كيف نتعامل مع الخذلان؟

كيف نتعامل مع الخذلان؟
كيف نتعامل مع الخذلان؟

كيف نتعامل مع الخذلان؟

يُعتبر الخذلان إحساساً عميقاً ومؤلماً يضم عدّة مشاعر داخلية مُزعجة تعصف بصاحبه، كخيبة الأمل، والإحباط الشديد، والذي قد ينجم عن تعرضه للمُعاناة والأذى النفسي بسبب الآخرين، أو بفعل استيائه من نفسه، أو نتيجة تلقيه صدمةً عاطفيةً قويّة كالخيانة، أو الإحساس بالوحدة وعدم وجود شخصٍ داعم وصادق يثق به ويستند عليه، أو إيمانه المُبالغ به بالآخرين دون وجود معايير وضوابط ملموسة، الأمر الذي يجعله يبني سقف توقعات مُرتفع، ويتمنى الكثير منهم دون دراسة شخصياتهم والتعمق بها بشكلٍ صحيح، فلا يوازن بين ما يريده ويتمناه، وما بين واقع وشخصيّة الطرف الآخر الحقيقية، فينتهي الأمر بسقوطه ضحيّة حسن ظنه وطيبته.

وقد يكون الخذلان من أصعب المواقف التي تمر في حياة المرء، والتي تنعكس عليها العديد من الآثار السلبيّة المؤلمة، لكنه لا يعني توقف الحياة وانتهائها، فالسعادة لا تدوم، والحياة مليئة بالعقبات والمواقف التي وإن سببت له الألم والأذى فهي تُقويه، وتزيد من رصيد خبرته، وتجعله يُحسن الظن والاختيار، خاصةً عندما تصفعه وتمنحه درساً قاسياً يُنير بصيرته، ويفتح له عين الحقيقة؛ ليراها بوضوحٍ، فتُجبره على التعامل بحذرٍ أكبر في المرات القادمة.

طُرق للتعامل مع الخذلان 

يُنصح باتباع الطرق والإرشادات الآتية والتي تُساعد المرء على تجاوز مشاعر الخذلان وخيبة الأمل، وهي:

1- تقبّل الحزن والغضب والتصالح مع الذات: لا يجب على المرء أن يقسو على نفسه بشكلٍ مُفرط أو أن يُبالغ في التظاهر بالقوّة، خاصةً بعد التعرّض لصدمةٍ قويّة تهز مشاعره، كالخيانة، أو الرفض، أو الخذلان من الآخرين، فهذه المواقف الصعبة أكبر من أن تمر دون أن تؤثر به، وتُسبب له الإزعاج، أو القلق، أو الغضب، وبالتالي يجب عليه أن يعترف بها ويتقبلها بدلاً من التظاهر بأنه لم يتأثر بفعلها، أو يجتهد في دفعها وإبعادها عنه في بداية الأمر لينتهي أسيراً لها لاحقاً، وفي نفس الوقت يحتاج لأن يبدأ بالتصالح مع ذاته، وترميم جروحه وعلاجها شيئاً فشيئاً، مُستمداً الدعم والحب من الآخرين، فلا يقطع علاقاته الأخرى، ويحكم عليها بالفشل، أو يرفضها بسبب تأثره بعلاقةٍ غير ناجحة وشخصٍ غير جيّد، وأن ينظر للأمر من جانب آخر وهو أن من يُحبّه يبقى معه للنهاية، وأن من تخلّى عنه وخذله فهو أحق بأن يُخرجه من حياته وينساه، ويستبدله بأشخاصٍ أصدق وأكثر كفاءة يليقون به، ويستحقون مكانةً مميّزة وعظيمة في قلبه.

2- التعبير عن المشاعر بواقعيّة بعيداً عن الوهم: بعد تعرّض المرء مُباشرة للإحباط والاستياء والأذى فإن نظرته للأمور تكون غير واقعية وحقيقية تماماً، حيث إن شعوره بالألم والأذى النفسي الشديد الذي يُمزّقه من الداخل قد يجعله يُبالغ في رؤية المشكلة، ويُضخمها ويعتبرها كارثة كبيرة، لكن مع مرور الوقت تبدأ الصورة بالاتضاح أكثر وتهدأ مشاعره وتُصبح أكثر وعياً، ويُسيطر عقله على الموقف ويبدأ في تقبله، وبالتالي فإن تعبيره عن مشاعره وسؤال نفسه عنها سيُساعده على تحجيم الأمر بشكلٍ أدق، وذلك باتباع الطرق الآتية: 

