المهمة المستحيلة .. زواج السوريين في السويد
إسطنبول - نيو ترك بوست
من بين التحديات التي يواجهها اللاجئون السوريون في الدول الأوروبية مسألة اختيار الشريكة أو الشريك المناسب، الذي سيقاسم الآخر معاناة الغربة بعيداً عن حضن الوطن والعائلة.
ورغم حياة الانفتاح التي تعيشها العائلات السورية في أوروبا، إلا أن الفتاة تظل تحت حكم المجتمع الشرقي الذي يحتم عليها الالتزام بما يملي عليها ولي أمرها، الذي يقدم غالباً المال على أي شيء آخر.
في السويد، يبدو الزواج كأنه صفقة تجارية في كثير من الحالات، مثل حالة "مهند" الذي تفاجأ بطلبات والد الفتاة التي أحبها والتي كانت حائلاً دون زواجهما رغم أن الشاب يمتلك شهادة في الهندسة المدنية.
يقول مهند إنه جاء إلى السويد هربا من الخدمة العسكرية في قوات النظام السوري، ووجد في ذلك البلد الغربي فتاة أحلامه، وتقدم لخطبتها وهو محمل بالأمل كونه سورياً ومتعلم وهي سورية أيضاً.
وأضاف في حديثه مع تلفزيون سوريا، "تفاجأت بكلام أبيها الذي طلب مني مهر بمقدار 10000 آلاف يورو كمقدم و5000 آلاف يورو كمؤخر إضافة إلى مطالبته بأن يبقى كرت البنك الخاص بابنته معه، مع العلم أنه يعرف أن هذا غير ممكن لأن الناس في السويد لا يستطيعون أن يعيشوا إلا بشكل مشترك بكل شيء وأولها الراتب الذي تعطيه الدولة لكليهما".
ومن الآباء من يتذكر التكاليف التي تكبدها حتى وصل بابنته إلى أوروبا، وغالباً ما تطالب تلك الفئة بمهور مرتفعة بحجة ضمان حق ابنتهم، ويشترط أن يدفع مهرا يعادل تكلفة سفر الفتاة.
أما السورية "أم محمد" فقد جاءت إلى السويد مع ولديها "محمد وآلاء" والاثنان في عمر الزواج، وهي تخوض حالياً رحلة البحث عن عروس لابنها، فتشارك في كل التجمعات العربية بحثاً عن كنتها المستقبلية.
وبالنسبة لابنتها آلاء، فقد ملت من كثرة المتصلين وطالبي الزواج، كونها الوحيدة في المنطقة عربية وغير متزوجة، لكنها لم تجد بينهم أي شخص مناسب لها.
فيما ترفض شيماء الزواج قبل أن تأخذ شهادة تساعدها في المستقبل على مواجهة ظروف الحياة الصعبة، وتؤكد تمسكها بتحقيق حلمها حتى لو كان على حساب زواجها.
وتقول شيماء المقيمة في السويد، "كانوا يقولون لنا عريس بالبيت، ولا شهادة على الحائط، لكن الآن وعندما تنتظر فتاة مخطوبة تحت الحرب لم شملها بخطيبها المقيم في أوروبا، بينما هو يخطب زميلته في الصف لأنها مثقفة أكثر من تلك التي اختارها أهله له قبل أن يسافر لأنهم خافوا عليه أن يضيع بين فتيات أوروبا، عندها لن أضحي بشهادتي من أجل عريس".
ونظراً لصعوبة إيجاد شريكة حياة، فضلاً عن صعوبة الحصول على الإقامة والجنسية، باتت أهم المجموعات في الفيس بوك هي التي تعرف السوريين ببعضهم بغية الزواج، والتي ساهمت في انتشار أرقام هواتف الراغبين بالزواج دون معرفة أوضاعه وخلفياته.
وتتوقع الفتاة أن تأتيها مكالمة هاتفية من خاطبة قد نست من أين حصلت على رقمها لتقول لها: مرحبا حبيبتي ... أنتِ الأم أو البنت؟!! وأحيانا يتصل رجل بأم الفتاة ويقول بصوت ذكوري: السلام عليكم ... دلونا عندكم بنت. لتقول الأم: أهلا وسهلا ... بس حضرتك الأب أو الشب...؟؟!
وتعليقاً على الأسباب والنتائج التي أدت لتفاقم هذه الأزمة، تقول الباحثة الاجتماعية والنفسية السيدة "قدرة الهر" مديرة الجمعية الأوروبية للتنمية البشرية في السويد إن "الزواج هو علاقة إنسانية يجب أن يكون قائما على الحب قبل أي شيء، أي أن يكون كلا الطرفين راغب بفكرة الارتباط وهنا تنفى جميع الأمور المادية أما بالنسبة للعائلات الذين يطلبون مهور عالية فهذه تعتبر إهانة لكرامة المرأة، والمهر هو اتفاق بين طرفين. فإذا كان هو اتفاق إذاً لماذا يدفع به أو أنه يكون عقبة بوجه شابين يريدان الزواج".
وأضافت قدرة " إن المهاجرين جاؤوا وهم يحملون عاداتهم وتقاليدهم بحقائبهم متناسين تماما الاختلاف الجذري بين المجتمع الشرقي والغربي وخاصة فيما يخص المرأة، لافتة النظر إلى أن القانون السويدي يُجرم الرجل الذي يبتاع الجنس ويحكم عليه بالسجن فكيف هو الحال عندما نعتبر المرأة سلعة نزوجها لمن يدفع لنا أكثر؟".
وأكدت "قدرة" أن طلبات أهل البنت العالية التي يفرضونها على الشاب جعلته يتزوج من فتيات تختلف عن ثقافته وهذا بدوره ما قد يسبب أزمات كبيرة في المستقبل لسبب اختلاف الثقافات، التي يكتشفونها بعد مرور وقت قصير على زواجهما مثل الطلاق، وبعد مجيء طفل وبهذه الحالة سيعيش الطفل دون أبيه أو أمه.
وأنهت الباحثة كلامها بالقول "مشكلة الزواج في أوروبا للشاب أو الشابة لا يمكن حلها إلا من خلال التعامل مع عادات وتقاليد المجتمع الذي نعيش فيه، وبالوعي والمعرفة الذي يجب أن نسلح بهما بناتنا وشباننا أيضا".