فلسطيني في غزة يحتفظ "بثروة عثمانية قيمة"
تمكن الباحث الأكاديمي الفلسطيني في علوم التاريخ والآثار محمد الزرد على مدار سنوات طويلة من البحث والتفتيش من تجميع "ثروة "عثمانية قيمة.
وتمثلت هذه الثروة بمئات المخطوطات والمطبوعات والتي يعود أقدمها إلى القرن الثاني عشر.
وتنوعت هذه الثروة ما بين المراسلات التجارية، والأوراق الرسمية التابعة للدولة، وشهادات الميلاد، وسندات الطابو، والكتب الأدبية، والرُخص، والقوانين
وقال الزرد خلال لقاء مع وكالة الأناضول :"إن هذه المستندات التي تعود لفلسطين في زمن الدولة العثمانية، توثق تاريخ حقبة مهمة في تاريخ فلسطين، فهي آخر حقبة كانت لنا سيادة وحرية في الأرض؛ قبل الاحتلالين البريطاني والإسرائيلي".
**رحلة شاقة
كما أوضح أنه جمع هذه الثروة العثمانية بعد بحث وجهد كبيرين حتى تمكن من الحصول عليها.
وأكد أن عملية الجمع لم تكمن سهلة واصفاً إياها بالشاقة ولكنه تحمّل تداعياتها إرضاء لشغفه في "التاريخ العثماني".
ويقول للأناضول :"وحده الشغف وحب التاريخ العثماني، لارتباطه الوثيق بتاريخ فلسطين، دفعني للبحث وامتلاك هذه الوثائق".
استغرق جمع هذه الثروة العثمانية أكثر من 25 عاماً بحسب الزرد الذي بين أن رحلته بدأت منذ أن كان الزرد بعمر الـ(8) سنوات، وامتدت حتى اليوم على مدار أكثر من 25 عاما دون كلل أو ملل.
** نسخة محدودة
ويحتفظ الزرد بنسخة من كتيب صغير كُتب عليه بحروف عثمانية قديمة، ما معناه "قانون التعرفة التركية العثماني".
وبحسب معلومات هذا الكُتيب، فإنه أُصدر عام 1909 في عهد السلطان محمد رشاد الخامس، حيث أصدره مجلس الأعيان آنذاك (البرلمان)، وصادق عليها السلطان ووكيل وزارة المالية (سُمي بمالية ناظري وكيلي).
وحول هذا الكتيب قال الزرد إن هذا القانون يقدّم صورة كاملة عن "شكل التجارة والاستيراد، في زمن الدولة العثمانية والأراضي التابعة لها"، لافتا إلى أنه يذكر معظم السلع التي كانت الدولة تستوردها في ذلك الوقت.
لكن ما يلفت الانتباه، أن بعض السلع أعفاها القانون من الجمارك عند دخولها الأراضي التابعة للدولة العثمانية.
هذه السلع متعلقة بكل ما يخص الثقافة والعلوم والفن، كالكتب والمطبوعات والخرائط، كما قال الزرد، من خلال متابعته لقانون الجمارك العثماني.
وأشار إلى أن ذلك كان دليل على اهتمام الدولة في ذلك الوقت بالعلم والأدب والثقافة والعلم التاريخي والإنساني، لتشجيع الناس على القراءة والثقافة".
وبين أن هذه النسخة كانت توزع بشكل محدود على جهات الاختصاص في الدولة.
وامتلك الزرد هذه النسخة، التي لم تحتفظ بكل ورقاتها بعد مرور نحو 11 عقدا على صدورها، عقب وفاة إحدى الشخصيات المتخصصة بالمجال القانوني (لم يكشف هويتها)، والذي كانت تملك هذه النسخة.
وحو ل فائدتها قال هذه النسخة تفيد الباحثين في التاريخ الاقتصادي وتاريخ المحاسبات والتاريخ التجاري لفلسطين والدولة العثمانية.
وكشف الزرد عن رغبته بإعداد بحث عن هذا قانون الجمارك العثماني، لكن اللغة العثمانية التي كُتب فيها هذا الكُتيب، يجعل من الأمر صعبا عليه.
وقال:" كوني باحث أكاديمي في علم التاريخ، يهمني جدا أن أكتب بحثا مفصلا وموسعا عن هذه النسخة القيّمة، يشمل أنواع البضائع و التكلفات الجمركية عنها، لكن اللغة العثمانية القديمة لا أجيدها بشكل كبير أتمنى لو يكون هناك ترجمة للنسخة من أحد الباحثين العارفين بهذه اللغة".
**في مديح "العثمانية"
وأظهر الزرد للأناضول كتاب تم إصداره عام 1908، بمناسبة تطوير الدستور العثماني، تم إلقاء عدد من الكلمات من شعراء ومسؤولين عرب، في مدح الدولة العثمانية والحداثة، كما قال.
من بين هذه الكلمات، أبيات شعر للشاعر المصري القديم حافظ إبراهيم، الذي كان حاضرا في تلك المناسبة، قال فيها "مني على دار السلام تحية، وعلى الخلفية من بني عثمان، وعلى رجال الجيش من ماش به، أو راكب أو نازح أو داني".
أما الشاعر المصري أحمد شوقي، فقد قال في مديحه، وفق ما جاء بالكتاب "أما ترى الملك في عرس وفي فرح، بدولة الرأي والشورى وأهليها، خلافة الله جر الذيل حاضرها، بما أصابت وهز العطف باديها".
**وثائق ومخطوطات
تعود أقدم مخطوطة (كُتبت بخط اليد) إلى القرن الثاني عشر، وتحمل بعض آيات مُقتبسة من القرآن.
كما يحتفظ الزرد بأوراق خاصة بالبنك العثماني الرسمي الذي كان تابعا للدولة آنذاك، والمختص بإصدار الأوراق النقدية.
وتابع:" هذه الوثائق عبارة عن مراسلات بين البنك وتجار من فلسطين، من بينها أعداد كبيرة من وثائق (كشف الحساب)".
وقال اعتقد أن ذلك يعكس حالة القلق التي عاشها تجار فلسطين في فترة الاضطرابات التي ضربت الدولة العثمانية، في نهاية عهدها..
واستكمل مضيفاً:" هؤلاء التجار ربما أحبوا الاطمئنان بشكل دوري على أرصدتهم داخل البنك، حيث كانت المراسلات تطمئنهم أن الأرصدة بأمان، وبإمكانهم الحصول عليها وقت الطلب".