  • طلب النُصح والتحدّث إلى صديق موثوق: يُساعد التحدث إلى صديق حكيم وهادئ ومُقرب للمرء ومتعاطف بشأن موقفه على تنوير عقله وبصيرته وتقديم النُصح والإرشاد له، ويُفضل أن يكون هذا الشخص أكبر سنًا وله خبرة جيّدة في الحياة.
  • الكتابة وتدوين المشاعر: حيث إن التعبير عن المشاعر الداخليّة المُختلطة من غضب، واستياء، وحزن، وخوف على الورق تُساعد على تفريغ جزءٍ من المشاعر السلبيّة التي يحملها المرء على ظهره، ومن جهةٍ أخرى فقراءتها والتمعّن بها والتفكير بحلول لها واقتراح بدائل وأفكار لتجاوزها قد تكون بوابة الأمل والخروج منها، شرط التزام الخصوصيّة وعدم الإفصاح عنها، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، أو غيرها؛ لتجنب النقد والتعليقات السلبيّة التي قد تزيد الأمر سوءاً.
  • مُقارنة الموقف الحالي بمواقف أصعب: يُمكن مُقارنة الموقف الحاليّ الذي قد يبدو في نظر المرء كارثةً كبيرة بمواقف أخرى أصعب لأشخاصٍ آخرين من حوله؛ حتى يُهوّل على نفسه الأمر، ويشعر بصغر الموقف مُقارنةً بأمور أسوء وأكثر خطورةً فيبدأ بتدارك مشاعره والسيطرة عليها، ثم التخلّص منها، خاصةً عندما يرى غيره ممن يمرون بظروفٍ أصعب يتداركونها ويُحاولون التعامل معها وحلها رغم سوءها وصعوبتها أيضاً.

3- قطع الاتصال بالشخص المُتسبب بمشاعر الخذلان للمرء: تأتي خطوة إنهاء العلاقات غير الآمنة التي تُهدد سعادة المرء كخطوةٍ هامة في استعاد اتزانه والبحث عن استقرار حياته وسلامه الداخليّ، وذلك من خلال المضيّ قدماً وتجنّب الأشخاص المُسيئين عاطفيّاً أو جسديّاً، وقطع الاتصال بهم حفاظاً على كرامته وتمسكاً براحته وسعادته، كما يجب عليه أن يتوقف عن التضحية والتنازل؛ لحماية نفسه، وأن يضع حداً يتوقف عنده فلا يُؤذي نفسه، ويجتهد في التمسك بشخصٍ يُسبب له الاضطراب والأذى العاطفيَ، والصراع الداخليّ الذي يُرهقه من خلال محاولته إصلاح الأمور من جانبٍ واحد، وبالمُقابل استبدال هذا الشخص بأشخاص إيجابيين وصادقين يرفعون من معنوياته ويتمسكون بالعلاقة أيضاً، ويجتهدون في بنائها جنباً إلى جنبٍ معه.

4- التعامل مع المواقف والأشخاص مُستقبلاً بوعيٍّ ونُضجٍ: تأتي هذه الخطوة بعد فهم المرء لمشاعره وتقبّلها والتكيّف معها حتى وإن لم يتمكن من نسيانها، بحيث يصل لقناعة بأنّ ما حدث يجب أن يُصبح من الماضي وأن لا يُسيطر عليه أكثر من ذلك، بل يأخذ الأمر على أنه درس من دورس الحياة وفُرصة للتعلم، وبالتالي يجب الاستفادة منه قدر الإمكان وعدم التأثر به على المدى البعيد، وجعله سبب ومؤثر إيجابي يُساعده على التعامل مع الأشخاص الآخرين والمواقف الأصعب التي ستعترضه دون الوقوع في نفس الخطأ وتكراره، إضافةً لمنحه خبرةً وإمكانيّة تزيد من صحّة قراراته وتجعلها مدروسةً وأكثر وعياً.

5- التمسّك بالأمل ومواصلة الحلم والبحث عن أهداف جديدة: يظن البعض بأن تعرضّهم للخذلان ولخيبات أمل مُتكررة ستجعل منهم أشخاص كئيبين غير قادرين على الابتسام والمضيّ قدماً بتفاؤل ومرح كالسابق، لكنه أمرُ غير صحيح ويعتمد على إرادة المرء ووعيه ورغبته في تجاوز الموقف بقوّةٍ، وبأقل خسارة ممكنة رغم صعوبته وقسوته، فيُجاهد للبحث عن فرص جديدة تُحقق سعادته، وتمنحه المزيد من الطاقة الإيجابيّة، وتَبث في الأمل والتفاؤل من جديد، وذلك بخلق أهدافٍ أخرى مميزة، والإجهاد والمُثابرة في سبيل تحقيقها بغضّ النظر عن المصاعب والضغوطات التي ستعترضه.


 

مشاركة على: