محدث: تغييرات جذرية في القوانين العقارية بتركيا لعام 2025
أنقرة – يشهد سوق العقارات في تركيا خلال عام 2025 مرحلة تنظيمية جديدة، بعد دخول مجموعة من التعديلات التشريعية حيّز التنفيذ، تهدف إلى تعزيز شفافية المعاملات، حماية المشترين والمستأجرين، وضبط نشاط الإعلانات العقارية عبر الإنترنت. هذه التطورات تؤشّر إلى تحول في أسلوب تنظيم القطاع العقاري، في وقت كانت بعض ممارسات السوق مستهدفة لجذب المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
المقدمة
في ظلّ تزايد الاهتمام الدولي بشراء العقارات في تركيا، سواء من الأفراد المحليين أو المستثمرين الأجانب، أدخلت الحكومة التركية لعام 2025 حزمةً من التعديلات القانونية التي تؤثر على كل فاعلي قطاع العقار: من المالك إلى السمسار، ومن المستثمر إلى المستأجر. وتشمل هذه التعديلات نطاقاً واسعاً من مجالات العقارات، مثل الإعلانات عبر الإنترنت، وضرائب الملكية، وشراء الأجانب للعقار، وتسجيل المعاملات الرسمية، وغيرها من الضوابط.
هذه التغييرات تأتي في سياق سياسة وطنية تهدف إلى تحسين بيئة العقارات في تركيا، من خلال فرض معايير أكثر صرامة تضمن حقوق جميع الأطراف، وتحد من المضاربات والعقود المضلّلة، وبالتالي تدعم ثقة المستثمرين والمشترين المحليين.
أهم التعديلات التشريعية
نظام الإعلانات العقارية عبر الإنترنت
أحد أبرز التعديلات التي دخلت حيز التنفيذ هو تعديل تنظيم تجارة العقارات (Regulation on Real Estate Trade) المنشور في الجريدة الرسمية في 30 مايو 2025 تحت رقم 32915.
من أبرز بنود التعديل:
تعديل المادة 2 لتشمل عبارة “المبادئ والقواعد والالتزامات المتعلقة بإعلانات العقارات المنشورة على الإنترنت”.
إضافة فقرة إلى المادة 12 تنصّ على: “في إعلانات العقارات المنشورة على الإنترنت، يُحظر رفع الأسعار بطريقة لا تتماشى مع البيانات الاقتصادية العامة ودون سبب مبرر، وعلى الشركات ألا تعمل كوسطاء في تلك الإعلانات بشكل غير مرخّص.”
وهذا يعني أن الحكومة استهدفت عملياً الممارسات الإعلانية المضللة—خصوصاً تلك التي ترفع الأسعار أو تعرض عقارات بصورة غير قانونية—وذلك لتهدئة حركة السوق العقاري.

ضوابط ملكية الأجانب والعقارات المقيدة
إلى جانب ذلك، تواصل تشريعات ملكية الأجانب تأخذ طابعًا أكثر تنظيماً؛ من بينها الإطلاع على ما نصّت عليه المادة 35 من قانون السجل العقاري رقم 2644، والتي تحدد الإجراءات التي يجوز للأجانب من خلالها امتلاك العقارات.
كما تمّ تعديل بعض القواعد الخاصة بـ التأشيرات والإقامة العقارية المرتبطة بشراء العقار، حيث باتت هناك متطلبات أكثر دقة لقيمة العقارات والمدة التي يجب الاحتفاظ بها بالعقار قبل بيعه.
مثلاً، ما ورد في المصادر يشير إلى أن الحصول على الإقامة عن طريق شراء عقار في تركيا لعام 2025 يتطلّب أن يكون العقار بقيمة لا تقل عن 200 000 دولار، وأن يُحتفظ به لفترة معينة.
إصلاحات ضريبية في ملكية العقارات
إضافة إلى ذلك، تأتي الإصلاحات الضريبية لتعزيز شفافية سوق العقارات. المصدر “Turkey Property Tax Reforms 2025” يشير إلى أن النظام الضريبي انتقل تدريجيًا من الاعتماد على التقييم البلدي إلى التقييم وفق القيمة السوقية، مع استهداف كامل للتنفيذ بنهاية 2025.
وفقًا للمصدر:
تم تحديد ضريبة الملكية السنوية للعقارات السكنية في المناطق الحضرية بـ0.2% تقريبًا، وللعقارات التجارية بـ0.4% في المناطق الكبرى.
