مسجد "حسن بك".. تحفة عثمانية في قلب مدينة يافا الفلسطينية
يعد مسجد “حسن بك” تحفة سياحية نادرة، يقصده السائحون ليتمتعوا بجمال وعظمة هذا البناء، إضافة إلى كونه أهم المساجد في مدينة يافا الساحلية “عروس البحر” بفلسطين المحتلة، بسبب حجمه والفن المعماري الإسلامي الذي يمتاز به.
ويعود بناء المسجد إلى بداية القرن الماضي، حيث بناه القائد العثماني حسن بيك الجابي الدمشقي، حكمدار يافا، في الفترة بين 1914-1916م، في أرقى وأكبر أحياء مدينة يافا القديمة، في قلب حي المنشية شمال المدينة، قرب شاطئ البحر المتوسط.
بُني المسجد على مساحة نحو 2000 متر مربع، مصمم على الطراز العثماني وبشكل متواز، فكل جانب يقابله جانب آخر يوازيه بشكل هندسي باستثناء المآذن التي لم يبق منها سوى واحدة أعيد بناؤها بعد تفجيرها بفعل فاعل في الثاني من نيسان/أبريل 1983، بطول 27 مترا، له مدخل رئيسي يصعد إليه بدرج من الجهة الشمالية ويفضي هذا المدخل إلى صحن الجامع الذي كان كما يبدو مبلطا، إلا أن أجزاء منه خصصت للبستنة وهناك دورتا مياه على جانبي الصحن أسفل البناء الرئيسي بالإضافة إلى مخازن أخرى وهناك 3 أروقة.
تحيط بالمسجد حديقة، إضافة لقاعة رياضية ومدرسة ومكتبة وقاعات ومرافق أخرى أسفل المسجد، ومن هنا يتضح أن مسجد حسن بيك، هو مؤسسة دينية تربوية ثقافية رياضية، تؤدي رسالتها بشكل كامل.
وتزين جدران المسجد نماذج معقدة من النوافذ مع زجاج ملون، فيما يعلو المسجد مئذنة عالية جدا، ويوجد به قاعة صلاة مربعة مغطاة بسقف إسمنتي مسطح وفي وسطه قبة منخفضة.
وكان المسجد قبل سقوط يافا عام 1948 من المساجد العامرة بالمصلين وأقيمت فيه حلقات العلم والتدريس، أصيب المسجد بأضرار إثر احتلال العصابات الصهيونية فلسطين عام 1948، حيث انهارت أجزاء من سقف المسجد، ولم يتم إصلاح الأضرار؛ فظل مهجورا.
خلال عام 1971م، تمكن مستشار رئيس وزراء الاحتلال للشؤون العربية، من تزوير اتفاقية تأجير أرض تابعة للأوقاف تضم المسجد وما حوله، لصالح شركة صهيونية تدعى “إدجار” للمقاولات لمدة 49 عاما، حيث أعدت الشركة مشروعا يقضي بهدم القسم الأكبر منه ماعدا المئذنة؛ لإقامة حوانيت، ومصرف، ومقهى، ومكتبة، ومتحف، وغرفة تصوير، وقاعة لاستعمال بلدية تل أبيب. أقرت لجنة التنظيم في بلدية تل أبيب مشروع شركة “إدجار” في 21/10/1981؛ ما أثار حفيظة المسلمين في يافا وفلسطين.
في عام 1983 انهارت مئذنة المسجد، الأمر الذي جعل الحركة الإسلامية تدعو إلى تجديد الصلوات فيه، فتم ترميم المسجد وزيادة ارتفاع مئذنة المسجد إلى أن تعدى ضعف ارتفاعها الأصلي، وأقيمت الصلاة فيه؛ ما اضطر رئيس بلدية تل أبيب إلى إصدار أمر بوقف المشروع مؤقتا.
ويعد مسجد حسن بيك، البناء الوحيد الذي أبقاه الاحتلال الصهيوني من كافة مباني حي المنشية بيافا المحتلة، رغم ما يتعرض له من محولات مستمرة من أجل هدمه، ومن أبرز الاعتداءات التي تعرض إليها المسجد على يد العصابات الصهيونية، وفي عام 2000 تعرض للقذف بالحجارة وتحطيم جميع نوافذه، وإلقاء صهاينة رأس خنزير في ساحة المسجد، وهي عملية تتكرر بين الفترة والأخرى، ما دفع بعض المسلمين من المدينة للإقامة به على مدار الساعة.
كما تعرض المسجد في يونيو 2001، إلى اعتداء من قبل المتطرفين اليهود، حيث تم إحاطته من كل الجهات، ورشقه بالحجارة والزجاجات الحارقة، ما أدى إلى إصابة العشرات من المصلين المسلمين بجروح.
وفي عام 2007 تعرض مسجد حسن بك، لاعتداء جديد باقتحامه من قبل متطرف يهودي ومحاولة إحراقه، لكن حراس المسجد الذين ينامون فيه تمكنوا في اللحظة الأخيرة من إلقاء القبض على المعتدي وهو يسكب البنزين في جنباته.
فمنذ نكبة فلسطين وحتى اللحظة، المخاطر تحيط بالمسجد، بداية من مؤسسة الاحتلال الظالمة وممن يدعون أنهم متطرفون، والذي ينطوي تحت مظلة التوجه الرسمي لتلك المؤسسة تجاه مسجد حسن بيك، وصوب المقدسات والمساجد والمقابر والمعالم الإسلامية المختلفة في الأراضي الفلسطينية المباركة.