كيف تنظر أنقرة إلى الأزمة بين طهران وواشنطن ؟
إسطنبول - نيو ترك بوست
مما لا شك فيه أن أي مواجهة بين إيران والولايات المتحدة ستؤثر على دول المنطقة بما فيها تركيا، وعلى هذا الأساس تعارض أنقرة أي تصعيد عسكري ضد طهران رغم الاختلافات الجوهرية بينهما في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية.
ويرى مراقبون أتراك أنه في حال سقطت إيران، ستكون تركيا الهدف المقبل، وأن أي هجوم عسكري على إيران يعتبر بمثابة خطر استراتيجي مدمر عليها.
وأكثر ما تخشاه تركيا هو مواجهة تحديات جديدة في حال انتشرت الفوضى، على غرار تلك التي تواجهها على الحدود مع سوريا، لا سيما وأن حدوداً تمتد على 300 كيلومتر تربط البلدين.
ففي حال وُجهت ضربة عسكرية ضد إيران، سوف تؤدي على الأغلب إلى انهيار الحكومة المركزية في طهران، وبالتالي انتشار الفوضى وانهيار الأمن، وانتعاش التنظيمات الكردية المسلحة وعلى رأسها تنظيم بي كا كا وتفرعاته في العراق وعودة القوة لفرعه الإيراني “حزب الحياة الحرة الكردستاني” وتسهيل انتقال الأسلحة إلى التنظيمات الكردية من سوريا للعراق وصولاً لإيران ومن ثم لتركيا، وبالتالي تدمير كافة الإنجازات التي وصل لها الجيش التركي في إضعاف تنظيم بي كا كا داخل تركيا وفي إيران طوال السنوات الماضية.
وتتوقع تركيا في حال انهيار الحكومة الإيرانية عودة قوية للتنظيمات الإرهابية على غرار تنظيم الدولة، وظهور مليشيات شيعية متشددة ربما تتحول أيضاً لمهاجمة تركيا، إلى جانب أن ذلك سوف يشجع ويساعد على عودة التنظيمات الإرهابية للعراق أيضاً وضمان استمرار وتعمق الأزمة الحالية في سوريا، وهو ما يطلق عليه المحللون الأتراك سيناريو انهيار الأمن والأنظمة القوية في دول الجوار واشتعال الجوار التركي بشكل كامل.
وفي غضون تلك الأوضاع المتأججة، ستنشط النزعات الانفصالية للمطالبة والعمل على إقامة كيانات منفصلة، وهو ما يشجع أكراد إيران و تركيا على العمل لإقامة دولة خاصة بهم، وهو ما اعتبرته تركيا منذ عقود الخطر الاستراتيجي الأكبر عليها.
اختلافات مذهبية
تختلف تركيا مع إيران مذهبياً، وتتهم تركيا التي يقطنها أغلبية من المسلمين السنة إيران الشيعية، باتباع سياسة مذهبية في المنطقة، كما تعارض التدخل الإيراني في العراق، وتدخلها العسكري المباشر في سوريا واليمن ولبنان وغيرها من الدول العربية.
وخلال السنوات الماضية، حاول البلدين تخييد خلافاتهما السياسية والأمنية والاقتصادية، قدر الإمكان والتركيز على نقاط الاتفاق لمواجهة التحديات الهائلة التي مر بها البلدين في السنوات الأخيرة.
مصالح اقتصادية مشتركة
تعتبر إيران شريكا اقتصاديا مهم لتركيا ويسعى البلدين لرفع حجم التبادل التجاري من قرابة 20 مليار دولار إلى أكثر من 30 مليار دولار، وفي حال وقوع أي مواجهة عسكرية يعني أن الاقتصاد التركي المنهك هذه الأشهر بفعل أزمات متلاحقة سيتلقى ضربة موجعة تزيد من متاعبه بشكل غير مسبوق بفعل خسائر قد تصل لعشرات مليارات الدولارات.
وترى أنقرة أن أي نزاع ولو كان محدوداً يمكن أن يؤثر على امدادات الطاقة الإيرانية إليها، حيث تعتمد أنقرة بدرجة كبيرة على النفط والغاز الإيراني وبأسعار تفضيلية وبتكاليف نقل أقل من غيرها، وفي حال توقفها ستكون بمثابة ضربة موجعة جداً لتركيا التي لن تتمكن بسهولة من توفير بديل للكميات الكبيرة من الغاز والنفط الذي تحصل عليه من إيران كما أن ذلك سوف يكلفها خسائر سنوية قد تصل إلى مليارات الدولارات.
إضافة إلى ما سبق، تعلم تركيا أنه في حال تدهور الأوضاع ووقوع مواجهة عسكرية كبيرة، ستواجه موجة لجوء كبرى من إيران نحو الأراضي التركية على غرار ما جرى في الأزمة السورية، الأمر الذي سيكلفه ثمنا باهضاً على الصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي.
يشار إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، تشهد توتراً منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران في 8 مايو/ أيار من العام الماضي، وفرض عقوبات على الدول التي تشتري النفط من إيران، التي هددت بإقاف تصدير النفط عبر الخليج.
ورداً على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي وفرض عقوبات ضد طهران، أعلنت إيران استئناف برنامجها النووي، في وقت ترسل فيه واشنطن بحاملة الطائرات وقاذفات الصواريخ إلى الشرق الأوسط.
اقرأ أيضاً| الرئيس الأمريكي يهدد إيران بجحيم أكثر من هذا الشيء