تأملتُ..العافية في أجسادنا
بقلم: دز زهير المزيدي
رئيس الاعلاميين العرب بالكويت
تأملتُ.. في صيف وصلت الحرارة فيه لنحو خمسين درجة مئوية، اذ كُنتُ أمام الجدة التي بلغت من السن ما يزيد عن التسعين، فقد كانت بالقرب من باب مفتوح يفضي إلى باحة يهبُّ منها هواء كفرن حار ، فقالت (وهل دخل علينا موسم الشتاء؟)، أدركت حينها من أن مقياس حرارة الجو ليس سوى مؤشر (مجازي) عما يمكن أن تتحمله اجسادنا حين نكون في صحة وعافية، فمقياس حرارة الأجواء لن يصلح حين نشعر ببرودة الأجساد اذا ضعفت عضلة القلب في ضخ ما يجعل الجسد دافئا، وهو ما ينطبق على كل كائن حي من حولنا، فيحسن ألا نقيس ما نشعر به لنعممه على الآخرين، وهو ما يدعونا لتفقد أحاسيس من هم من حولنا من جهة، كما يشير إلى أنّ ثمة (برازخ) متداخلة تدور من حولنا، وهو ما ينسجم مع ظاهرة (انكسار) اجزاء الأجسام المغمورة في الماء إذ أن الجسم أصبح ما بين برزخين مختلفين، ولعل الأمر يصدق مع كل برزخ نؤول إليه، في مثل ما سنشعر به في برزخ القبور، فقد جاء في فرعون أن ﴿النّارُ يُعرَضونَ عَلَيها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَومَ تَقومُ السّاعَةُ أَدخِلوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذابِ)، والأمر ينطبق كذلك على المسافات، فرحلة معراج رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) اذ قصرت فهي لإعتمادها على برزخ يختلف عن برزخنا الذي نحن فيه، فما تشعر به هو (المقياس) الحقيقي وليس ما نعاينه واقعاً عبر المقاييس على تنوع أدواتها، لذا نجد في رصد درجات حرارة الأجواء كيف أن راصدوا الاحوال الجوية يدرجون معها درجة (الشعور بالحرارة) ، فالشعور هو ما يُعوّل عليه وليس ما تبلغنا به المقاييس، فما ظهر للجدة كان عن برزخ من غير برزخنا إذ شعرت بالبرودة في فصل صيف حار، وسبحان من قال ﴿قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ﴾.
محبكم (تأملتُ)