554 مليون يورو من البنك الدولي لدعم إسطنبول ضد الكوارث
أعلن البنك الدولي عن موافقته على تقديم تمويل ضخم بقيمة 554.4 مليون يورو لصالح مدينة إسطنبول، بهدف تعزيز قدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية، وخاصة الزلازل التي تُعد من أكبر التهديدات التي تواجه المدينة الأكثر ازدحامًا في تركيا. ويأتي هذا التمويل كجزء من برنامج متكامل لدعم مشاريع البنية التحتية ورفع مستوى الجاهزية في المناطق الأكثر عرضة للمخاطر.
وتشمل خطة التمويل مجموعة واسعة من التدخلات، أبرزها تحديث المباني العامة الحيوية مثل المستشفيات والمدارس ومراكز الخدمات، إضافة إلى تجهيز نقاط الاستجابة السريعة للطوارئ في مختلف أنحاء المدينة. ويهدف المشروع إلى تقليل المخاطر على السكان ورفع مستوى الحماية في المناطق الكثيفة، خصوصًا بعد التحذيرات المتكررة بشأن احتمال حدوث زلزال كبير في منطقة مرمرة.
وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الخزانة والمالية التركية، فإن هذا التمويل يدخل ضمن إطار “مشروع تعزيز مرونة إسطنبول ضد الكوارث”، الذي تعمل عليه تركيا بالتعاون مع البنك الدولي بهدف رفع جاهزية المدينة وتقوية بنيتها الأساسية. وقد أكدت الوزارة أن المشروع لا يقتصر فقط على تحديث المباني، بل يمتد ليشمل حلولًا طويلة المدى للحد من الخسائر المحتملة في حال وقوع كوارث مستقبلية.
وأوضحت وثائق البنك الدولي أن التمويل سيُستخدم أيضًا لدعم البنية التحتية الرقمية الخاصة بإدارة الأزمات، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر، وتزويد فرق الطوارئ بمعدات حديثة تساهم في تحسين سرعة التدخل وتقليل زمن الاستجابة. كما يتضمن المشروع إنشاء مراكز عمليات جديدة أكثر تطورًا، مجهزة لمتابعة الأوضاع الميدانية واتخاذ قرارات سريعة خلال الأزمات.
ويُنظر إلى هذا التمويل على أنه خطوة استراتيجية مهمة، نظرًا لحجم التحديات التي تواجه إسطنبول، حيث تضم المدينة أكثر من 16 مليون نسمة، وتحتوي على آلاف المباني القديمة التي تحتاج إلى إعادة تأهيل أو تدعيم إنشائي. وقد أشارت تقارير سابقة إلى أن بعض هذه المباني قد تكون معرضة للانهيار في حال وقوع زلزال قوي.
من جانبه، رحّب وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، بقرار البنك الدولي، مؤكدًا أن هذا النوع من التمويل يعزز مكانة تركيا الدولية ويدعم خططها للتحول نحو مدن أكثر مرونة واستدامة. وأشار إلى أن هذه الاستثمارات ليست مجرد مشروعات بنية تحتية، بل هي إجراءات حيوية لحماية الأرواح وتقليل المخاطر الاقتصادية المحتملة.
كما لقي المشروع دعمًا من بلدية إسطنبول، التي أكدت أن التمويل سيساهم في معالجة نقاط الضعف المتراكمة في البنية الحضرية، خاصة في المناطق التي تضم مباني حساسة أو كثافة سكانية مرتفعة. وشددت البلدية على أن الاستعداد المبكر وتنفيذ مشاريع الحماية يمثلان استثمارًا طويل المدى في أمن واستقرار المدينة.
ويأتي هذا التمويل في وقت تسعى فيه تركيا إلى رفع مستوى جاهزية المدن الكبرى ضد الكوارث، خصوصًا بعد الزلازل التي ضربت الجنوب التركي في السنوات الأخيرة. وقد دفع ذلك الحكومة إلى توسيع برامج التقييم الإنشائي للمباني، وإطلاق خطط جديدة لتطوير البنى التحتية الأساسية وتعزيز شبكات الطوارئ.
ويُتوقع أن يساهم المشروع في تحسين قدرة إسطنبول على مواجهة الأزمات وتقليل الخسائر المحتملة، إضافة إلى توفير بيئة حضرية أكثر أمانًا للسكان والزوار. كما أنه يعكس اهتمام المجتمع الدولي بدعم تركيا في جهودها للحد من مخاطر الكوارث وتحسين جودة الحياة في المدن الكبرى.
بالإضافة إلى الآثار المباشرة المتعلقة بالأمان والاستجابة، من المتوقع أن يكون للتمويل تأثير اقتصادي إيجابي من خلال خلق فرص عمل وتفعيل قطاع الإنشاءات الهندسية المرتبطة بمشروعات التدعيم والتأهيل. ومن المنتظر أيضًا أن يشجع هذا النوع من التمويل الاستثمارات الدولية الأخرى في مجالات الاستدامة والمرونة الحضرية.
وبذلك، يمثل مشروع تمويل إسطنبول الجديد مثالًا مهمًا على التعاون بين المؤسسات الدولية والدول لتحقيق الأمن الحضري وتقليل المخاطر المستقبلية. ومع بدء تنفيذ الخطة، سيصبح هذا المشروع أحد أكبر البرامج التي تم توجيهها خصيصًا لدعم مدينة إسطنبول وتعزيز قدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية المحتملة خلال العقود القادمة.