

على الرغم من التراجع البسيط في مبيعات العقارات خلال شهر أكتوبر، فإن سوق العقارات التركي لا يزال يتمتع بقوة في مدن كثيرة، ويواصل جذب المشترين المحليين، ويحتفظ بمرونته. وبينما تشير البيانات إلى ضغط على القدرة الشرائية، إلا أن الطلب على السكن لا يزال مستمرًا، مما يبقي القطاع نشطًا ومؤثرًا في الاقتصاد.

إن قراءة المشهد كاملاً تؤكد أن القطاع العقاري في تركيا يعيش مرحلة انتقالية بين ارتفاع الأسعار، وتغيرات التمويل، وتبدل أولويات المشترين، وهي مرحلة تتطلب متابعة وتحليلًا مستمرين.

مشاركة على: