مواقف وبطولات الصحابي الجليل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-
إنه الصحابي الجليل عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولد قبل البعثة المحمدية بعشر سنوات تقريبًا، وتربى في حجر الرسول "صلي الله عليه وسلم"، وسبب ذلك ما أصاب مكة من مجاعة؛ حيث كان أبوه أبوطالب كثير العيال فأحب العباس أخوه - وكان ميسور الحال - ورسول الله "صلي الله عليه وسلم" أن يساعداه، وأن يتحملا عنه فأخذ كل واحد منهما ولداَ من أولاده وكان من نصيب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يكون في ولاية الرسول "صلي الله عليه وسلم".
راية المهتدين، ونور المطيعين، وأقدمهم إيمانا، وزوج فاطمة بنت رسول الله "صلي الله عليه وسلم".
وعن سعد بن أبي وقاص، أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال لعليّ: "أنت مني بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه لا نبي بعدي".
فهو خير شباب قومه وأكثرهم جرأه وإقداما وقد كان من السابقين إلى الإسلام مع صغر سّنه.
الموقف الأول يوم الهجرة النبوية
وما فعله عليّ بن أبي طالب في الهجرة النبوية الشريفة حينما طلب منه النبي أن ينام مكانه في فراشه لكي يرُد الأمانات إلي أصحابها أبدى استعداده والتحف بردتُه ونام مكانه رغم أنه يعلم بالمخاطرة، ولما حاصر زعماء مكة بيت النبي "صلي الله عليه وسلم" يُرِيدون قتله، أعمى الله عز وجل أبصارهم وخرج من بينهم آمن وكاد القوم أن يقتلوا عليًا ظن منهم أنه النبي عليه الصلاة والسلام ولما تفاجئوا بوجود عليَ اشتد غضبهم قال أحد هم: قسم لأقلتن عليّ إلا أن رد عليه آخر وقال: لو كان لنا ألف حُجة لقتل محمد ما حُجتنا لقتل عليّ، ثم انصرفوا يبحثون عن النبي "صلي الله عليه وسلم".
الموقف الثاني يوم بدر
في بداية غزوة بدر برز من المشركين عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فخرج للقائم فتية من الأنصار، فنادوا: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال النبي "صلي الله عليه وسلم":
"قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا عليّ"، فبارز عبيدةُ عتبة، وبارز حمزةُ شيبة، وبارز عليَ الوليد.
فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وكذلك فعل عليَ مع خصمه، وأما عبيدة وعتبة، فقد جرح كلاهما الآخر، فَكَرّ حمزة وعلي بسيفيهما علي عتبة فأجهزا عليه، وحملا صاحبهما.
الموقف الثالث يوم الخندق
خرج عمرو بن عبد ودَ وكان فارس مغوارًا، وهو مقنع بالحديد أي مستتر، فنادى: من يبارز؟ فقام عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقال: أنا له يا نبيَّ الله، فقال "صلي الله عليه وسلم": إنه عمرو، اجلس"
ثم نادي عمرو: ألا رجل يُبارزني؟ فجعل يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قُتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون إليّ رجل؟ فقام عليّ رضي الله عنه، فقال أنا يا رسول الله، فقال "صلي الله عليه وسلم": "اجلس"، ثم نادي الثالثة، فقال: فذكر شعر.. قال: فقام عليّ رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أنا فقال إنه "عمرو بن عبدودّ"
فقال: وان كان عمر، فأذنَ له رسول الله "صلي الله عليه وسلم" فمشى إليه حتى أتي وهو يقول:
لا تعجلنَ فقد أتاك .. مُجيب صوتك غير عاجز
في نية وبصيرة .. الصدق مُنجي كل فائز
إني لأرجو أن أقيم .. عليك نائحة الجنائز
فقال له عمرو: من أنت؟ قال أنا عليّ، قال: بن عبد مناف؟
قال: أنا عليّ بن أبي طالب، فقال: يا ابن أخي من أعمامِك من هو أسن منك، فاني أكره أُريق دمُك، فقال له عليّ: لكن والله، لا أكره أن أُريق دمُك، فغضِبَ فنزل، وسل سيفهُ كأنهُ شعلة نار، ثم أقبل نحو عليّ، رضي الله عنه، مُغضب، واستقبله عليّ بخوذتهُ، فضربه عمرو في خوذتهُ فقدّها، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربهُ عليّ على حبل عاتقه (موضع الرداء من العنق) فسقط عمرو وثار الغبار، وسمع رسول الله "صلي الله عليه وسلم" التكبير، فعرفنا أن علي قد قتله ثم أقبل عليّ رضي الله عنه نحو رسول الله "صلي الله عليه وسلم" ووجهه يتهلل، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه هل أخذت منه درعه؟ فإنه ليس للعرب درع خير منها؟ قال: ضربته فاستقبلني بعورتهِ، فاستحييت ابن عمي أن أخذه منه.
يوم خيبر
كانت الراية مع عليّ بن أبي طالب، وتحصن اليهود ولما بدأ لقتال بين المسلمين واليهود، شن المسلمون هجومهم على الحصون فبدأت تنهار تحت وطأتهم حصن بعد حصن، وخرج من الحصون فارس يهودي يُدعي مرحب فنادى المسلمون: من يبارز؟ فضرب علي مرحباُ ففلق رأسه، وكان الفتح، وسقطت كل الحصون وانتصر المسلمون.
علمه
أخرج ابن سعد، عن عليَ رضي الله عنه، قال: "والله ما نزلت آية إلا وقد علمتُ فيمَ نَزلت، وأين نَزلت، وعلى من نَزلت، إن ربي وهبَ لي قلب عقول، ولسان صادق ناطق، هكذا كان علي بن أبي طالب بطل شجاعًا، عالم زاهد.
استشهاده
وبعد رحلة مباركة قضاها عليّ في الإسلام مدافعا عنه أُستشهد ورسول الله عنه رضيٍ، بعد أن قتله عبد الرحمن ابن مُلجم عليه من الله ما يستحق، وغسله ابناه الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر، وصلى عليه الحسن رضي الله عنه.