مهاتير محمد.. قائد النهضة الماليزية يحتفل بعيد ميلاده الـ96

مهاتير محمد.. قائد النهضة الماليزية يحتفل بعيد ميلاده الـ96
مهاتير محمد.. قائد النهضة الماليزية يحتفل بعيد ميلاده الـ96

مهاتير محمد.. قائد النهضة الماليزية يحتفل بعيد ميلاده الـ96

احتفل رائد النهضة الماليزية، مهاتير محمد، بعيد ميلاده الـ96، من خلال مشاركة متابعيه عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو.

وأعرب النمر الآسيوي والجرَّاح الذي داوى جِرَاح ماليزيا بتجربته النهضوية، عن شكره لكلّ الذين شاركوه ذكرى ميلاده الـ96 وتمنوا له حياة سعيدة.

كما أعرب عن امتنانه لكلّ الذين منحوه الوقت والفرصة لخدمة دينه الإسلامي وخدمة بلده ماليزيا، مقدما اعتذاره لكلّ من أخطأ أو أساء في حقه خلال سنوات عمره الماضية.

ولد مهاتير محمد يوم 20 يونيو 1925 في ألور سيتار بولاية كيداه في ماليزيا، لأسرة والدها معلم مدرسة من أصول هندية، ووالدة ملايوية ربة بيت، اضطر لبيع فطائر الموز والوجبات الخفيفة لتوفير الدخل لأسرته إبان الحرب العالمية الثانية، وخلال الاحتلال الياباني لبلاده.

تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس، ثم في كلية السلطان عبد الحميد بمسقط رأسه، التحق بعدها بكلية الملك إدوارد السابع الطبية في سنغافورة (جامعة سنغافورة الوطنية حاليًا) وتخرج فيها عام 1953، ثم عاد إلى مقاعد الدراسة في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأميركية عام 1967 ليتخصص في الشؤون الدولية.

بعد تخرجه عام 1953، عمل مهاتير في حكومة بلاده التي كانت تحت الاحتلال البريطاني، وبعد استقلالها عام 1957 ترك الوظيفة وفتح عيادته الخاصة في مسقط رأسه ألور سيتار، والتي كان يقوم بعلاج الفقراء بها مجانًا، كما عمل كضابط طبيب بسلاح الخدمات الطبية، تولى عام 1968 منصب رئيس مجلس التعليم العالي، وعُين عضوًا في المجلس الاستشاري التعليمي العالي عام 1972، ثم رئيسًا لمجلس الجامعة الوطنية عام 1974، وفي العام الموالي عُين وزيرًا للتعليم.

عُرف مهاتير باهتماماته السياسية فاهتم بحياة الناس الاجتماعية وكان أقرب إلى الفقراء، اختير لرئاسة جمعية الطلبة المسلمين في الكلية، ودخل عالم السياسة من بوابة حزب "منظمة الملايو الوطنية المتحدة" وتدرج فيه حتى أصبح عضو المجلس الأعلى لتنظيم اتحاد الملايو الوطني، لكن نجمه بدأ يلمع مع انتخابه عضوًا في البرلمان الاتحادي عن دائرة كوتا سيتار سيلاتان عام 1964.

بدأ ظهور مهاتير محمد في الحياة السياسية الماليزية في عام 1970 وذلك عندما ألف كتابًا بعنوان "معضلة المالايو"، الذي انتقد فيه بشدة شعب الملايو واتهمه بالكسل والاتكالية داعيًا إلى ثورة صناعية شاملة تتيح لماليزيا الخروج من حلقة الدولة الزراعية المتخلفة، وذلك بالتزامن مع كونه عضوًا في الحزب الحاكم الذي يحمل اسم منظمة "الملايو" القومية المتحدة، فقرر الحزب منع الكتاب من التداول؛ نظرًا لآرائه العنيفة التي تضمنها، وأصبح مهاتير منذ ذلك الوقت في نظر قادة الحزب مجرد شاب متمرد لا بد من حظر مؤلفاته، ولكن حنكته السياسية لعبت هنا دورًا كبيرًا في تحويل دفة الصراع لصالحه، فقد أقنع قادة الحزب بقدراته، فلم يضق ذرعًا باختلاف وجهات النظر مع قادة حزبه ولم يترك الحزب، حتى صعد نجمه في الحياة السياسية بسرعة شديدة.

عُين عام 1973 عضوًا في مجلس الشيوخ، غير أنه تنازل عن العضوية بالمجلس للمشاركة في الانتخابات البرلمانية 1974 وفاز بها، وفي العام التالي انتخب مساعدًا لرئيس حزب "منظمة الملايو الوطنية المتحدة" ثم نائبًا له 1978، وفي 15 سبتمبر 1978، عينه رئيس الوزراء حسين أون نائبًا له ثم وزيرًا للتجارة والصناعة، قبل أن يصبح رئيسًا للحزب 1981، وعقب استقالة حسين أون لظروف صحية ألمت به، تولى مهاتير في 16 يوليو 1981 رئاسة الوزراء، وبات صاحبُ قرار في البلاد يُمكنه من تنزيل تصوره لتطوير بلاده، وما نادى به في كتابه الذي أثار الجدل في الأوساط السياسية.

