مقابلة خاصة: رجل دين تركي يثني على مواقف أردوغان تجاه الضغوطات الخارجية ويدعوه إلى الثبات
خاص- أثنى الشيخ عبد الوهاب اكنجي عضو الأمانة العامة في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ورئيس فرع الاتحاد في تركيا على مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده، داعيا إياه إلى المزيد من الصبر والثبات.
وقال اكنجي في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء "نيو ترك بوست"، إن تركيا تمر حاليا من خلال خفض قيمة عملتها مقابل العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي "بمؤامرة هي امتداد لمؤامرة محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو عام 2016".
وأضاف أن "المؤامرة التي تقودها الصهيونية العالمية من خلال الولايات المتحدة الأمريكية هدفها تدمير وتمزيق تركيا، وزعزعة استقرارها كالمؤامرات التي تشهدها الكثير من الدول الإسلامية حاليا وتهدف جميعا لتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة دولتهم الكبرى".
وأردف أن الشعب التركي "يعي تماما حجم المؤامرة عليه ويتصدى لها وسيفشلها مهما كان الثمن غاليا" معتبرا أن "مؤامرة بحجم المؤامرة الحالية على تركيا لو حدثت في بلد آخر لكانت له نتائج مخيفة ومزعزعة ومشتتة".
وأوصى اكنجي الشعب التركي "الذي اثبت رشده خصوصا في السنوات الأخيرة، بالثبات على مواقفه تجاه هذه المؤامرات التي ستبوء بالفشل كما فشلت سابقاتها".
ورأى أن المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم رئيس الجمهورية "على وعي بالمؤامرة ويقومون ببعض الخطوات من أجل إفشالها"، معتبرا أنها "ستنعكس على المتآمرين الأمريكان وستكون بداية لتوحيد الأمة لأن هناك أصوات استهجنت تلك الهجمة الاقتصادية".
ووجه اكنجي حديثه إلى الرئيس اردوغان قائلا، "مهما كانت الضغوط يجب مقاومتها، فالذين ثبتوا وقاوموا المؤامرات والضغوط أصبحوا أعلاما في التاريخ الإنساني والإسلامي".
وشهدت الليرة التركية تراجعا غير مسبوق أمام الدولار الأمريكي حيث خسرت أكثر من ثلث قيمتها خلال فترة قصيرة في ظل تصاعد حدة الأزمة مع الولايات المتحدة لتصل قيمة الدولار الواحد إلى أكثر من 6.50 ليرة تركية.
ومنذ تجديد انتخاب الرئيس اردوغان لفترة رئاسية جديدة في 24 يونيو الماضي تصاعدت حدة الأزمة التي كانت موجودة أصلا بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا التي شهدت محاولة انقلاب في يوليو عام 2016 من قبل عناصر تنظيم فتح الله غولن المقيم في أمريكا.
وتطالب تركيا الولايات المتحدة بتسليم غولن، فيما فرضت السلطات القضائية التركية أخيرا الإقامة الجبرية على القس الأمريكي أندرو برانسون بعد أن سجن لنحو سنتين في إطار قضية إرهاب وتجسس ساهمت في توتر العلاقات الأمريكية التركية.
تحرير القدس
واعتبر اكنجي، أن "تحرير مدينة القدس والمسجد الأقصى من أيدي إسرائيل تمثل مفتاحا لجميع المشاكل التي يعاني منها العالم العربي والإسلامي بل جميع المشاكل في العالم"، معتبرا أن تلك المشاكل "تفتعلها الصهيونية العالمية من أجل إقامة دولتهم الكبرى التي يسعون إليها".
وقال "إن تحقيق حلم الدولة الصهيونية لا يمكن أن يتحقق قبل تمزيق العالم العربي والإسلامي وهو ما نراه الآن من محاولات لتحقيق ذلك في الكثير من الدول العربية بافتعال الحروب الأهلية، وكذلك المؤامرات على تركيا".
وأضاف اكنجي "من أراد تحرير نفسه وأسرته وبلده وأن يعيش بأمن وأمان يجب عليه تحرير القدس، مشددا على أهمية دور العلماء المسلمين في توعية الشعوب الإسلامية والعربية بأهمية هذه القضية التي تعد قضية عقائدية بالنسبة لجميع المسلمين في العالم".
وأردف "نحن كمسلمين يجب أن نهتم بقضية القدس والمسجد الأقصى لأنه أولى القبلتين، ويجب أن نمد أيدينا للمظلومين في فلسطين الذين يقاومون إسرائيل ليل نهار ونكون عونا لهم ضد الظالمين".
ودعا اكنجي "المؤسسات ومن الأحزاب والجماعات الإسلامية إلى التشاور والعمل من أجل القدس على جميع الصعد لأن ما يجب علينا القيام به تجاه القدس والمسجد الأقصى في فلسطين يجب أن يكون هو نفسه ما نقوم به من اجل أنفسنا".
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 6 ديسمبر الماضي اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ما أثار القرار موجة من ردود الفعل العربية والدولية الغاضبة والرافضة لهذا القرار.
ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى واحتلت عام 1967 عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.
والقدس واحدة من قضايا الوضع النهائي للمفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل والمتوقفة منذ عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.
الهجرة النبوية
وبمناسبة قرب بداية السنة الهجرية الجديدة 1440 التي تصادف الثلاثاء القادم حسب التقويم الهجري قال اكنجي، إن مناسبة هجرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام يجب ان تكون عبرة للمسلمين اليوم لتذكرهم ببداية انطلاق الدولة الإسلامية.
وأضاف اكنجي، ان الهجرة النبوية "كانت تأسيس للمبادئ الإسلامية التي هي مبادئ إنسانية، لأن الإسلام وكتاب الله أنزل لإخراج الناس من ظلمات الكفر والفسق والجهل إلى نور التوحيد والحق والعدل والمساواة والحب".
وأردف "نحن الان نعيش في ظلمات وما احوجنا الى اخراج أنفسنا والناس منها لذلك فإن أي مناسبة من المناسبات الدينية يجب ان نجعلها ضوء على الواقع الذي نعيشه لنشاهده ونعمل من اجل النجاة منه ونحن نعلم ونؤمن بالأدلة اننا في مرحلة المخاض لانطلاق عظيم".
ووصف اكنجي المرحلة الحالية التي يمر بها العالم الإسلامي "بالصعبة"، مشبها إياها "بالمرحلة الأخيرة لدى النساء في الولادة والتي تعد مرحلة انطلاق المولود للحياة، وأنه بحجم المولود يكون الألم".
وأضاف "نحن في مرحلة المخاض لولادة أمة، والدماء التي نراها في فلسطين والاقطار العربية هي دماء المخاض لولادتها، وكل ما نراه إنما هي مؤشرات وأدلة على اننا سنصلي في المسجد الأقصى".
وأردف أن تركيا "تهتم بهذه المناسبة والمناسبات الدينية الأخرى عبر إبرازها من خلال المساجد بالتهليل والقاء دروس الواعظ والإرشاد ليأخذ المسلمون العبر ويستفيدون من تجربة النبي محمد عليه الصلاة والسلام".
والهجرة النبوية هي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، ويقصد بها هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سميت بعد ذلك بالمدينة المنورة، بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من زعماء قريش، وكانت في عام 1هـ، الموافق لـ 622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري.
اتحاد علماء المسلمين في تركيا
وتطرق اكنجي خلال المقابلة، إلى الحديث عن فرع الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين الذي يرأسه في تركيا تحت اسم الجمعية العالمية التركية للعلماء المسلمين "اوماد"، مشيرا إلى أنها "تضم الكثير من الرموز والشخصيات الاكاديمية في تركيا تحت مظلة جامعة".
وأوضح أن الجمعية "تحاول أن تكون دافعا وموجهة لبعض الاعمال التي تقوم بها مختلف الشخصيات والجمعيات في المجال التوعوي والإرشادي من خلال الاجتماعات التشاورية بالتركيز على بعض النقاط".
كما تعمل الجمعية، بحسب أوكنجي، على "إصدار البيانات واتخاذ المواقف إزاء أحداث معينة".
وحول طبيعة العضوية في الجمعية قال اكنجي، "يجب أن يكون العضو خريج مدرسة متعمقة في العلم او له دراسة عليا في العلوم الإسلامية، ولا يكون متشددا".
وأشار إلى أن الجمعية "تضم عدة لجان لها رؤساء من العلماء وطواقم عمل مثل لجنة الدعوة والإرشاد، ولجنة العضوية، ولجنة التربية، ولجنة الاعلام".
كما يحتوي الجمعية، بحسب اكنجي ، على مجلس شورى يضم شخصيات مهمة علميا واجتماعيا.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو مؤسسة إسلامية شعبية تأسس سنة 2004 بمدينة "دبلن" بإيرلاندا وتم نقله عام 2011 إلى العاصمة القطرية الدوحة ويضم أعضاء من بلدان العالم الإسلامي ومن الأقليات والمجموعات الإسلامية خارجه.
ويهدف الاتحاد إلى الحفاظ على الهوية الإسلامية للأمة لتبقى دائما أمة وسطا، ويعمل بجميع الوسائل المتاحة لمواجهة التيارات الهدامة والدعوات المعادية للإسلام، والأخطار الثقافية، داخلية كانت أم خارجية، بنشر الفكر الإسلامي الوسطي، وتوسيع نطاق الفقه في الدين، وتيسير تعليمه وتَعلُّمه.
يعمل الاتحاد على تثبيت قواعد العمل لتطبيق الشريعة، من خلال الاجتهادات المعاصرة المعتبرة التي تصدر من جهات موثقة أو من علماء مشهود لهم بالكفاية والأمانة، باعتبار ذلك سبيلا إلى تحقيق صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، وتأكيد قدرة أحكام شريعته وقواعدها على تلبية الحاجات الجديدة والأوضاع المتطورة في حياة الأفراد والأسر والمجتمعات.