تقرير: اتفاق أضنة وتسلسل الأحداث بين تركيا وسوريا
في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه ناقش مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان إنسحاب القوات الأميركية من سوريا خلال شهر، على أن تتولى تركيا مكافحة تنظيم الدولة السبب الذي تواجدت من أجله القوات الامريكية.
تلا هذا القرار، تقدم وزير الدفاع الأميركي السابق "جيمس ماتيس" باستقالته من منصبه، وبعد أسبوعين قال مسؤولون في واشنطن إن ترامب تراجع عن قراره وقرر تمديد خطة الانسحاب.
وبسبب تراجع ترامب عن خطة الانسحاب، أقلعت في الـ 23 من يناير/ كانون الاول 2019 الطائرة الرئاسية التركية على متنها الرئيس التركي رجب طيب أردوعان إلى موسكو للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة دامت لثلاث ساعات باءت بالفشل وفقاً لمراقبين.
حيث لم يستطع أردوغان التسويق لقضية " المنطقة الأمنة" لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحليف الأقوى للنظام السوري، مما دفع الأخير إلى إعادة طرح إتفاق أضنة الموقع عام 1998 بين (الجانب التركي والجانب السوري)
كان هذا الطرح إشارة من بوتين كبديل للمنطقة الأمنة التي يطمح لإنشائها أردوغان الذي بات مقتنعاً تماماً بتفعيل الإتفاق المذكور.
عقب ذلك، أعلن البيت الأبيض في الـ25 من يناير/ كانون الثاني 2019 أن الولايات المتحدة ستترك "مجموعة صغيرة لحفظ السلام" مكونة من 200 جندي أميركي في سوريا لفترة من الوقت.
وفي أغسطس/آب 2019 اتفقت كلاً من تركيا والولايات المتحدة على إقامة "مركز عمليات مشتركة" لتنسيق وإدارة إنشاء "منطقة آمنة" شمالي سوريا.
وبدأ الجيشان التركي والأمريكي بتسيير أول دورية مشتركة في منطقة شرق الفرات السوري بتاريخ 8 سبتمبر/أيلول 2019 ضمن اتفاقية تشكيل المنطقة الآمنة.
وفي 30 سبتمبر/أيلول 2019 أعلنت أنقرة انتهاء المهلة التي حددتها للإنشاء الفعلي لمنطقة آمنة بالشراكة مع واشنطن دون رد أميركي واضح.
وترأس أردوغان إجتماعاً أمنياً أعلن خلاله نية تركيا إنشاء هذه المنطقة بشكل فردي.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2019 أعلن البيت الأبيض أن القوات الأميركية لن تشارك في العملية التركية شمالي سوريا.
وقال البيت الأبيض إن القوات الامريكية بدأت فعلياً بالإنسحاب من سوريا، مرجعاً ذلك إلى إنتهاء مهمته وهي محاربة تنظيم الدولة الذي لم يعد موجوداً في المنطقة.
واعتبرت قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية أن القوات الأميركية لم تفِ بالتزاماتها تجاهها.
برتوكول أضنة
في 21 شرين/ أكتوبر عام 1998 اجتمع الطرفان السوري والتركي في أضنة التركية من أجل رأب صدع الأزمات التي كانت ستؤدي إلى حرب فعلية بسبب الدعم المتواصل الذي كانت تقدمه دمشق لتنظيم بي كا كا الإرهابي، وإيوائها إرهابيي التنظيم والسماح لهم بإقامة معسكرات على أراضيها، وإيواء زعيم التنظيم الإرهابي عبد الله أوجلان.
وكاد الأمر يصل إلى صدام عسكري مباشر، قبل أن يتم توقيع الاتفاق في ولاية أضنة جنوبي تركيا بوساطة مصرية إيرانية، ووافقت فيه دمشق على كافة المطالب التركية.
