العرب في تركيا بين العمل والمعيشة.. صبرٌ وأمل في واقع متغير
إسطنبول – نيو ترك بوست
منذ أكثر من عقد، تحولت تركيا إلى واحدة من أهم وجهات العرب الباحثين عن الاستقرار والعمل والتعليم، لكن الواقع اليوم أصبح أكثر تعقيدًا مع تزايد تكاليف المعيشة وتغيّر قوانين الإقامة.
في المقاهي الشعبية والمناطق التي يسكنها العرب، يمكن بسهولة سماع كلمات مثل “صبرنا.. وربنا يسهل”، تلخص حالة يعيشها مئات الآلاف ممن وجدوا في تركيا وطنًا ثانيًا رغم التحديات.
🏙️ تكاليف المعيشة تضغط على الجميع
تشير البيانات الرسمية إلى أن معدل التضخم في تركيا تجاوز 65% سنويًا، ما انعكس بشكل مباشر على إيجارات المنازل وأسعار المواد الغذائية.
في مناطق مثل إسنيورت وباغجلار والسلطان غازي، حيث تتركز الجاليات العربية، ارتفعت الإيجارات خلال عام واحد بنسبة تتراوح بين 40 و60%.
“كنا بندفع 6 آلاف ليرة في الشقة، النهارده الإيجار بقى 11 ألف”،
هكذا يروي محمود (34 عامًا)، وهو مصري يعيش في إسطنبول منذ 4 سنوات.
ورغم الضغوط، يرى محمود أن الحياة في تركيا “ما زالت أرحم من الغربة في أوروبا بدون أوراق”.
💼 فرص العمل تتفاوت بين المدن
يتركز أغلب العرب العاملين في مجالات الخدمات والصناعة والتعليم.
لكن مع تشديد قوانين الإقامة والعمل، أصبحت الوظائف الرسمية مقصورة على من يملك تصريح عمل قانوني.
في المقابل، تنتشر فرص غير رسمية في الورش والمطاعم والأسواق، لكنها بلا ضمان اجتماعي أو تأمين صحي.
وتؤكد إحصاءات وزارة العمل التركية أن أكثر من 120 ألف أجنبي حصلوا على تصاريح عمل خلال عام 2025، من بينهم نسبة كبيرة من السوريين والعراقيين والمصريين واليمنيين.
تقول ليلى (فلسطينية)، تعمل مدرسة لغة عربية في بورصة:
“الراتب ممكن يكون بسيط، لكن الأمان والاستقرار هنا يستحق التعب.”
🧾 إجراءات الإقامة.. بين الأمل والقلق
الحديث عن تجديد الإقامات لا ينقطع داخل الجالية، خاصة مع اختلاف القرارات من ولاية لأخرى.
في إسطنبول وأنقرة، أصبح الحصول على الإقامة السياحية أكثر صعوبة، بينما المحافظات الأخرى مثل سامسون وقونية ومرسين لا تزال أكثر مرونة.
ويشير محامون أتراك إلى أن الالتزام القانوني هو مفتاح البقاء، وأن حالات الترحيل تقتصر غالبًا على “المخالفين والمزورين أو من لا يجدد إقامته في الوقت المحدد”.
❤️ رغم الصعوبات.. الروح العربية حاضرة
ورغم التحديات، لا تغيب الابتسامة عن وجوه كثيرين من أبناء الجالية.
في نهاية الأسبوع، تمتلئ الحدائق والأسواق بالعائلات العربية، يجتمعون على القهوة العربية أو وجبة “منسف” وذكريات الوطن.
يقول خالد من السودان: “اللي جمعنا هنا الغربة، بس اللي مخليها سهلة إننا سوا.”
وتنظم جمعيات عربية فعاليات ثقافية وخيرية بشكل متزايد، بهدف دعم الأسر وتقديم النصائح القانونية والاجتماعية للمقيمين الجدد.
🧭 نظرة نيو ترك بوست
تؤمن نيو ترك بوست أن تجربة العرب في تركيا ليست مجرد “هجرة مؤقتة”، بل تحوّلت إلى واقع مجتمعي واقتصادي متشابك.
ورغم صعوبة المرحلة الحالية، إلا أن كثيرين ما زالوا يرون في تركيا بلد الفرص الممكنة — شريطة الصبر، والالتزام، والتعاون داخل الجالية الواحدة.