أدرنة.. عاصمة الدولة العثمانية الأولى ومسقط رأس السلطان محمد الفاتح
اختار لها العثمانيون اسم "أدرنة"، بعدما عُرفت باسم "أدريانويل"، تعتبر من أقدم المدن الأوروبية، حيث يعود تأسيسها إلى القرن الثاني الميلادي، احتلت مكانة عظيمة في عهد الخلافة العثمانية منذ فتحها عام 1362، نظرا لموقعها الجغرافي الممتاز، باعتبارها إحدى أهم المدن الواقعة في إقليم تراقيا (المطل على ثلاث بحار، البحر الأسود وبحر إيجة وبحر مرمرة) شمالي غرب تركيا، وشمالي شرق إسطنبول "القسطنطينية"، في الحدود مع بلغاريا واليونان.
تضم المدينة التّاريخية السّاحرة أشهر كنوز الإمبراطورية العثمانية العظيمة، من مناطق أثرية سياحية، من مباني فخمة والتي تفنن في تصميمها المهندس العثماني معمار سنان، أشهرها مسجد السليمية الذي بُني عام 1575 في عهد السلطان سليم الثاني، وسط المدينة، والذي تم إدراجه على قائمة التراث العالمي لليونسكو، لتميزه بخصائص فريدة، من تصميم كلاسيكي مع قبة كبيرة، وأربعة مآذن هي أعلى المنارات في تركيا، كما يحتوي على متحف الفنّ التركي.
إضافة إلى مسجد السليمية التحفة الفريدة من نوعها عالميا، تضم أدرنة التاريخية مجموعة من المساجد الأخرى الشاهدة على تاريخ الخلافة العثمانية الإسلامية العظمى، منها المسجد القديم الذي بني في أوائل القرن ال15 للميلاد، والذي يعتبر أول عمارة عثمانية بالمدينة، ويحوي على حجر تم إحضاره من الكعبة المشرفة، ومسجد الشرفات الثلاث.
احتوائها على أهم الآثار والمعالم التاريخية، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الجامع بين أجواء أوروبا الرومانسية، وعبق الحضارة العثمانية الإسلامية الساحرة، جعلها الاختيار الأول لعشاق السياحة عبر العالم، خاصة محبي التاريخ العثماني، لزيارة العديد من هذه المعالم أهمها مساجدها الفريدة، والمنزل الذي ولد فيه المجاهد صاحب البشارة النبوية السلطان محمد الفاتح، إلى جانب جسورها وأنهارها الطبيعية، وبرجها العاجي "المقدونية".
وما جعلها تحافظ على رونقها وكنوزها الثمينة، الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة التركية ممثلة في وزارة السياحة، بهذه المحافظة التاريخية السياحية الساحرة، من خلال العناية بمتاحفها مثل متحف شكري باشا الذي يحوي على عدد من النصب التذكارية والأسلحة التي تعود للعهد العثماني، وتخصيص شارع من شوارعها ليكون للمشاة فقط خالي تماما من المركبات ووسائل النقل، يحوي على تراث معماري ذو طراز فخم تركي وغير تركي، من مقاهي ومطاعم، ويعتبر من الأماكن المميزة جدا للزوار والسياح.
كما تشتهر محافظة أدرنة التاريخية الساحرة، بشواطئها النظيفة الهادئة ورمالها الذهبية، خاصة ساحل "ساروس"، والتي تجذب إليها عشاق السياحة من جميع أنحاء العالم، كما تضم أسواق كبيرة مثل البازار الكبير الذي يحتوي على مئات الأسواق المتخصصة في بيع المنتجات التركية، خاصة للسياح، وبأسعار جيدة.
تتنافس بلديات أدرنة التِسعة فيما بينها من أجل تحقيق الريادة والمساهمة في رفع الاقتصاد التركي، من خلال تطوير الزراعة، الذرة وبنجر السكر وعباد الشمس والبطيخ والطماطم والعنب، وغيرها من المحاصيل الحلقية، إضافة إلى أعمال الصيد، وصناعة الجبن الأبيض والصابون.
ورغم جمالها الساحر وموقعها الجغرافي الممتاز، واحتوائها على كنوز الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، وكذا توفرها على أهم المرافق الضرورية من فنادق ومطاعم وغيرها، مما جعلها تمتلك أهم مقومات المدينة السياحية المميزة، إلا أن تكاليف العيش في محافظة أدرنة متوسطة ومناسبة جدّا، مقارنة مع أية مدينة أخرى بمثل مقوماتها.