التقييمات قد ارتفعت بنحو 21.965% مقارنة بالعام السابق، ما يؤثّر مباشرة على حصة الضرائب المفروضة.
هذه التعديلات الضريبية تهدف إلى محاربة التهرب الضريبي والمضاربة العقارية، ويضاف إليها أن بعض العقارات الراقية تخضع لضريبة “الإقامة ذات القيمة العالية” (High-Value Residence Tax).
إجراءات مزاولة مهنة الوساطة العقارية
في سياق تنظيم القطاع، أعادت وزارة التجارة التركية النظر في اللائحة المنظمة لتجارة العقارات، وتضمّنت هذه التعديلات تشديدًا على رخصة الوساطة العقارية، وإلزام إدراج الوسطاء في نظام إلكتروني، وضمان تسجيل العمليات العقارية إلكترونيًا.
ومن أبرز البنود:
يجب على الوسيط أن يحمل ترخيصاً مهنياً معتمداً.
لا يُسمح للوسطاء غير المرخّصين بنشر أو إدارة عقود بيع أو تأجير نيابة عن الغير.
تشكّل قاعدة بيانات وطنية للعقارات تهدف إلى مراقبة عمليات البيع والشراء والإعلانات.
خلفية سوق العقارات التركية وتحولات 2025
تمتاز تركيا بموقع جغرافي يربط بين أوروبا وآسيا، وبسوق عقارات نشط يجذب المستثمرين المحليين والأجانب. وفقاً لمصادر 2025، فإن زيادة الأسعار والعرض القوي أسّسا لبيئة من المضاربات وارتفاع الإيجارات، ما دفع الحكومة إلى التدخّل التشريعي.
ومع ذلك، تُشير التوقعات إلى أن هذه التعديلات ستساعد في إعادة التوازن إلى السوق، خصوصًا في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنطاليا وإزمير، حيث ارتفعت أسعار المتر المربع بنسبة ملحوظة خلال السنوات الماضية.
تداعيات التعديلات على المشترين والمستأجرين والمستثمرين
المشترون المحليون
سيجد المشترون المحليون أن هناك حماية أكبر من الإعلانات المضلّلة والممارسات غير القانونية، إذ أصبحت القوانين تشترط إعلانًا واضحًا ومعلومة صحيحة في الإعلانات العقارية عبر الإنترنت. كما أن الإصلاح الضريبي قد يرفع من تكلفة الملكية، لكن في المقابل يوفر بيئة شرعية أفضل.
المستأجرون
من ناحية المستأجرين، يتوقع أن تؤدي الضوابط الجديدة إلى استمرار نمو العروض وتأخير ارتفاع الإيجارات، خصوصًا مع مراقبة عملية الإعلانات. ومعظم الوسطاء سيخضعون لرخصة، ما يقلّ من الممارسات غير الرسمية.
المستثمرون الأجانب
المستثمرون الأجانب سيفرض عليهم أن يكونوا أكثر اطلاعًا على القوانين الجديدة، خاصة تلك المرتبطة بقيمة العقار المطلوبة للحصول على الإقامة أو الجنسية، وضرورة الاحتفاظ بالعقار لمدة محددة قبل بيعه. لكن من الجانب الآخر، فإن وجود إطار قانوني أكثر قوة يعزّز من جاذبية تركيا كوجهة استثمارية.
التحديات والفرص
من التحديات التي تبرز:
تطبيق التعديلات فعلياً على الأرض، خصوصًا في المناطق الريفية أو حيث توجد مقاومة محلية.
إمكانية أن تزيد التكاليف على المساكن، ما قد يؤخر بعض المشترين المحليين ذوي الدخل المحدود.
الحاجة إلى رفع الوعي لدى الوسطاء والمشترين بالأحكام الجديدة.
أما من الفرص:
خلق سوق عقارات أكثر استقرارًا وأقل تشوّشًا إعلانيًا، ما يعزز ثقة المستثمرين.
جذب مستثمرين جدد يبحثون عن بيئة قانونية صلبة.
تحسين صورة تركيا دوليًا كسوق عقاري ناضج ومنظم.
ما القادم؟
من المنتظر أن تشهد نهاية عام 2025 وبداية 2026 مراحل تنفيذ إضافية لهذه القوانين، مثل الانتقال الكامل إلى القيمة السوقية لضريبة الملكية، وتفعيل المنصة الوطنية الموحدة للإعلانات العقارية.
كما يُحتمل أن يتم تحليل نتائج هذا التنظيم في المدن الكبرى وتوسيع رقعة الرقابة إلى المناطق المجاورة والسياحية.