ضم الاتفاق 4 ملاحق تضمنت المطالب التركية والتعهدات، كما نص على احتفاظ تركيا بممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، وفي المطالبة بـ"تعويض عادل" عن خسائرها في الأرواح والممتلكات، إذا لم توقف سوريا دعمها لـ "بي كا كا" فورا.
نص بروتوكول أضنة الذي بقي سرياً لفترة على ما يلي :
1ـ اعتبارا من الآن، أوجلان لن يكون في سوريا وبالتأكيد لن يسمح له بدخول سوريا.
2ـ لن يسمح لعناصر حزب العمال الكردستاني (تنظيم بي كا كا الإرهابي) في الخارج بدخول سوريا.
3ـ اعتبارا من الآن، معسكرات حزب العمال الكردستاني لن تعمل على الأراضي السورية، وبالتأكيد لن يسمح لها بان تصبح ناشطة.
4ـ العديد من أعضاء حزب العمال الكردستاني جرى اعتقالهم وإحالتهم إلى المحكمة، وقد تم إعداد اللوائح المتعلقة بأسمائهم. وقدمت سوريا هذه اللوائح إلى الجانب التركي.
5- سوريا، وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، لن تسمح بأي نشاط ينطلق من أراضيها بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا، كما ولن تسمح سوريا بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية والدعم المالي والترويجي لأنشطة حزب العمال الكردستاني على أراضيها.
وينص الملحلق الرابع من اتفاقية أضنة أنه في حالة أخفاق الجانب السوري في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية المنصوص عليها في هذا الاتفاق ، يعطي تركيا الحق في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية حتى عمق 5 كم.
الاتفاق بعد الثورة السورية
على واقع اندلاع أحداث الثورة السورية عام 2011 توترت العلاقات التركية - السورية مجدداً حين وقفت حكومة أنقرة مع الشعب السوري في مطالبه ضد نظام النظام السوري الذي بدوره لم يستجب لرزمة النصائح التركية في الإصلاح النظام السياسي.
وفي يوليو/تموز 2012، حذرت الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان النظام السوري من مغبة التورط في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة ، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني التركي. واتهمت أنقرة لاحقا الأسد بالتنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تعتبره فرعا سورياً لحزب العمال الكردستاني التركي، وبتسليم المناطق الكردية المحاذية للحدود التركية إلى "الميلشيات الكردية" وخاصة "وحدات حماية الشعب الكردية" (YPK) التابعة للاتحاد الديمقراطي.
وبناءاً على ذلك هددت تركيا بـ"ممارسة حقها" في ملاحقة المتمردين الأكراد الأتراك داخل سوريا في حال الضرورة.
التدخل التركي في سوريا
_ سجل أول توغل تركي داخل الأراضي التركية في 22 من فبراير/شباط عام 2015 عبر عميلة عسكرية بذريعة نقل جثمان سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية من محافظة حلب.
-في 24 نوفمبر 2015 أسقطت المقاتلات التركية طائرة سوخوي 24 الروسية قرب الحدود السورية التركية.
_وفي 24 أغسطس/ آب عام 2016 أطلقت تركيا عميلة اسمتها درع الفرات في الشمال السوري لمحاربة تنظيم داعش.
_ في 19 من أكتوبر/ تشرين الاول عام 2016 تدخل الجيش التركي بريف إدلب الشمالي بهدف إنشاء معبر جديد يكون خاصاً لمقاتلي الجيش الحر الذين يذهبون من إدلب إلى ريف حلب الشمالي، وبالعكس للمشاركة في عمليات "درع الفرات".
-في 19 كانون الثاني (يناير) 2018 اعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اطلاق عملية غصن الزيتون في عفرين.
_ في 9 أكتوبر/تشرين أول عام 2019 أعلن الرئيس التركي عن إطلاق عملية نبع السلام في الشمال السوري لمحاربة حزب العمل الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردي المدعوم من الولايات المتحدة، وذلك بعد أيام من انسحاب القوات الامريكية من الشمال السوري.