قال عنه عادل الجوجرى صاحب كتاب "مهاتير محمد.. النمر الآسيوي من شاب متمرد إلى بطل إسلامي": "النضال بالعلم والتكنولوجيا هو الإنجاز الأكبر في تجربة مهاتير محمد، الرجل بنى بلاده على القيم الإسلامية والحضارية بدون شعارات ودعاية سياسية". 

وهو ما ظهر عندما أدخلت الحكومة الماليزية في عهده الحاسب الآلي ووفرت شبكة الإنترنت في أغلب المدارس الماليزية، وأنشأت مدارس ذكية تتوفر على مواد دراسية تساعد طلابها على تطوير مهاراتهم بمواد متخصصة في شبكات الاتصال وأنظمة التصنيع.

في عهده إنشاء أكثر من 400 معهد وكلية جامعية خاصة، وتقوية العلاقة بين مراكز البحوث والجامعات والقطاع الخاص، وخلال 22 عاما من ولايته استطاع أن يحقق مكانة لبلاده بين الدول الصاعدة.

ارتفع بالاحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 مليارا، ووصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار، وبات قطاعا الصناعة والخدمات يساهمان بقرابة 90% من الناتج المحلي الإجمالي لماليزيا.

أعلن مهاتير طواعية في 31 أكتوبر 2003 تنازله عن السلطة واعتزاله السياسة وهو في سن الـ 76، وقال "وقتي انتهى، لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد اليوم؛ لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد"، تاركًا لمن يخلفه "خطة عمل" أطلق عليها اسم "خطة 2020" أي شكل ماليزيا عام 2020 والتي ستصبح رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين واليابان والهند.

كما عُرف مهاتير بموقفه القوي من الاحتلال الإسرائيلي الذي يصفه بالكيان الإرهابي، وانتقد اللوبي اليهودي ودوره في القرار الدولي، واتهمه في مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي عام 2004 بإشعال نيران الحرب ضد المسلمين، كما عُرف بمواقفه الثابتة إلى جانب الفلسطينيين وتضامنه مع المقاومة الفلسطينية ودعمه لمنظمة التحرير الفلسطينية ومعارضته لحصار قطاع غزة، ومشاركته في حملة دولية لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين.

بعد غياب 15 عاما عن السلطة، عاد من جديد مهاتير محمد، عام 2019، وكان حينها بسن 93 عامًا، إلى قيادة ماليزيا واستكمال خطة 2020 محملًا بآمال وطموحات شعب يرغب في إعادة صاحب التجربة الاقتصادية المتميزة في بلاده والعالم، وبدأ مهاتير عمله رافعًا شعار مكافحة الفساد عاليًا، عازمًا على إصلاح "أخطاء" الحكومة السابقة التي ترأسها نجيب عبد الرزاق، وبعد يومين على تنصيبه رسميًا، أدرجت السلطات الماليزية اسم رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق وزوجته في قائمة الممنوعين من السفر، إثر تحقيقات معه وزوجته وبعض أقاربه بتهم الفساد والتربح وتلقي رشاوي خارجية منها 681 مليون دولار فقط من الأسرة المالكة بالسعودية عبر حساباته المصرفية بطرق غير شرعية.

على غرار الزعيم التركي الراحل نجم الدين أربكان، يؤمن مهاتير محمد بحلم النهضة الإسلامية الشاملة، ولذلك عقد شراكة وثيقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعزز علاقات بلاده مع تركيا. 

وفي 26 تموز/ يوليو 2019، قال مهاتير محمد، في مؤتمر صحفي بالعاصمة التركية أنقرة، عقده مع أردوغان: إنه "عبر توحيد عقولنا وقدراتنا، يمكننا النهوض بالحضارة الإسلامية العظيمة التي كانت موجودة يوما ما، وذلك بالعمل المشترك بين ماليزيا وتركيا، وبالتعاون مع باكستان في الوقت ذاته".

وأكد أنه "يجب على هذه البلدان الإسلامية أن تكون جميعها متطورة، وينبغي على دولة ما أن تحقق هذا الهدف، واستكمل "نرى أن تركيا بلد مرشح في هذا الشأن".

وقال: إن "بلاده ستبقى صديقة لتركيا، وأن بلاده تتقاسم مع تركيا المنظور نفسه تجاه العديد من القضايا، خاصة إزاء فلسطين".

بعث مهاتير محمد، برسالة من إسطنبول إلى معظم أرجاء العالم الإسلامي، عندما شدد على ضرورة استقلال البلدان الإسلامية، معربا عن ثقته في أن "التعاون بين ماليزيا وتركيا سينقذ الأمة الإسلامية من الضغوط التي تتعرض لها".

نيو ترك بوست + صحيفة الاستقلال

 

مشاركة على: